كتاب ومقالات

ما هي القدرات البشرية ؟

أنمار مطاوع

حسب تعريف للأمم المتحدة: القدرات البشرية هي (العملية التي يطوّر من خلالها الأفراد والجماعات والمنظمات والمؤسسات والمجتمعات قدراتهم -بشكل فردي وجماعي- لتحديد الأهداف وتحقيقها، وأداء الوظائف، وحل المشكلات، وتطوير الوسائل والظروف المطلوبة لتمكين هذه العملية).

بمعنى أن الهدف الأساس من تنمية القدرات البشرية هو الوصول لأقصى قدر من الإمكانات والقدرات؛ بالجهدين: الفردي والجماعي (للمساهمة في تنمية الدولة بشكل كامل في جميع أنشطتها بقدر عال من جودة الأداء).

القدرات البشرية ليست مجرد توجه سياسي أو اقتصادي.. ولكنها توجه فكري وإنساني يجعل من الفرد عضوا فاعلا في العجلة الحضارية. كما أن لها طابعا فريدا في الاهتمام برأس المال البشري في المقام الأول. هذا الطابع الفريد يعني أن المسؤولية تنتقل بشكل سريع من القمة إلى القاع.. ومن القاع للقمة.

المرحلة الأولى تبدأ من أساس بناء القدرات؛ وهو على المستوى المجتمعي يبدأ من مرحلة التعليم والمعارف الأولية. فالأساس التعليمي يعمل على توسيع القاعدة لحدودها القصوى لتمكين الفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام من المساهمة في (كافة الأنشطة بكفاءة عالية).. وهذه المسؤولية تشرف عليها الدولة بشكل كبير ومباشر. لكن الأفراد والقطاعات والمنشآت لهم دور عميق وأثر فاعل أيضا في هذه التنمية. فتنمية القدرات تنظر إلى تنمية الفرد على أنها جزء أساس في السلوك الجماعي.. وهذا يحتاج إلى تعزيز وتقوية القدرات -بشكل عام- في أربعة اتجاهات: الأفراد، المنظمات، القطاعات، والبيئة التمكينية.

من جانب القطاع العام، بناء القدرات يحتاج إلى جهد مقنن تقدمه كل قطاعات الدولة؛ على سبيل المثال، المؤسسات الأكاديمية يقع على عاتقها مسؤولية تجويد العمل الأكاديمي واستخدام مخرجاته في تنمية الطالب خلال مرحلة التعلم، والموارد البشرية يقع على عاتقها صناعة المهارات والمعرفة والقيادات الوظيفية، والإعلام يقع على عاتقه نشر المعلومات والمعارف.. وهكذا.

على الجانب الآخر، المنشآت الخاصة يقع على عاتقها تطوير رأس مالها البشري ليصل خطوط التماس البعيدة في الوعي والمعارف الحياتية والوظيفية.. والخروج من عنق تأهيل الموظف لأداء العمل.. لتصل إلى الحدود القصوى في صناعة كفاءات بشرية عصرية حديثة عبر مسارات تعلُّم مرنة ومناسبة تستطيع أن تتعامل مع عالمية الإنسانية. مع تطوير الهياكل الإدارية وتنحية الكفاءات الناقصة والضعيفة.. ورفع جودة الإجراءات الإدارية.

بناء القدرات يتجاوز مفهوم التأهيل.. فهو يشمل أولا تطوير الموارد البشرية بحيث تؤسس لرفع درجات الوعي الفردي للتعامل مع الذات، وتنسيق المعلومات، وفهم الواقع. ثم رفع مستوى الأداء الفعّال عن طريق التدريب من ناحية، وتطوير الهياكل الإدارية والعمليات والإجراءات من ناحية أخرى.. مع التركيز على أن هذه التروس المتداخلة لا تتحرك إلا بقدرات قيادية وإدارية تتمتع بالمهارات العالية. كل ذلك سيؤثر إيجابا على تلاحق خطى التنمية ويعطي الفرصة للتغييرات السريعة؛ ففي هذه الحالة.. التغيير هو المعيار.

القدرات البشرية: القيم، السلوكيات، المهارات الأساسية، مهارات المستقبل، المعارف.. تنظر إلى الأفراد على أنهم أصول؛ سواء أكانوا طلبة أو موظفين أو متقاعدين أو مواطنين. السؤال الذهبي الذي يجب أن يجيب عنه كل سعودي بعد طرح سمو ولي العهد لبرنامج تنمية القدرات البشرية: ما هو دورك في تنمية القدرات البشرية؟