أخبار

الملا برادر يقود الوساطة.. هل يؤيد العسكر مبادرة خان ؟

الأحزاب تفتح النار على الحكومة.. وطالبان باكستان تنفي الحوار مع إسلام أباد

كتب: فهيم الحامد Falhamid2@

إذا كانت إسلام أباد أكثر الدول التي استفادت من سيطرة طالبان على أفغانستان جيوستراتيجيا؛ فإن باكستان أيضا أمامها تحديات جمة وقد تكون الخاسرة إذا لم تستخدم أوراقها السياسية والأمنية بامتياز في التحولات الجارية في المشهد الأفغاني؛ وتحويل التحديات الأمنية إلى فرص باعتبار أن وجود طالبان باكستان وهي عدو لدود للجيش الباكستاني الذي يعتبرها أحد المخاطر الرئيسية للأمن القومي، وهي بمثابة «عش الدبابير» الذي انفتح منذ سنوات وتسبب في إدخال باكستان في حرب مفتوحة مع طالبان.لقد فوجئ المراقبون السياسيون بإعلان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أن حكومته تجري مباحثات مع مجموعات تابعة لحركة «طالبان باكستان»، من أجل التوصل إلى اتفاقية نزع سلاحها وتحقيق المصالحة، وأن هناك مجموعات مختلفة داخل الحركة ترغب في التوصل إلى اتفاقية سلام مع الحكومة، وإذا نجحت تلك المحادثات في التوصل إلى تفاهم حول «نزع السلاح»، فإن إسلام أباد ستصدر عفوا عن أفراد الجماعات الموقعة على الاتفاق.

واستغرب المراقبون عدم حصول خان على ثقة الأحزاب السياسية التي فتحت النار على حكومته بسبب إعلانه الحوار مع حركة إرهابية قتلت الآلاف من أفراد الجيش والشعب. وطالب حزب نواز شريف بمساءلة عمران خان عن هذه الخطوة وعدم طرحها في البرلمان لأخذ ثقة الشعب.. فيما دافع عدد من الوزراء عن إعلان خان بقولهم: إن الحوار هو السبيل لإنهاء الإشكاليات الحالية.

وتساءلت مصادر باكستانية إن كانت المؤسسة العسكرية تؤيد فتح الحوار مع طالبان.. وعلمت «عكاظ» من مصادرها أن نائب حكومة تصريف الأعمال الأفغانية الملا برادر أخوند يقود الوساطة بين حكومة عمران وطالبان باكستان.. ولكن ما هو موقف طالبان باكستان؟ بحسب ما أفادت وسائل إعلام باكستانية فإن طالبان الباكستانية -المعروفة في باكستان بتحريك طالبان باكستان TTB- نفت إجراء محادثات مصالحة مع الحكومة، إلا أنها أعلنت وقف إطلاق النار في منطقة وزيرستان حتى 20 أكتوبر بحسب قناة «جيو تي في».

يذكر أن «طالبان باكستان» ناشطة بشكل كبير في مناطق شمال غربي باكستان المتاخمة لأفغانستان والمعروفة بوزيرستان وتقاتل الحكومة منذ سنوات وتسعى لإقامة ما تسميه «دولة إسلامية» ولكن ليس على غرار مفهوم تنظيم داعش. ففي وقت سارعت فيه باكستان للترحيب بعودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان الشهر الماضي، يرى محللون ودبلوماسيون أن على إسلام أباد أن «تشعر بالقلق» بسبب التحديات الأمنية والمخاطر التي تواجهها، بسبب قوة طالبان باكستان وتغلغلها في الداخل الباكستاني. من جهته، اعتبر السفير الباكستاني السابق في واشنطن حسين حقاتي أن الخطر الأمني الأكبر للباكستان يتمثل بجماعة طالبان الباكستانية، والتي ستتشجع بالتأكيد من نجاح الحركة في أفغانستان، متوقعا أن تحاول الحركة تكرار ما حدث في أفغانستان على الأقل بمناطق البشتون؛ والبشتون هم مجموعة عرقية موطنها أفغانستان وشمال غرب باكستان، يتواجد غالبيتهم في المنطقة الحدودية بين البلدين وغالبيتهم من طالبان. فيما قالت الزميلة في برنامج السياسة الخارجية في مؤسسة بروكينغز الأمريكية مديحة أفضل: “نظرا لصلات طالبان الأفغانية مع طالبان الباكستانية، سواء العملياتية أو الأيديولوجية، فإن على باكستان حقا أن تقلق بشأن المخاطر المرتقبة، لاسيما الهجمات الأمنية.. وأفرجت حركة طالبان أفغانستان عن مئات المعتقلين من أفرادها في السجون الأفغانية وهي في طريقها إلى كابول. ومن ضمن الذين أفرج عنهم قيادات معروفة في طالبان باكستان من بينهم مولوي فقير محمد زعيم الحركة الذي تعهد بمواصلة الهجمات على باكستان. ويرى أسفنديار مير، الباحث المرتبط بجامعة ستانفورد، أن إستراتيجية باكستان لدعم صعود طالبان في كابول هي مقامرة، «وتعتقد باكستان أنها قادرة على قطع التضامن بين طالبان أفغانستان وطالبان وإدارة العلاقة مع كليهما بطريقة مستقلة. و«علينا ألا نلغي احتمال إدارة باكستان هذه الرقصة غير المريحة، ولكنها ستترك تداعيات سلبية، وستحاول طالبان مقاومة طالبان ويزداد العنف».

وبدأت حركة طالبان باكستان التي تحمل اسم الحركة الأفغانية نفسه لكنها منفصلة عنها حملة من الأعمال الإرهابية في 2007. ومنذ ذلك الحين قتل آلاف المدنيين ومن عناصر قوات الأمن الباكستانية في هجمات محددة الأهداف وتفجيرات تبنتها الحركة الإسلامية المناهضة للحكومة. وحركة طالبان الباكستانية هي جماعة متمردة منفصلة عن حركة طالبان الأفغانية، بالرغم من أن الجماعات المسلحة الباكستانية غالبا ما تكون مترابطة مع تلك الموجودة عبر الحدود في أفغانستان، وتعول حكومة رئيس الوزراء عمران خان على مساعدة نظام طالبان الجديد للحد من طموحات الحركة الباكستانية.ورفعت طالبان باكستان وتيرة هجماتها داخل الأراضي الباكستانية وعلى الحدود مع أفغانستان، منذ أن سيطرت طالبان الأفغانية على كابول. واستهدفت معظم الهجمات قوات الجيش والأمن ما أثار قلق إسلام أباد، لاسيما أن الحركة رفضت عرض حكومة خان التفاوض معها مقابل العفو.