كتاب ومقالات

معرض كتاب.. مختلف !

حسين شبكشي

تعتبر معارض الكتاب في العالم العربي تحديداً مؤشراً في غاية الأهمية لقياس تطورات وتغيرات المزاج الثقافي العام والتوجهات الفكرية والاجتماعية الجديدة في المجتمعات المعنية. فبقدر ثقة وجرأة وشهية المشرّع على الانفتاح على دور الناشرين والعناوين المثيرة للجدل تكون النقلات النوعية في تطور معالم وتركيبات الفكر النقدي في المجتمع ومركباته المختلفة. وفي هذه الأيام تستضيف العاصمة السعودية الرياض معرض الرياض الدولي للكتاب، والذي تأجل انعقاده عن موعده التقليدي في شهر مارس من العام الماضي بسبب جائحة كوفيد – 19 المدمرة. ويأتي المعرض هذه المرة، وهو يشهد نقلة نوعية في نوعية المعروض من عناوين الكتب ومواضيعها، وانفتاح محمود على دور نشر مهمة جداً من لبنان وسوريا والعراق والأردن لم تكن من المشاركين في المعرض سابقاً لأسباب مختلفة كلها باتت معروفة اليوم وتنتمي إلى حقبة مضت نسأل الله أن لا تعود. ومن المهم جداً الإشادة أيضاً بأهمية الحضور الفعّال والمؤثر لدور النشر المشاركة من مطابع أهم الجامعات الأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية وما ينتجونه سنوياً في أهم مجالات العلوم والآداب والفنون والأفكار، وهذا أيضاً يعتبر إضافة نوعية في غاية الأهمية. وجاء الترتيب والإعداد للمعرض بشكل لافت ومبهج يليق بالتحولات التي تشهدها السعودية اليوم بشكل عام وتحديداً في نهج التميز والإبداع الذي يخص استضافة المناسبات الكبرى. معرض الرياض بات يحتل موقعه المهم والمميز وسط أهم معارض الكتاب في العالم العربي يتنافس في ذلك مع معرضي الكتاب في كل من القاهرة والجزائر، ولكن اللافت في معرض الرياض هو الحرص الواضح على إحداث نقلات نوعية في كل معرض يلحظها جميع المعنيين، سواء أكانوا من الزوار أو المشاركين من دور النشر. ويصاحب فعاليات المعرض هذا العام برنامج جيد ومتنوع مكون من أمسيات شعرية ومحاضرات ثقافية وحفلات موسيقية في دلالة واضحة وصريحة أن المعرض سيعامل من الآن فصاعداً كفرصة استثمارية واقتصادية وجزء من الفعاليات الثقافية والسياحية والترفيهية المتكاملة، وهذا في حد ذاته يعتبر تغييراً محورياً وجوهرياً في أسلوب التعاطي والتعامل مع هذه المناسبة المهمة، بفتح فرص المشاركة والتفاعل مع فعالية مهمة كمعرض الكتاب وتوسيع قاعدة المشاركين فيه بدلاً من قولبتها في شكل جاد وجامد كما كانت في السابق. معرض الرياض الدولي للكتاب هو مرآة واضحة وصريحة لكل ما يحصل في السعودية اليوم من تغيرات وتطورات، ونجاحه وتميزه هو فاتحة شهية وطموح وتأمل للمزيد في المناسبات والمعارض القادمة.