كتاب ومقالات

ولا في الأحلام

حمود أبو طالب

لو قيل لأحد قبل سنوات قريبة جداً أننا سنكون في هذا الحال الذي نعيشه الآن بكل فرح وبهجة وزهو، فلن يصدق أبداً، بل لن يتخيل أو حتى يحلم بأن يكون هذا الحاضر حقيقة وواقعاً، وربما يكون لديه سبب منطقي لذلك فقد بلغ اليأس منتهاه من تغيير كثير من الأوضاع بسبب الهيمنة التامة والوصاية الجائرة بفرض نمط حياة محدد وفق قناعات متشددة، ضيقة الأفق والرؤية، محدودة الفهم، ومنفصلة عن مقتضيات وحاجات الواقع، وكلما بزغت محاولة حتى لو كانت بسيطة جداً لحلحلة تلك الأوضاع نهضت ضدها أصوات تمتلك قوة الفعل والتأثير كي تستمر مياه الحياة راكدة وآسنة.

لكنها الإرادة القوية هي التي كسرت الحواجز وتجاوزت الرهبة الوهمية من التغيير والاستسلام للوصاية، هو الشعور الحقيقي بالمسؤولية تجاه المجتمع والوطن، ذلك الذي جعل الدولة تزيح عن المجتمع تلك الطبقات المتكلسة الثقيلة من الأعباء النفسية نتيجة واقع متعب، فعندما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لن نعود إلى الوراء ولن نهدر الوقت ولن نعيش عقوداً أخرى تحت وصاية الماضي وعرابيه، كان يعبر عن مسؤولية الدولة وقوتها وحزمها ورؤيتها في ما يتعلق بمصلحة الوطن والشعب.

أشياء كثيرة توالت لتؤكد لنا أن التغيير الجميل ماضٍ ولن يتوقف. لكني أتأمل فقط مناسبتين، إحداهما تحدث الآن والأخرى سيحل موعدها قريباً، هما معرض الرياض الدولي للكتاب وموسم الرياض الترفيهي، تعالوا إلى الرياض وتأملوا تظاهرة معرض الكتاب بكل تمظهراتها الثقافية والاجتماعية والفنية والفكرية، لم تعد المناسبة مجرد بيع كتب وندوات محدودة مشوبة بالحذر كما كان في الماضي، بل حدث شامل مكتنز بكل ما هو جميل، يقدم ملمحاً إنسانياً حضارياً عن المملكة، يستمتع به المجتمع بكل فرح وطمأنينة. وأما موسم الرياض الذي أعلنت بعض تفاصيله يوم أمس فإنه سيكون حدثاً عالمياً بامتياز، حرص القائمون عليه أن يكون في غاية الإبهار والتميز.

فعلاً هي أشياء ولا في الأحلام، لكننا أصبحنا نعيشها بلذة وحب واعتزاز بالوطن.