ركنية الفاتحة في الصلاة !
الاثنين / 19 / ربيع الأول / 1443 هـ الاثنين 25 أكتوبر 2021 00:14
نجيب يماني
كتب الأستاذ مشعل السديري في الشرق الأوسط بعنوان (نسيت النوم وأحلامه): (بأن مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة شهد في صلاة عيد الفطر المبارك غلطة غريبة لا تتكرر كثيراً، حيث أعاد إمام المسجد صلاة العيد بعد سهوه عن قراءة الفاتحة في الركعة الثانية من الصلاة بعدها تذكر الإمام وأخذ يصيح قائلاً للمصلين عبر مكبر الصوت لا تجوز الصلاة وكررها ثلاث مرات، وقرر إعادة الصلاة مرة أخرى، وأبدى الآلاف من المصلين اعتراضهم على تصرف الإمام وهتف عدد كبير منهم (لا إله إلا الله) وغادرت أعداد كبيرة منهم ساحة المسجد قبل إعادتها)، وقد انتقد الأستاذ مشعل هذا الإمام واحتج عليه بقوله كيف يسهو عن قراءة الفاتحة التي هي أم الكتاب؟
وللحقيقة فإن هناك خلافا بين أئمة الفقه في ركنية الفاتحة في الصلاة وهل من الواجب قراءتها! كما في غيرها من الاختلافات الكثيرة للمسائل الفقهية في حياة المسلم، وهذا من رحمة الله بعباده وسعته عليهم في أمر دينهم ودنياهم، وقد أكد ابن تيمية أن النزاع في الأحكام قد يكون رحمة للعباد، وأن الأمر المختلف عليه بين العلماء لا ينبغي لأحد أن يحمل الناس عليه، وهذا الاختلاف لم يكن ناشئاً عن تعصب أو هوى وإنما كان لطلب الحق ومرضاة الله عز وجل، ولهذا الاختلاف أسبابه الكثيرة منها الاختلاف في القراءات نتج عنه اختلاف في أوجه القراءة فأدى ذلك إلى اختلاف في الفهم والاجتهاد وبالتالي في الأحكام الفقهية التي تنشأ عن هذه الاختلافات.
فقراءة الفاتحة في الصلاة هي أيضاً محل خلاف بين الفقهاء، ففي رواية عن الإمام أحمد أنها (لا تتعين)، ولهذا تجزئ قراءة آية من القرآن في أي موضع كان، وهذا قول أبي حنيفة أيضاً اعتماداً على قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته، فما روي عن أبي هريرة أن رجلًا دخل المسجد فصلّى، ثم جاء فسلّم على النبيّ صلى الله عليه وسلم فردّ عليه السلام وقال: «ارجع فصلّ فإنك لم تصل»، فصلّى ثم جاء فأمره بالرجوع، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقال: والذي بعثك بالحق ما أُحْسنُ غيرها، فقال عليه الصلاة والسلام: «إذا قمتَ إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثمّ استقبل القبلة فكبّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن». فحديث أبي هريرة هذا في تعليم الرجل صلاته يدل على التخيير «اقرأ ما تيسّر معك من القرآن» فدلت عليه الآية الكريمة من جواز قراءة أي شيء من القرآن. ولو كانت قراءة الفاتحة معينة في الصلاة وواجبة ولا يقوم مقامها غيرها من القرآن لأخبره النبي بذلك، ولقوله تعالى (فاقرأوا ما تيسر من القرآن) أي في الصلاة، وهي آية على عمومها ولا يجوز تقييد المطلق القطعي بخبر الواحد وهو قول الثوري وأبي حنيفة أن الصلاة تجزئ بدون فاتحة الكتاب ولا تبطلها، والواجب مطلق القراءة وأقله ثلاث آيات قصار، أو آية طويلة.
لقد بالغ إمام الجامع في ردة فعله هذه، فَلَو أكمل صلاته لكانت صحيحة لأن لها أصلا في الشرع، وهذا من رحمة الله بهذه الأمة. ولهذا اشترط الإسلام أن يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله فهما وعلما ودراية وفقها.
جاء في آية الوضوء قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}. وهذا نص قرآني ومع ذلك ذهب فريق من العلماء إلى أن فرض الرِجلين في الوضوء الغُسل دون المسح وهو قول الجمهور، وذهب فريق آخر إلى أن فرض الرِجلين المسح دون الغُسل وهو قول ابن عباس وأنس بن مالك. وسبب الاختلاف هو القراءة بين النصب والجر وكِلاهما جائز. وفي قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}. فهذا نص ومع ذلك ذهبت عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت إلى أن المُراد بالقروء الإطهار، وذهب أبو بكر وعمر وعثمان وعلي إلى أن المُراد بالقروء الحيض، وبناءً على ذلك اختلفت أقوال الفقهاء واختلفت أزمنة العِدّة التي تعتدها المطلّقة، وعليه فيحق لها أن تأخذ بما يناسبها دون أي لوم يقع عليها. واختلفوا في الإيلاء وفيه نص من القرآن وفي نكاح المُحرم بالحج والعمرة، وفي أقل ما يصح به مهراً في النكاح، وفي التيمم وفي استقبال القبلة واستدبارها في قضاء الحاجة، وفي مقدار نصاب السرقة وفي طواف الحائض وفي زكاة حلي المرأة، فالشيخ ابن باز يوجبها ويخالفه فيها الشيخ ابن منيع والبسام، واختلف الفقهاء كذلك في لمس المرأة هل ينقض الوضوء أم لا؟ وفي ما لا يعد ولا يحصى من المسائل الفقهية المختلف عليها التي راعت مصلحة العباد ورفعت الحرج عنهم وجعلت منهم أمةً وسطًا.
ومتى وقع الخلاف.. امتنع الإنكار.
وللحقيقة فإن هناك خلافا بين أئمة الفقه في ركنية الفاتحة في الصلاة وهل من الواجب قراءتها! كما في غيرها من الاختلافات الكثيرة للمسائل الفقهية في حياة المسلم، وهذا من رحمة الله بعباده وسعته عليهم في أمر دينهم ودنياهم، وقد أكد ابن تيمية أن النزاع في الأحكام قد يكون رحمة للعباد، وأن الأمر المختلف عليه بين العلماء لا ينبغي لأحد أن يحمل الناس عليه، وهذا الاختلاف لم يكن ناشئاً عن تعصب أو هوى وإنما كان لطلب الحق ومرضاة الله عز وجل، ولهذا الاختلاف أسبابه الكثيرة منها الاختلاف في القراءات نتج عنه اختلاف في أوجه القراءة فأدى ذلك إلى اختلاف في الفهم والاجتهاد وبالتالي في الأحكام الفقهية التي تنشأ عن هذه الاختلافات.
فقراءة الفاتحة في الصلاة هي أيضاً محل خلاف بين الفقهاء، ففي رواية عن الإمام أحمد أنها (لا تتعين)، ولهذا تجزئ قراءة آية من القرآن في أي موضع كان، وهذا قول أبي حنيفة أيضاً اعتماداً على قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته، فما روي عن أبي هريرة أن رجلًا دخل المسجد فصلّى، ثم جاء فسلّم على النبيّ صلى الله عليه وسلم فردّ عليه السلام وقال: «ارجع فصلّ فإنك لم تصل»، فصلّى ثم جاء فأمره بالرجوع، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقال: والذي بعثك بالحق ما أُحْسنُ غيرها، فقال عليه الصلاة والسلام: «إذا قمتَ إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثمّ استقبل القبلة فكبّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن». فحديث أبي هريرة هذا في تعليم الرجل صلاته يدل على التخيير «اقرأ ما تيسّر معك من القرآن» فدلت عليه الآية الكريمة من جواز قراءة أي شيء من القرآن. ولو كانت قراءة الفاتحة معينة في الصلاة وواجبة ولا يقوم مقامها غيرها من القرآن لأخبره النبي بذلك، ولقوله تعالى (فاقرأوا ما تيسر من القرآن) أي في الصلاة، وهي آية على عمومها ولا يجوز تقييد المطلق القطعي بخبر الواحد وهو قول الثوري وأبي حنيفة أن الصلاة تجزئ بدون فاتحة الكتاب ولا تبطلها، والواجب مطلق القراءة وأقله ثلاث آيات قصار، أو آية طويلة.
لقد بالغ إمام الجامع في ردة فعله هذه، فَلَو أكمل صلاته لكانت صحيحة لأن لها أصلا في الشرع، وهذا من رحمة الله بهذه الأمة. ولهذا اشترط الإسلام أن يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله فهما وعلما ودراية وفقها.
جاء في آية الوضوء قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}. وهذا نص قرآني ومع ذلك ذهب فريق من العلماء إلى أن فرض الرِجلين في الوضوء الغُسل دون المسح وهو قول الجمهور، وذهب فريق آخر إلى أن فرض الرِجلين المسح دون الغُسل وهو قول ابن عباس وأنس بن مالك. وسبب الاختلاف هو القراءة بين النصب والجر وكِلاهما جائز. وفي قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}. فهذا نص ومع ذلك ذهبت عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت إلى أن المُراد بالقروء الإطهار، وذهب أبو بكر وعمر وعثمان وعلي إلى أن المُراد بالقروء الحيض، وبناءً على ذلك اختلفت أقوال الفقهاء واختلفت أزمنة العِدّة التي تعتدها المطلّقة، وعليه فيحق لها أن تأخذ بما يناسبها دون أي لوم يقع عليها. واختلفوا في الإيلاء وفيه نص من القرآن وفي نكاح المُحرم بالحج والعمرة، وفي أقل ما يصح به مهراً في النكاح، وفي التيمم وفي استقبال القبلة واستدبارها في قضاء الحاجة، وفي مقدار نصاب السرقة وفي طواف الحائض وفي زكاة حلي المرأة، فالشيخ ابن باز يوجبها ويخالفه فيها الشيخ ابن منيع والبسام، واختلف الفقهاء كذلك في لمس المرأة هل ينقض الوضوء أم لا؟ وفي ما لا يعد ولا يحصى من المسائل الفقهية المختلف عليها التي راعت مصلحة العباد ورفعت الحرج عنهم وجعلت منهم أمةً وسطًا.
ومتى وقع الخلاف.. امتنع الإنكار.