كتاب ومقالات

الأطفال ضحايا الحوادث المرورية

عقل العقل

في شهر أبريل الفائت غرد وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، على حسابه في موقع تويتر، عن انخفاض نسبة الحوادث المرورية الجسيمة خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة 34%، وانخفاض أعداد الوفيات المرورية في المملكة بنسبة 51%، فقد كانت سابقا 28 وفاة لكل 100 ألف نسمة لتصبح الآن 13.5 وفاة لكل 100 ألف نسمة.

وأرجع سموه هذا الانخفاض بسبب التوظيف الأمثل للتقنية، وكلنا يعرف أن أغلب شوارعنا وخاصة في المدن الرئيسية مغطاة بالكاميرات التي تضبط الحركة المرورية سواء من حيث السرعة داخل المدن أو على الطرق السريعة داخل المملكة، وجميعنا يتذكر في السنوات الماضية الأسباب التي تقف خلف الحوادث المرورية، وكان استخدام الهاتف الجوال في المقدمة، الآن هناك تغطية دقيقة وعادلة ومخالفات مرتفعة لمن يُضبط وهو يستخدم الجوال أثناء القيادة، البعض منا كان يعتقد أن الهدف من الغرامات المرورية والتشدد في تطبيقها هو لسبب مادي، ولكن الآثار التي نشاهدها من انخفاض الحوادث في شوارعنا وانضباط الحركة المرورية وقلة الوفيات والإصابات وما لها من آثار اجتماعية ونفسية واقتصادية على الأسرة والمجتمع يُقنع أن هذا التشدد في المخالفات المرورية وارتفاع قيمتها والحزم في تحصيلها مهم جدا لنا جميعا.

البعض يتساءل هل استخدام التقنية لدى الأجهزة المعنية بالمرور والنقل وحدها كافية لضبط وتطبيق السلامة المرورية لدينا؟ والأكيد أن العنصر البشري في تلك الأجهزة يأتي من ناحية الاهتمام على رأس القائمة رغم وجود بعض القصور والغياب لهذا العنصر أو عدم الفعالية لهم في ضبط الحركة المرورية في شوارعنا.

ما نشهده من تشدد وتطور وتوظيف للتقنية لدينا حد وضبط السلوكيات غير المنضبطة من بعض السائقين، أتذكر في السنوات الماضية الفوضى المرورية خاصة عند الإشارات المرورية المزدحمة، مثل هذه السلوكيات اختفت بعد تغطية الشوارع بأجهزة مراقبة دقيقة توظف الذكاء الاصطناعي في تصوير المخالفين بدقة متناهية، أتمنى أن تكون كل شوارع مدننا وقرانا تحت مراقبة هذه الأجهزة، فحياة الإنسان غالية ولا يمكن تعويضها نفسيا وماليا، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية الهائلة للاقتصاد الوطني جراء الحوادث المرورية التي قد تصل إلى مليارات الريالات.

أتذكر قبل سنة أن مدير المرور أطلق مبادرة مدن خالية من وفيات الحوادث المرورية بحلول عام 2025، وأنه سوف يتم تطبيقها في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، وسوف يتم تطبيقها لاحقا في مدن أخرى، ولا أعرف هل تم تطبيق مثل هذه المبادرات أو أن النسيان طواها للأسف.

قضية أخرى ومن ملاحظات شخصية ألاحظها في شوارعنا وخاصة في الاحتفالات كما في اليوم الوطني وفي الأعياد وفي مناطق التنزه في البر أو عند الشواطئ أو في المصائف، تجد السائقين والأسر لا يهتمون لسلامة أطفالهم أثناء قيادتهم لمركباتهم، بل تجد هؤلاء الصغار يجلسون في المقاعد الأمامية بدون أية اشتراطات للسلامة وبدون وجود كراسي للأطفال التي يفترض أن تكون في المقاعد الخلفية، والغريب أن أجهزة المرور لا تهتم لهذه المسألة، والأكيد أن نظام المرور يشترط مثل هذه الإجراءات ولكن تطبيقها عادة فيه تساهل غير مبرر من الأجهزة الأمنية، فإذا كانت هناك كاميرات دقيقة ترصد استخدام الجوال وربط الحزام بدقة متناهية فلماذا لا توظف هذه التقنية في عملية إجراءات السلامة المرورية الخاصة بصغار السن مثلا؟ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس قالت عبر حسابها على تويتر، إن الحوادث المرورية تعد السبب الأول لوفاة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و14 عاما، مشيرة إلى أنه يمكن تلافي معظمها باستخدام المقاعد المخصصة للأطفال. آمل من المرور والأجهزة المعنية الاهتمام بهذا الموضوع وتطبيق الاشتراطات المنصوص عليها في نظام المرور بشكل حازم حتى نحمي أطفالنا من بعض السلوكيات التي قد يكون دافعها الحب والدلال ولكن خواتيمها كارثية على الطفل والأسرة.