كتاب ومقالات

المُستفِز المُشاكس

أسامة يماني

صنف من البشر يُريد أن يستفزك، وهذا الصنف من البشر تراه في كل مضمار، وفي كل نشاط إنساني. وهم يتنوعون ولكن يتفقون في كونهم مُستفِزين.

هذا الصنف من البشر يُريد أن يلفت الانتباه من خلال استفزاز الآخرين، ويحرص على أن يقوم بكل ما هو من شأنه إثارة الأَعْصَابَ وَإفزاعها وَإزعاجهَا. أي أنه شخص مُسْتَفِزٌّ لِلْأَعْصَابِ.

لقد أصبح الاستفزاز صناعة تَدر على صاحبها الأموال والشهرة والمكانة الاجتماعية والأنصار والمتابعين. وهناك من يحترف استخدام الاستفزاز في مواقع التواصل الاجتماعي لكي يحصل على المال من المُستفَز الذي يقع في مصيدة الاستفزاز، ولا يتمالك أعصابه فيسب أو يتعدى لفظياً على هذا المُستفِز. فيقوم بتقديم شكوى ضد المُستفَز، مما يضطر المُستفَز لدفع تعويض مالي للمُستفِز.

صناعة الاستفزاز وسيلة يحترفها البعض للحصول على الشهرة. وهي طريقة للحصول على المتابعين وتسليط الأضواء على أصحابها، وكل ذلك من خلال الإثارة، كما يقول المثل المعروف «خالف تُعرف». والمُخالفة للشهرة إحدى أهم وسائل الاستفزاز.

إن المُخالفة التي يُقصد بها الخروج عن المألوف لا لشيء سوى الشهرة، تدل على نقص في صاحبها. ولهذا يقول أبو العلاء المعري:

لو لم تكن في القوم أصغرهم

ما بان فيك عليهم كِبرُ.

«خالف تُعرف» كما يقول علماء النفس سلوك متجذر في نوعين من الشخصيات:

النوع الأول: «العقلاني» الذي يبحث ويُعمل عقله في المألوف وغير الشائع للآخرين، ويتهمه البعض بأنه يُخالف من أجل المخالفة، ولكنه في الواقع يبحث عن الحقيقة والمعرفة، وهذا النوعي من الشخصيات ليس محل موضوعنا.

النوع الثاني: المُستفِز، وهو الشخصية المقصودة في موضوعنا هذا، وهو الذي يُخالف باستمرار السائد في المجتمع، وهذه الشخصية تُحب أن تكون محط الأنظار، ولكي تصل لهذا الهدف تقوم بمخالفة السائد لمجرد المُخالفة.

أما أنماط التفكير الأخرى مثل «العقلاني» و«النظامي» و«المثالي» فهي شخصيات لا علاقة لها بشخصية المُستفِز أو المشاكس الذي يرى علماء النفس أنه سلوك «يأتي دائماً من الأشخاص المُتكبرين الذين يُوهمون أنفسهم أنهم يعرفون كل شيء، وأن لا شيء يستطيع أن يقف أمامهم. والشخص المستفز دائماً يُعاني من التوتر والقلق النفسي، وإن كان يحاول إخفاء هذا. يأخذ الشخص المستفز الاستفزاز على أنه وسيلة للدفاع أمام الآخرين».

لهذا يُنصح دائماً بتجاهل هذه النوعية من الشخصيات، حيث إن التجاهل يجعله يشعر أنه غير مُهم. وكذلك يُنصح بالتعامل معه بكل هدوء؛ لأن الثقة بالنفس تُبطل ما يتطلع إليه المُستفِز من استفزاز للغير.