كتاب ومقالات

المثلية العربية في إيترنلز

بدر بن سعود

فيلم (ذا إيترنلز) أو (الأبديون)، كان سيعرض في دول الخليج والمنطقة العربية يوم 11 نوفمبر الجاري، ولكن هذا لن يحدث لاحتوائه على مشاهد جنسية وتطاوله على الذات الإلهية، رغم أن الفيلم مصنف للمشاهدة العائلية وليس للأشخاص فوق 18عاماً، ولولا مكابرة شركة والت ديزني المسؤولة عن توزيعه، وإصرارها على عدم معالجة المشاهد المسيئة لما رفض عرضه، ولم أفهم بصراحة لماذا اختيرت شخصية الأمريكي المسلم من أصول عربية، ليكون طرفاً في زواج مثلي بين أبطال خارقين، ثم تأتي أنجلينا جولي وتقول بأن التصرف لا يصدر إلا من أشخاص لا يرون الجمال في العلاقة المثلية، وتصادر تماماً رأي وحرية الآخرين في التعبير عن مواقفهم المختلفة معها ومع الفيلم.

المثلية موجودة من أيام الفيلسوف اليوناني أفلاطون، ولها حضور تاريخي في شرق آسيا وفي الأدب الصيني، وكانت جزءاً من تقاليد السموراي في اليابان، وسمحت الدولة الصفوية بقيام بيوت لممارسة المثلية وفرضت الضرائب عليها، واعترف العثمانيون بالمثلية في عام 1858، وسارت تركيا الحديثة على النهج العثماني، مع أن كل الأديان الإبراهمية ترفضها بالمطلق.

ما سبق لا يعني التسامح والتطبيع مع ظاهرة المثلية الجنسية، أو حتى التسليم مجازاً بأنها مشكلة جينية، فقد أكد عراب التحليل النفسي سيغموند فرويد، قبل أكثر من مئة عام، أن المثلية اضطراب نفسي، وهو بالضبط ما تضمنه بحث نشرته مجلة نيتشر المعروفة في 2019، واعتبرها الدليل التشخيصي للأمراض النفسية اضطراباً سيكوباتياً مضاداً للمجتمع، حتى 1952، وتم تلطيفها وإدخالها في قائمة الانحرافات السلوكية عام 1968، ثم حذفت بالكامل من الدليل في 1973، وكان ذلك بفعل جماعات الضغط السياسي في مراكز صناعة القرار الغربي، وتحولت بالتالي من مرض نفسي إلى اختيار طبيعي، وأدرجت ضمن المناهج الدراسية للأطفال في المدارس الغربية، بوصفها سلوكيات سوية ومنسجمة منذ 1991، وفي عام 2015 أصبح زواج المثليين مقبولاً على المستوى الوطني الأمريكي.

الدراسات الغربية تعتبر الانضباط الجنسي والعلاقة الطبيعية بين الجنسين سبباً في التطور الحضاري، والأبحاث التي أجريت على مخلوقات ضئيلة كالخنافس، أثبتت أن قيام جنس واحد بكل الأدوار غير ممكن، وحتى المثلية الجنسية في الحيوانات تحدث لأسباب تتعلق بإثبات الذكورية أمام الإناث، أو نتيجة لخلل في حاسة الشم المعنية باستقبال الرسائل الجنسية، ما قد يؤدي إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الذكر أنثى.

المثليون لا يشكلون إلا قرابة 3% من كل مجتمع، وموقف الشركات والشبكات التلفزيونية من المثلية، يحدده وجود أو عدم وجود ألوان قوس قزح في خلفية شعارها، ونحتاج إلى إستراتيجية تعليمية وإعلامية لتعزيز السلوكيات الجنسية السوية بين الأطفال في المجتمعات العربية، وبما يكفل مواجهة هذا المد الذي يستثمر في المثلية، من خلال شخصيات سينمائية أو درامية أو كرتونية، تظهر بصورة جميلة ومحببة لصغار السن على وجه الخصوص.