كتاب ومقالات

اخضلال الوفاء

خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@

•• بروحٍ رطِيبة قصدني وفي قلبه حكاية.. تلقفت وجعه ببسمة تشبه عذوبة قطرات «البَرَد» الغافية؛ ما بك يا صديقي؟!.. قطَّب حاجبيه وكمخ غَضبُه ويداه تحتضنان بعضهما وأجاب بالقول: الناس لم يعد هُمُ الناس، أين ذهب «الوفاء»؟.. أردت إزاحة ظلامه بفك النور من محبسه، فرددت بالمقولة المتداولة: «الدنيا مسألة حسابية، اطرح منها التعب والشقاء، واجمع لها الحب والوفاء، والباقي على رب السماء».

•• لا يتأثر بالشيء إلا من توافر داخل وجدانه وافتقده عند غيره.. وهذا الصديق الذي يقطُر ضياء، وينصهر حباً، ويذوب إخلاصاً؛ كم تصيدت قصص وفائه الرفيع مع من حوله.. وذلك هو المعنى الذي أَدرَكه والأثر الذي سيتركه.. وحين فرت منه الأيام؛ امتلأت عيناه بالدموع لفِراق «الأوفياء»، وفارِقْ «الوفاء» بين السلف والخلف، فيبيت حزيناً كمن شاخ في موقعه يعاند الزمن رافضاً الانصراف.

•• من أصابه «الوفاء» ارتدى حُلَّة بياض المشاعر.. ومن افتقد «الوفاء» كان مثل طائر مهاجر لم يستمتع بدفء الأحاسيس.. ومن يرغب بحالة منفردة من «الوفاء» الساطع الملتهب فليعش في المنطقة العميقة للتفاني بمعانيها الخالدة.. ومن يُرِد نثر كلمات النور في القلوب فلينتشل براكين «الوفاء» باحتواء أجمل تفاصيله.. ومن أعلن الحب فقد اقتحم مملكة «الأوفياء».. مثل لوحة عذراء صنع فتنتها رسَّامٌ محترف.

•• «الوفاء» ساحرٌ بشخوصه وأحداثه ومفاجآته.. والمُرصَّع بمرجان «الوفاء» يرتوي بروعة الكون وبهائه، يتضلَّع منه كقطرات عسل علقت على نسيل الشمع.. والواقف على شاطئ الدنيا بنور «الوفاء» مثل من يقف على محيط نهر يغمس أصابعه في مائه العذب فيشعر بالنقاء.. أما الذي يستقبل من أمره ما أستدبر فيودُّ لو أنه عرف «الوفاء» من قبل.. ومن عرف «الوفاء» لا يصيبه الاعتلال أبداً.