كتاب ومقالات

التعليم بعد الجائحة

عبدالله بن رابح الشريف

كنا إلى وقت قريب وقبيل هجوم جائحة كورونا - كوفيد 19- نجد في الميدان التعليمي دروساً تدرس بطرائق التدريس في القرن التاسع عشر الميلادي مع الأسف الشديد، وعندما انتشرت الجائحة كما تنتشر النار في الهشيم، وتوقفت الحياة وبدأت الدول في اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمكافحة هذا الوباء، بدأت السعودية كأي دولة تعمل على ذلك، ولست هنا بصدد رواية تلك التفاصيل فهي حكاية ملك بطل وشعب وفيّ علِمها القاصي والداني.

وتوقف التعليم.. نعم توقف. فسعت وزارة التعليم حينها لمعالجة ذلك وردم تلك الفجوة ولم تجد أمامها سوى نقل الطلاب للصفوف التي تلي صفوفهم.

وابتدأ العام وما زالت الجائحة ترمي بظلالها على العالم:

ولرب نازلة يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها المخرج

أعلنت الوزارة عن مولود يحمل اسم «منصة مدرستي» بديلاً للتعليم الحضوري تتم فيه عملية التدريس بشكل متزامن ولكن عن بُعد، وبدأت الرحلة التعليمية الاستثنائية بالنسبة للجميع.

وظهرت الأصوات المحبطة تسعى لأن يموت هذا المولود خديجاً في يوم ميلاده، ولكنها الأقدار شاءت وبهمم المخلصين وأبناء الوطن الغيورين كتب له الاستمرار ولا ينكر أي شخص أن المشروع واجه صعوبات في بدايته ولكن بدعم عراب رؤية الوطن 2030م -الأمير محمد بن سلمان ـ حققت المنصة نجاحاً لم يسبق له نظيراً على مستوى العالم.

والإحصاءات تبرهن ذلك فقد صنفت منظمة اليونيسكو منصة مدرستي كأحد أفضل أربعة نماذج عالمية في التعليم الرقمي بجانب كوريا الجنوبية، والصين، وفنلندا بعدد زيارات بلغ 4.8 مليارات زيارة حتى مايو 2021م.

كما جاءت دراسة منظمة اتحاد التعليم الإلكتروني: بأن منصة مدرستي نموذج فريد بالمقارنة مع أفضل المنصات في (174) دولة.

وقد نالت جائزة الأميرة صيتة للتميز في الإنجاز الوطني، وحظيت بإشادة ممثل رئيس الوزراء البريطاني للتعليم د. ستيف سميث خلال زيارته مدرسة البث الفضائي حيث قال: «السعودية رائدة عالمياً في التعليم عن بُعد بشهادة المنظمات الدولية» حيث قدمت المنصة 1.3 مليون محتوى تعليمي لأكثر من 8.183 مليون طالب وطالبة، كما أشاد بها مساعد منظمة اليونسكو للتربية والعلوم والثقافة خلال اجتماع وزراء تعليم دول العشرين بإيطاليا.

هذا المشروع العظيم الذي جعل من المعلم التقليدي معلماً متطوراً يقدم دروسه تقنياً وربط أولياء الأمور بأبنائهم وأطلعهم على أدائهم وجعلهم يتعاملون مع التقنية بكل احترافية، والذي تم بأيدٍ سعودية نستطيع أن نراهن عليها، وبعد ما حققه من نجاحات وما صرف عليه من تكاليف سيبقى وسيكون خياراً طبيعياً مع عودة التعليم الحضوري لا يمكن الاستغناء عنه وسيغنينا عن الأعمال الورقية وسيجعل المعلم يتابع طلابه ويسهل على مديري المدارس متابعة معلميهم بشكل تقني مبسط وسيوفر على المشرفين عندما تدمج بعض نماذج نظام نور تنفيذ أساليبهم الإشرافية.

المفخرة السعودية ستخفف من تكاليف وأعباء التعليم على الدولة وستقلل من الهدر التعليمي وكثافات الفصول وهي عنصر مهم في تدريس المواد النظرية مهما كثر عدد الطلاب فيها وأيضاً ستلعب دوراً مهماً بحيث تكون هناك مدارس كاملة للتعليم عن بُعد وأخرى للتعليم المدمج وستسهم في الرفع من مستوى تحصيل الطلاب عندما توظف المنصة بالشكل الصحيح.

كل مهتم بالتربية والتعليم لديه اقتراحات للاستفادة من هذا المشروع إيمانا بجوانبه الإيجابية فشكرا لأبطال التعليم شكراً لا تفيهم قدرهم.

وبأمر الله لن تتوقف الدراسة ولن تعلق بعد اليوم.. اطمئنوا البديل متوفر وبكل سهولة ويسر.