كتاب ومقالات

تخصصي المدينة.. صفحة جديدة من العطاء والإنجاز

نجيب يماني

بعد مغرب هذا اليوم (الاثنين 17 من ربيع الآخر 1442هـ)، ستتقافز عقارب الساعة فرحًا استدناء للحظة افتتاح مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالمدينة المنورة.. برعاية كريمة لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة.

مستشفى طبي تخصصي جديد على خارطة الوطن لمؤسسة الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث العريقة في حدث استثنائي في كل تفاصيله مكانًا، وزمانًا، وإنجازًا.. فالمكان المدينة المنوّرة، موئل الهجرة المباركة، ومشرق الإسلام الأغر، ومئزر الدّين الحق.

إنها المدينة المنوّرة، التي صدح في أرجائها نشيد الإيلاف الخالد، بشارة بمقدم النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ «طلع البدر علينا»، فوسمت المحبة طلعتها منذ ذلك الحين، وضوّأت سوحها أنوار الجلال والجمال، لتترك مسمى «يثرب» وراءها في ذاكرة التاريخ، وتكتسي باسم «المنوّرة» تيهًا وافتخارًا، وحُقَّ لها مكانة منيفة تتقاصر دونها أعناق المدن وشرف لا يدانيه شرف مهما علا وسمق.. ظلّت على مر حقب العهد السعودي الزّاهر محل العناية والرعاية، فكان لها في قلب القيادة ووجدانها ما هي جديرة وقمينة به.

وها نحن اليوم في عهد سلمان الحزم والعزم، وولي العهد مهندس الرؤية المميزة الشامخة، نشهد هذا الاهتمام المتعاظم بالمدينة المنوّرة، ليأتي افتتاح هذا المشروع «تخصصي المدينة»، شاهدًا على ذلك، ودليلاً ملموسًا على ما توليه هذه القيادة من اهتمام بالصحة ضمن «الرؤية»، من خلال الرعاية العالية بالمواطن والاهتمام بصحته

إن لحظة التتويج بافتتاح هذا الصرح الشامخ، توقفنا برهة لنستعيد عظمة الإنجاز، ونحن نرى مستشفى الميقات التابع لوزارة الصحة، وقد تحوّل إلى مستشفى متخصص بالمدينة المنوّرة، محصلة لثاقب رؤية القيادة، وأيقونة جديدة من أيقونات الإنجاز في زمن «الرؤية»، حيث الهمّة لا ترضى بغير القمّة.

أرخِ السمع إلى المشرف العام التنفيذي للمؤسسة الدكتور ماجد الفياض، يعمّق لك هذي المعاني، ويطوّف بك في لمحات مضيئات عن المنجز: «هذا المشروع مكون من مستشفى رئيس يتسع لثلاثمائة سرير مع عدد من مباني الخدمات المختلفة المرتبطة بالمشروع من إسكان وخدمات مساندة، ونادٍ اجتماعي على مساحة تقدر بـ(‪331.000‬م2)، وهو مشروع ضخم يعكس اهتمام الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله بتوفير رعاية طبية تخصصية وفق أرقى المعايير لأهالي مدينة المصطفى وما جاورها، في إطار الرعاية الضافية والدائمة التي تحظى بها هذه المدينة المقدسة في مختلف الأبعاد الإنسانية والتنموية»..

لقد تضافرت كافة عوامل النجاح لهذا المشروع ليصبح «أحد الإضافات النوعية في الرعاية الطبية التخصصية في المملكة»، كونه «سيطبق أحدث معايير وأساليب تقديم الخدمة وتجويدها عبر ربطه وتكامله مع منظومة المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض وجدة وتوظيف خبراتها العريقة في هذا المجال والتي تتجاوز أربعة عقود كما سيمكنها من توسيع خدمات الرعاية الطبية التخصصية للمواطنين وتحسين جودتها وتسهيل سرعة الحصول عليها ونقل التجربة بأبعادها المُختلفة.

أصبحت مؤسسة التخصصي علامة مضيئة على الخارطة الصحية التخصصية الإقليمية والعالمية وذلك للمكانة العلمية المتطورة التي وصلت إليها قياسًا بما يسهم به في مجال الأبحاث الطبية الرصينة، في المحافل العلمية الدولية لينشر بها فتوحاً طبية في مجال محاربة الأمراض المستعصية بأبحاث مقدرة تخدم مستقبل الإنسانية، مع توطين التقنية العالمية في توفير العلاج للأمراض النادرة للمواطن بأرقى أساليب العلاج التخصصي وكذلك التعليم الطبي المستمر وتقديم الخدمات الطبية التخصصية الدقيقة كعلاج الأورام وزراعة الأعضاء والأمراض الجينية والطفرات الوراثية والعلوم العصبية وعلاج الأمراض المستعصية ومواكبة المستجدات الطبية التخصصية العالمية، ولعل اكتشاف التخصصي الأخير لمورث يسبب تشنجات صرعية شديدة ناجم عن خلل في موروث معين لم يسبق اكتشافه من قبل لدليل على ما وصل إليه هذا الصرح الطبي الكبير في سعيه الحثيث لاكتشاف الامراض النادرة وتحسين جودة الحياة وخدمة المجتمع.

تتوالى الأحداث السعيدة على هذه المؤسسة العريقة بين تتويج مستحق وقص شرائط الفرح في كل الوطن تباعًا بإذن الله، ففي الأسبوع الفارط توّجت المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، بـ «جائزة الحسين لأبحاث السرطان لفئة التميز المؤسسي»، في حفل أقيم بالعاصمة الأردنية عمّان، برعاية الملك عبدالله الثاني كما تم تكريم الدكتور محمود الجرف، من منسوبي التخصصي بجائزة إنجاز العُمر للمسار الإقليمي، وتهدف إلى تشجيع إعداد أبحاث مبتكرة من قِبل الباحثين في العالم العربي، للمساهمة في سدّ الفجوة في الأبحاث على المستوى الإقليمي، وتكريم ودعم جهود أبحاث السرطان، وتعزيز التعاون بين الباحثين والمؤسسات في العالم العربي والغربي.

كل هذا يضاف فخرًا إلى براءات الاختراع الأوروبية الأمريكية والجوائز والشهادات العالمية والمحلية لتشهد لهذا الصرح الطبي بالتفوق والازدهار، وجهده المقدر، وتخطيطه السليم، واستشرفًا لأفق بعيد، على نحو ما تقتضي المسؤولية والثقة التي أوليت إليه، فجاء عطاؤه كفاء هذه الثقة وإنجازه معمقًا لتطلع قيادتنا الرشيدة ومستهدفاتها الوضيئة التي تضمنتها رؤيتها المباركة لصالح الوطن والمواطن..

ألف مبروك لنا بهذه الإضافة التي بإذن الله ستتبعها إضافات أخرى في صرح مؤسسة التخصصي.