كتاب ومقالات

العقد الاجتماعي على الطريقة السعودية

أريج الجهني

«حظر ممارسة أي أساليب احتيالية بقصد الحصول على معاش الضمان الاجتماعي دون وجه حق، أو عدم صرف المعاش على التابعين من أفراد الأسرة، ضمانا لتلبية وصول الاحتياجات الأساسية لكل مستفيد ورعاية تابعيه منها». هكذا صرحت النيابة العامة، بالتزامن مع البدء بتفعيل نظام الضمان الاجتماعي المطور، والذي أكدت من خلاله وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حرص المملكة على تحقيق الاستقرار والرفاه الاجتماعي والدعم المناسب للأسر الأشد حاجة وضمان ما يغطي الاحتياجات الأساسية لكل مستحق.

غير مستغرب أن نرى هذا التظافر الأمني والاجتماعي في أقوى صوره لتكون الرسالة واضحة أن أمن المواطنين وحفظ حقوقهم منهج قادتنا الفريد والذي لا يضاهيه أحد، فنحن في وطننا لسنا بحاجة للحديث عن (عقد اجتماعي)، فأنظمتنا المتطورة والرصينة تحفظ كرامة الفرد وتتضامن معه بصورة حضارية لا تجدها في أي دولة أخرى. فبينما يعرف بأنه (العقد المبرم بطريقة فعلية بين طرفين وهما الحكومة وأيضًا الشعب ويمكن أن تكون بين الحاكم مع المحكوم، ويتمكن من خلاله تحديد الحقوق التي تكون خاصة بالفئة المفروضة عليها)، فإن التضامن الاجتماعي اليوم يؤكد فكرة صاحب العقد الاجتماعي جان جاك روسو، الذي نفسه قال (رصيد الديمقراطية الحقيقي ليس في صناديق الانتخابات فحسب، بل في وعي الناس).

ما الجديد في النظام المطور؟ هو التصميم المبني على الاحتياج الفعلي لتطوير النظام السابق، مع مراعاة أفضل الممارسات العالمية لعدد من البرامج المماثلة لخلق فرص تنموية مستقبلية ليعكس سعي الوزارة الحثيث في المواءمة بين قيم الأصالة وحفظ حقوق المواطنين وبين الحداثة وتطوير العمل ليصبح نموذجا للتمكين وإكساب المهارات وتأهيلهم وتدريبهم، بعبارة أوضح التحول من المفاهيم الرعوية السابقة لمفاهيم التمكين العملي للإنتاج والكسب والعمل والاجتهاد.

قد يظن البعض أن مصادر الضمان الاجتماعي واحدة، لكن الحقيقة في النظام الجديد فإن موارد النظام لا تنحصر في الإعانة المعتمدة من خزينة الدولة وأموال الزكاة التي تجبيها الدولة ولكن أيضا ما يقدم من زكوات وصدقات وعائدات الأوقاف والتبرعات والهبات. دشنت الوزارة ملفا شاملا للنظام وأهم نقطة لفتت انتباهي في ظل مفاهيم التنوع والمساواة هو شمولية النظام للفئات الأشد حاجة، بغض النظر عن التصنيف السابق للحالة الاجتماعية، وأيضا تضمين المواطنات من ذوي الدخل المحدود وأبنائهم بغض النظر عن جنسية الأب. أما من جانب الأمن الاجتماعي فالنظام يعزز حماية أفراد الأسرة من الإيذاء والاستغلال، لهذا جاء تضامن الأمن والموارد البشرية في شكل دقيق ومباشر كرد رادع لكل من غابت عنه مفاهيم التربية السوية والمواطنة الصالحة.

سيكون للباحثين الاجتماعيين تحت مظلة الوزارة مسؤولية مباشرة لزيارة المستحقين؛ ليجمعوا المعلومات مع التحقق من البيانات المتقدمة، وهنا أقول إن المزيد من الزيارات سيساهم في خلق حوار اجتماعي مباشر بين الوزارة والمستفيدين، وربما تصاعد الحالات التي قد تحتاج لتدخل عاجل وقبل أن تظهر في منصات الوسائل الاجتماعي وتتحول ترندا، وهو ما نبهت عليه الجهات المختصة بضرورة التثبت من الحالات، ولعل القارئ بحاجة لمعرفة المزيد عن فرق عمل الوزارة والأخلاقيات المهنية المناطة بالباحثين.

أخيرا، فإن النظام المطور يؤكد أنه ستكون هناك خدمات للبحث عن عمل لكل مستفيد قادر أن يعمل حتى يستقر؛ وهكذا مع كل تشريع وتحديث جديد -بفضل الله- نجد أن الاستقرار والعناية هي عنوان كل مشروع وطني بل تتصل مباشرة بجودة الحياة الضلع الأغلى والأخطر في تحقيق رؤية ٢٠٣٠، فكل هذه التحولات النوعية لم تقف عند حدود الورق بل تبهرنا في كل يوم بالنزول للميدان وسماع صوت الشارع أكثر وأكثر.