كتاب ومقالات

الوعي المنتظر.. الأكثر صموداً وتأثيراً مَنْ أحسن التعامل مع كل الأحداث

فاطمة آل تيسان

وسط هذا التسارع في عجلة الزمن وما حملته لنا من أحداث وتغيرات اجتماعية ومناخية وبيئية نتساءل: هل لازلنا بوعينا القديم الذي كنا عليه قبل سنتين أو ثلاث أم أن التغيير طال كل شيء معنوي ومادي؟.. قفزات وعينا تجاوزت الزمان والمكان فأصبحنا مؤهلين للتعامل مع الظروف المحيطة والمستجدة بما يكفل سلامتنا النفسية والجسدية.. وجهات النظر تختلف في أن الوعي يتطور بتطور الأحداث أو الظروف المناخية أو الأزمات الحادثة للشعوب، فالبعض يقول إن الوعي يحدث عندما تنتفض العقول وتتمدد إلى ما هو أبعد من إدراكها لحدوث مشكلة أو كارثة تصل إلى السؤال الأعمق: ما هو الدور الذي لعبته أنا كفرد ليحدث ما حدث؟ حتى وإن كان الحدث إيجابيا، ويظل في تساؤله حتى تظهر الإجابة، لأن السؤال في حد ذاته وعي يخلق لك الكثير من الاحتمالات التي لا بد أن يكون أحدها هو الإجابة التي توضح لك أين تقف من كل ما هو حولك، ونعود مستدركين للسؤال الذي كشف لنا أن بعضنا لازال في الصدمة والبعض الآخر يقاوم التغيير بالتباكي على الماضي، وفئة أخرى ركبت الموجة لتستفيد من كل الفرص والتسهيلات دون اهتمام بتطوير وعي أو تحصيل معرفة، وكل هؤلاء لانحكم عليهم بالصح أو الخطأ، فلكل فئة تفكيرها ونظرتها الخاصة لواقعها، وذلك بحسب البيئة والثقافة السائدة والأعراف القبلية وبرمجيات التربية، التي يجد الكثير منا صعوبة بالغة في عملية تفكيكها، خصوصاً ما ارتبط منها عملية تطور فكر المجتمعات على أنه بداية الطريق لانحدار القيم وضياع الهوية، وعلى مر العصور فالحضارات الأكثر صمود وتأثيراً هي من أحسنت التعامل مع كل الأحداث التي مرت بها وخرجت من كل تجربة بطريقة أكثر احترافية للتعامل مع الأزمات، ولم تفن تلك الحضارات سريعاً بل ضربت في عمق التاريخ البشري قرونا طويلة، كثيرون هم الجامدون والمحاربون لكل فكرة تطويرية وإن أجبروا على ذلك، فمظاهر التغيير شكلية بينما العمق يقاوم، وهذه الفئة هي الأكثر معاناة في عملية التكيف لأنها ترغب في فرض واقع معين أو بقاء آخر في ظل اضمحلال كل آلياته وصعوبة صموده أمام واقع جديد نقل الفكر الإنساني إلى فضاءات واسعة تركز على جهد الفرد وقدرته على الابتكار والإبداع وإدراكه أنه أصبح مسؤولاً عن نفسه بعيداً عن طرق الدعم التي كانت تأتيه من كل حدب وصوب، وهذا التطور أيضاً وجدت معه سلبيات تمثلت في اتكالية البعض وعجزهم عن البحث عن وسائل مبتكرة يمكن أن تساهم في صنع مستقبل أفضل بعيداً عن تكرر النسخ التي يمتلئ بها المجتمع، فنجد التشابه في التخصصات والآمال وحتى اللباس وطريقة الكلام، وهذه الاتكالية وطرق المحاكاة هي من جعلت البعض يركض بحثاً عن الثراء السريع، متخذاً من بعض مشاهير وسائل التواصل قدوة له، وهي تلك النماذج التي حصدت الشهرة والمال عن طريق ما يخالف العادات المجتمعية.. البعض حمل التغيير جريرة ظهور مثل هذه النوعية، وهذا الكلام ليس شرطاً، ففي كل مرحلة زمنية تظهر نماذج سلوكياتها تخالف المألوف والضابط في كل ذلك هو تربية الفرد والظروف التي تعرض لها فترة المنشأة، وخلفية الأسرة الدينية والثقافية والتي تلعب دوراً كبيراً في تكوين شخصية الأبناء، وقد ترسم معالم الطريق لتحركاتهم دون وعي منا، وحينما يظهر للحياة بشكل مغاير للسائد نبدأ في إلقاء المسؤولية على الزمن والتطور والآخر والحرية، وما إلى ذلك من إسقاطات في واقعها لا تمت للحقيقة بصلة.