ميسون الدّخيل.. إلتياثٌ ومزاح ثقيل !
الأحد / 01 / جمادى الأولى / 1443 هـ الاحد 05 ديسمبر 2021 23:56
نجيب يماني
أُقرّ بداية بأنّي استهلكت قدرًا مهولاً من مخزون «ضبط النّفس»، وألزمت أعصابي الهدوء بقدر ما وسعتني الحيلة، وأنا أطالع مكتوب الدكتورة ميسون الدّخيل، الذي وسمته بعنوان «إنهم يتكاثرون فلنتخلص منهم»، ونشرته يوم الإثنين 17 ربيع الثاني 1443هـ وتريثت في الرد فلربما تعتذر الكاتبة.
حاولت قدر المستطاع تجنب مزالق «تفتيش النوايا»، واستمهلت قلمي في الردِّ على ما جاء في «المكتوب» من ترّهات وسواقط، رجاء تجنب سَوْرة الغضب التي تمتلكني.. ومع هذا الضّبط للنّفس، وتوفير قدر موفور من حسن النية، وتجنب حدة وسورة الغضب العارم؛ إلا أنّني لم أجد تعبيرًا واصفًا لما قرأت سوى أنّه «جهل مطبق»، و«فكر ملتاث»، حُملا في صيغة «مزاح ثقيل»، لم يفلح «التذاكي الخائب» - الذي مارسته «الدخيل» - في تمرير حمولته المأفونة، ومضمونه العطن..
هل ترى «الدخيل» في ما أقول أي تجنٍّ عليها، أو تجاوز للحدود..؟
إذن فأيّ وصف أليق وأقمن بمن يقترح؛ ولو على سبيل «المزاح الثقيل» معالجة ازدياد عدد كبار السن بأحد حلّين:
• تعميق أزمتهم النفسية بما يفضي إلا اعتلال صحتهم البدنية ومفارقة الحياة، من ثم والخلاص منهم
• أو؛ عبر «الموت الرحيم»؛ بما يمثل «خدمة سريعة وغير مكلفة» للمجتمع – بحسب تعبير «ميسون»..
إنّ من تقدّم مثل هذا الحل، وتزيد بالقول إنها تراه «مناسبًا ويحمل بين طيّاته الرحمة والتعامل الإنساني»؛ بنظري «مخلوق» من غير المناسب نسبته إلى الإنسانية في أدنى صورها، مهما حاولت أن «تتذاكى» بإدعاء أن ما تقدمه من حل مستهدف به أصحاب «العقل الجاهز» !
أيْ والله.. هذا ما جاء في «مكتوب» ميسون، اقرأ إن شئت قولها - في معرض التبرير والاستدراك لفداحة ما تقدّمه من حل -: «تعتبر الكتابة الساخرة أو التهكمية، شكلا من أشكال الأعمال الأدبية والفنية، وهي تُفضِّل القارئ ذي العقل الجاهز للاستقبال وإدراك المغزى، ولم يكن الجزء السابق من المقالة سوى من هذا النوع الذي يتحدث إلى العقول الجاهزة»..
لتنتقل من ثَمَّ إلى حل آخر يخالف سابقه كل المخالفة، بالتأمين على ما وصلت إليه الدراسات الاجتماعية والنفسية من ضرورة تحسين بيئة العمل لكبار السن، وإبقائهم لفترة أطول في وظائفهم وأعمالهم، والاستفادة من تجاربهم وما إلى ذلك مما يندرج في التفكير المنطقي والمقبول والمعقول..
غير أن هذا الانتقال المغاير لسابقه ليس شفيعًا لها، وموجبًا لتخفيف وطأة وثقل ما صدّرتْ به مكتوبها، وصدمتْ به قارئها.. فليس في الاتكاء على منحوتة «العقل الجاهز» التي جاءت بها ما يبرر ذلك، فما هو هذا «العقل الجاهز» الذي عمدت «الدخيل» إلى استفزازه بهذا القدر من القول الملتاث، ومن هم أصحاب هذا العقل، وإلى أي مدرسة اجتماعية أو نفسية استندت في استخراج هذا المصطلح.. ومتى كانت شريحة كبار السن قضيّة تؤرّق العالم بعمومه، ومجتمعنا في خصوصه، بحيث تبحث لها «ميسون» عن حلول، و«تتفضل» عليها بالمقترحات ؟!
وعلى افتراض أنّها أصبحت قضية محل نظر، أيجدر بمن يتناولها أو يسعى إلى حلها أن يعالجها عبر «الكتابة الساخرة أو التهكمية»، التي تمثل «شكلاً من أشكال الأعمال الأدبية والفنية»، كما ترى «ميسون».. فهل أصبح «كبار السن» قضية أدبية وفنية في مخيلتها.؟!
أستطيع –بغير اجتهاد كثير– المرور على كلّ سطر من سطور مكتوب «الدخيل»، واستخراج ركام من الاضطراب والخطل وعدم التوفيق، منظورًا في إيرادها للفكرة ونقيضها في سطر واحد، دون أدنى بصر يرى، أو بصيرة تهدي، بما يحملك على العجب من هذه الجرأة والغفلة التي تتمتع بها..
خذ على ذلك إشارة فقط وإلماحة: إنها ترى في كبار السن عالة على المجتمع، ومصدر إهدار لمقدراته الاقتصادية بما يحتاجونه من رعاية و«لا يقدمون أي عائد مادي للدولة»، وتقترح «الموت الرحيم» خدمة لهم حتى «لا ينافسوا الشباب على الوظائف»..!
فهل سمعت بـ«مسن عاجز» ينافس «شابًا مقتدرًا»؟
وإن أردت مزيدًا من الكوميديا السوداء فانظر إلى كاتبة ترى في العدد الكبير «حالات استثنائية»، في سياق قولها عن كبار السن: «.. ولا يبدأ أحد في سرد أسماء العلماء والمفكرين والأدباء والمهندسين والأطباء والجراحين الذين قدموا أعمالاً قيمة، وأضافوا للإنسانية منتجًا ثقافيًا وعلميًا واقتصاديًا، فهم حالات استثنائية حتى لو كانت أعدادهم كبيرة..»..!
صفوة القول؛ إنّ هذا المكتوب الذي «بثته» ميسون؛ أقلّ ما يُوصف به إنّه «سقطة مريعة»، فهو مكتوب تجاوز المقياس الإنساني في أبسط مستوياته، وهو بهذا لن يصمد أمام المعيار الديني، الذي إن أجريناه عليه لانتهى بنا الحال إلى حدود «العقوق»، ولأفضى بنا الواقع إلى مظنة «سوء الأدب»، وهذا ما لا نقول به، ولا نحدّث به النفس سرًّا أو جهرًا، ألم تسمعي حديث رسول الله (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا) أليس لك عبرة في ما فعله عمر بن الخطاب الذي قال لشيخ من أهل الذمة كبير مسن في عمره: ما أنصفناك، إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك، ثم ضيعناك في كبرك والمجال يضيق عن سرد الوقائع والأحداث التي تحث على احترام وتقدير ومحبة من أفنى عمره في خدمة مجتمعه وقدم الكثير لمن أتى بعده ولكن لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (والمناطق سعادة)، فقط اكتفي بالقول إنّ ما قرأته فارق الرّوح الإنسانية بالكلّية، ولا أجد له من نظير يماثله، أو حال يطابقه إلا في ملحوظ الغرائز لدى بعض «الهوام»، فهي وحدها التي تكافئ صنائع المعروف بـ«القتل الرحيم»، ولنا في العناكب ملحظ يعضدّ ذلك، فأنثاه تفترس الذكر الذي يسافدها وتلتهمه، حسدًا أو غيرة؛ الله أعلم، ثم إنها تحمل «صغارها» على ظهرها، فإن شبوا عن الطوق عمدوا إلى التهام «أمهم» وكأنهم يأخذون بثأر «أب» لم يروه، ولم ينعموا بتربيته
وظنّي أنّ مقال «ميسون» سيعجب هذه «العناكب» ومن هم في حكمهم إن هي استطاعت أن تقرأه عليهم، فليست الإنسانية، ولا مجتمعنا بحاجة إلى مثل هذا المقال، ولا مثل هذا الفكر «الدّخيل»..! والله الهادي لسواء السبيل.
حاولت قدر المستطاع تجنب مزالق «تفتيش النوايا»، واستمهلت قلمي في الردِّ على ما جاء في «المكتوب» من ترّهات وسواقط، رجاء تجنب سَوْرة الغضب التي تمتلكني.. ومع هذا الضّبط للنّفس، وتوفير قدر موفور من حسن النية، وتجنب حدة وسورة الغضب العارم؛ إلا أنّني لم أجد تعبيرًا واصفًا لما قرأت سوى أنّه «جهل مطبق»، و«فكر ملتاث»، حُملا في صيغة «مزاح ثقيل»، لم يفلح «التذاكي الخائب» - الذي مارسته «الدخيل» - في تمرير حمولته المأفونة، ومضمونه العطن..
هل ترى «الدخيل» في ما أقول أي تجنٍّ عليها، أو تجاوز للحدود..؟
إذن فأيّ وصف أليق وأقمن بمن يقترح؛ ولو على سبيل «المزاح الثقيل» معالجة ازدياد عدد كبار السن بأحد حلّين:
• تعميق أزمتهم النفسية بما يفضي إلا اعتلال صحتهم البدنية ومفارقة الحياة، من ثم والخلاص منهم
• أو؛ عبر «الموت الرحيم»؛ بما يمثل «خدمة سريعة وغير مكلفة» للمجتمع – بحسب تعبير «ميسون»..
إنّ من تقدّم مثل هذا الحل، وتزيد بالقول إنها تراه «مناسبًا ويحمل بين طيّاته الرحمة والتعامل الإنساني»؛ بنظري «مخلوق» من غير المناسب نسبته إلى الإنسانية في أدنى صورها، مهما حاولت أن «تتذاكى» بإدعاء أن ما تقدمه من حل مستهدف به أصحاب «العقل الجاهز» !
أيْ والله.. هذا ما جاء في «مكتوب» ميسون، اقرأ إن شئت قولها - في معرض التبرير والاستدراك لفداحة ما تقدّمه من حل -: «تعتبر الكتابة الساخرة أو التهكمية، شكلا من أشكال الأعمال الأدبية والفنية، وهي تُفضِّل القارئ ذي العقل الجاهز للاستقبال وإدراك المغزى، ولم يكن الجزء السابق من المقالة سوى من هذا النوع الذي يتحدث إلى العقول الجاهزة»..
لتنتقل من ثَمَّ إلى حل آخر يخالف سابقه كل المخالفة، بالتأمين على ما وصلت إليه الدراسات الاجتماعية والنفسية من ضرورة تحسين بيئة العمل لكبار السن، وإبقائهم لفترة أطول في وظائفهم وأعمالهم، والاستفادة من تجاربهم وما إلى ذلك مما يندرج في التفكير المنطقي والمقبول والمعقول..
غير أن هذا الانتقال المغاير لسابقه ليس شفيعًا لها، وموجبًا لتخفيف وطأة وثقل ما صدّرتْ به مكتوبها، وصدمتْ به قارئها.. فليس في الاتكاء على منحوتة «العقل الجاهز» التي جاءت بها ما يبرر ذلك، فما هو هذا «العقل الجاهز» الذي عمدت «الدخيل» إلى استفزازه بهذا القدر من القول الملتاث، ومن هم أصحاب هذا العقل، وإلى أي مدرسة اجتماعية أو نفسية استندت في استخراج هذا المصطلح.. ومتى كانت شريحة كبار السن قضيّة تؤرّق العالم بعمومه، ومجتمعنا في خصوصه، بحيث تبحث لها «ميسون» عن حلول، و«تتفضل» عليها بالمقترحات ؟!
وعلى افتراض أنّها أصبحت قضية محل نظر، أيجدر بمن يتناولها أو يسعى إلى حلها أن يعالجها عبر «الكتابة الساخرة أو التهكمية»، التي تمثل «شكلاً من أشكال الأعمال الأدبية والفنية»، كما ترى «ميسون».. فهل أصبح «كبار السن» قضية أدبية وفنية في مخيلتها.؟!
أستطيع –بغير اجتهاد كثير– المرور على كلّ سطر من سطور مكتوب «الدخيل»، واستخراج ركام من الاضطراب والخطل وعدم التوفيق، منظورًا في إيرادها للفكرة ونقيضها في سطر واحد، دون أدنى بصر يرى، أو بصيرة تهدي، بما يحملك على العجب من هذه الجرأة والغفلة التي تتمتع بها..
خذ على ذلك إشارة فقط وإلماحة: إنها ترى في كبار السن عالة على المجتمع، ومصدر إهدار لمقدراته الاقتصادية بما يحتاجونه من رعاية و«لا يقدمون أي عائد مادي للدولة»، وتقترح «الموت الرحيم» خدمة لهم حتى «لا ينافسوا الشباب على الوظائف»..!
فهل سمعت بـ«مسن عاجز» ينافس «شابًا مقتدرًا»؟
وإن أردت مزيدًا من الكوميديا السوداء فانظر إلى كاتبة ترى في العدد الكبير «حالات استثنائية»، في سياق قولها عن كبار السن: «.. ولا يبدأ أحد في سرد أسماء العلماء والمفكرين والأدباء والمهندسين والأطباء والجراحين الذين قدموا أعمالاً قيمة، وأضافوا للإنسانية منتجًا ثقافيًا وعلميًا واقتصاديًا، فهم حالات استثنائية حتى لو كانت أعدادهم كبيرة..»..!
صفوة القول؛ إنّ هذا المكتوب الذي «بثته» ميسون؛ أقلّ ما يُوصف به إنّه «سقطة مريعة»، فهو مكتوب تجاوز المقياس الإنساني في أبسط مستوياته، وهو بهذا لن يصمد أمام المعيار الديني، الذي إن أجريناه عليه لانتهى بنا الحال إلى حدود «العقوق»، ولأفضى بنا الواقع إلى مظنة «سوء الأدب»، وهذا ما لا نقول به، ولا نحدّث به النفس سرًّا أو جهرًا، ألم تسمعي حديث رسول الله (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا) أليس لك عبرة في ما فعله عمر بن الخطاب الذي قال لشيخ من أهل الذمة كبير مسن في عمره: ما أنصفناك، إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك، ثم ضيعناك في كبرك والمجال يضيق عن سرد الوقائع والأحداث التي تحث على احترام وتقدير ومحبة من أفنى عمره في خدمة مجتمعه وقدم الكثير لمن أتى بعده ولكن لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (والمناطق سعادة)، فقط اكتفي بالقول إنّ ما قرأته فارق الرّوح الإنسانية بالكلّية، ولا أجد له من نظير يماثله، أو حال يطابقه إلا في ملحوظ الغرائز لدى بعض «الهوام»، فهي وحدها التي تكافئ صنائع المعروف بـ«القتل الرحيم»، ولنا في العناكب ملحظ يعضدّ ذلك، فأنثاه تفترس الذكر الذي يسافدها وتلتهمه، حسدًا أو غيرة؛ الله أعلم، ثم إنها تحمل «صغارها» على ظهرها، فإن شبوا عن الطوق عمدوا إلى التهام «أمهم» وكأنهم يأخذون بثأر «أب» لم يروه، ولم ينعموا بتربيته
وظنّي أنّ مقال «ميسون» سيعجب هذه «العناكب» ومن هم في حكمهم إن هي استطاعت أن تقرأه عليهم، فليست الإنسانية، ولا مجتمعنا بحاجة إلى مثل هذا المقال، ولا مثل هذا الفكر «الدّخيل»..! والله الهادي لسواء السبيل.