كتاب ومقالات

إدارة تجاهر بالفشل.. هل يعقل؟

بعد السلام

سلطان الزايدي

في عالم كرة القدم قد لا تبدو الأمور معقدة حين يكون الأمر مرتبطًا بالمنافسة، فالدوريات الكبيرة في كل العالم تحظى بمتابعة من كافة الجماهير، حتى الدوريات الأقل تأثيرًا في العالم أيضًا تحظى بمتابعة، لكن بنسب متفاوتة، هذا العمل المرتبط بكرة القدم التنافسية له تفاصيله المهمة المرتبطة بالفكر الذي يغذي المرحلة، ويجعلها تسير وفق نهج معين لتحقيق الأهداف الموضوعة، ولن يكون الأمر صعبًا على المتابع أن يكتشف ما إذا كان هذا العمل جيدًا أو لا، وهنا لا أعني من هذا الاكتشاف أن تكون النتائج هي المقياس الرئيس في هذا الحكم، سواء كان بالإيجاب أو السلب، بل إن هناك معطيات كثيرة كفيلة بأن توضح ما إذا كان هذا العمل المقدم في هذا المكان وبهذا المستوى جيدًا أم لا.

عند بعض المتابعين من جمهور أو إعلام حبال الصبر على العمل طويلة؛ لأنهم يملكون القدرة على منح الفرصة كاملة، حتى يكون حكمهم في النهاية دقيقًا ودون أي تسرع، فهم يتركون المساحة الكافية لهذا العمل دون أن يكونوا سببًا في الضغط وفرض الوصاية عليه بشكل مكثف، وهذه النوعية من الناس قليلة لدرجة أننا بدأنا نشعر بعدم وجودهم، لكن الأكثرية خصوصًا في مجال كرة القدم ومنافساتها، وتحديدًا في المنافسات المحلية تكون الصورة مختلفة عندهم تمامًا، فلا المشجع يملك القدر الكافي من الصبر، ولا الإعلام يستطيع تفويت فرصة كهذه دون أن ينسج خيوطه حول هذا العمل؛ لذلك أصبح من السهل جدًّا أن نلاحظ الأحكام المتسرعة ضد أي عمل يحدث في منظومة كرة القدم.

وحتى أكون أكثر وضوحًا، في دوري الأمير محمد بن سلمان للمحترفين تجد تفاصيل غريبة، لا أظنها تحدث في أي مكان في العالم إلا في دورينا، على سبيل المثال: أن يتعاقد نادٍ معين مع مدرب، ويكون حديث الفشل لهذا المدرب هو السائد في كل مكان! فمن الكوارث أن تحكم على مدرب بالفشل وهو لم يصل إلى مقر عمله بعد، ولم يبدأ في أي حصة تدريبية، هذا توجه خطير يفقد الجميع الثقة من إدارة ولاعبين وجهاز فني، ليس من مصلحة الجميع أن تبقى مثل هذه الثقافة سائدة في مدرجاتنا وإعلامنا، أنا هنا لا أقف في صف الإدارات، بل أنا أعلم يقينًا أن بعض الإدارات تقدم مؤشرات الفشل بشكل واضح للجمهور، ولعل ما تفعله إدارة نادي النصر بقيادة الأستاذ مسلي آل معمر خير مثال، فلن يكون النجاح المنشود لفريق كرة القدم في إقالة أكثر من مدرب في فترة وجيزة، وليس من النجاح أن تترك ما يشغل الجمهور، وتبحث عن النجاح في جوانب أخرى لا يكاد يعرفها المشجع النصراوي، فاهتمامات المشجع واضحة بغض النظر عن النتائج، والمشجع ينشد الاستقرار لفريقه، ويريد أن يشعر أن هناك عملاً منظمًا ومدروسًا بعناية، توفر المال لا يعني أن العمل قد ينجح، فالفكر الإداري الناجح يجب أن يكون ملمًا بكل التفاصيل المؤدية لنتائج جيدة تظهر على أرض الملعب.

في النصر حتى الآن لا يحضر العمل المناسب والجيد، ويسهل بالتالي الحكم على عمل إدارة النادي بالفشل، وقد يصل الأمر في الأيام القادمة إلى أن تكون المطالبات كبيرة، كأن تقدم الإدارة استقالتها، وتترك الفرصة لإدارة جديدة، إذ لا يمكن أن يعتقد أي رئيس منظومة أن النجاح يجب أن يكون بعيدًا عن آراء الأشخاص الذين يقدم لهم هذا العمل، ويأخذ على عاتقه الاجتهادات الخاطئة، ويصر على تنفيذها، هذا الأمر لن تجد من يحتمله أو يقبل به، وحين ترتفع وتيرة الخلافات، وتكثر الملاحظات، وتصبح لغة الحوار معدومة بين الطرفين لن يكون الجو مهيًأ لتقديم عمل جيد، ويصبح قرار الاستقالة أمرًا حتميًّا ومنتظرًا، فلا أحد يستطيع أن يحتمل الضغوطات المطالبة بالرحيل.

دمتم بخير،،،