عن تمكين المــرأة من المشاركة السياسـية
السبت / 08 / جمادى الأولى / 1443 هـ الاحد 12 ديسمبر 2021 00:03
صدقة يحيى فاضل
أوجزنا، بالمقال السابق، أهم ملامح ومظاهر المشاركة السياسية للمرأة في الدول العربية بعامة، وفي دول مجلس التعاون الخليجي الست بخاصة. ومن ذلك، تبين لنا محدودية وحداثة مشاركة المرأة الخليجية العربية في إدارة الشأن العام في بلادها، مقارنة بشقيقتها العربية، وخاصة في مصر والشام والعراق ودول المغرب العربي، رغم عملية التمكين الكبيرة التي أتيحت لها مؤخرا. وقد سلطنا بعض الضوء على المشاركة الفعلية، وأهم ما هو متاح من أفق لهذه المرأة. ونستكمل هنا ما تبقى من حديث يثار – بالضرورة – عند التطرق لمشاركة المرأة العربية في الشأن العام والسياسة الوطنية.
نظريا، تعطي معظم الحكومات العربية – بما فيها الخليجية - للمرأة حق المشاركة السياسية. ومع ذلك، فإن نشاط المرأة السياسي (سواء العالمي أو العربي – بما فيه الخليجي) بصفة عامة، كان – وما زال – محدودا وضيقا. وذلك وضع طبيعي، ناتج عن تأخر مشاركة المرأة في السياسة، في معظم بلاد العالم. إذ يقال إن متوسط مشاركة المرأة الفعلية في برلمانات العالم ككل لا تتعدى 15% من المجموع. ولكن هذا المتوسط يتدنى أكثر في العالم العربي.. إذ لا يتعدى 5%، في كل «البرلمانات» العربية، التي تضم في عضويتها نساء. وذلك راجع، بالطبع، لعوامل عدة.. أهمها: الأوضاع السياسية المعروفة، المكبل بعضها الرجال، قبل تقييد النساء. إضافة إلى التقاليد الاجتماعية التي تميل لإبعاد المرأة عن الحياة العامة، وعن الانشغال بالشأن العام.
****
ورغم المد النسائي العالمي المتنامي وتزايد الأصوات المؤيدة لمشاركة المرأة السياسية، لم تزل هناك بعض الاعتراضات التقليدية على تطبيق هذا النوع من المساواة في الحقوق والواجبات السياسية بين الجنسين. وغالبا ما «تبرر» هذه المعارضة بحجج... أهمها:
1- القول بأن بعض الاعتقادات الدينية تحرم المشاركة السياسية النسائية، أو لا تجيزها.
2- ضرورة «التمييز» بين دور الرجل ودور المرأة في الحياة العامة. والاعتقاد بأن دور المرأة ينحصر في الأعمال المنزلية، ورعاية الأسرة. أما الوظائف السياسية والعامة، فيجب أن تترك للرجل.. بسبب ما يتوفر له من «كفاءة» وقدرة، لا تتوفر في المرأة.
3- إن المرأة لا تلزم (في أغلب البلاد) بالخدمة العسكرية، التي يلزم بها الرجل. وهذا يجب أن يعطي الرجال حق الانفراد بالعمل السياسي، وخدمة الشأن العام.
4- إن مساواة الرجل والمرأة في المشاركة السياسية قد تؤدي إلى نشوب صراعات، داخل الأسرة الواحدة... بسبب ما قد يوجد من خلافات فكرية سياسية، بين الرجل والمرأة، مما يقود إلى تفكك الأسرة..!
أما أنصار تطبيق هذا المبدأ، فإنهم يرفضون هذه التبريرات، ويوردون «مبررات» تأييدا لما يذهبون إليه. فهم يقولون بأنه: لا يوجد دين يحرم – صراحة - مشاركة المرأة السياسية. وأن «التمييز» بين دوري الرجل والمرأة يجب أن يؤكد حق المرأة (أيضا) في التعبير عن مصالحها وآرائها، لا أن ينفى هذا الحق. كما أن عدم إلزام المرأة بالخدمة العسكرية لا يبرر حرمانها من هذه المشاركة. فالمسألة تتعلق باختلاف «دور» كل منهما في الحياة، تبعا لاختلافهما الفسيولوجي. أما بالنسبة للخلافات الفكرية السياسية، فهي يمكن أن تحدث حتى بين الأب وأبنائه. ويجب – متى حصلت - ألا تفسد العلاقة بين المختلفين.
****
وبالنسبة للفقه الإسلامي، فقد انقسم إلى مؤيد ومعارض، بشأن هذه المسالة. فهناك من العلماء من لا يجيز مساواة الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات السياسية، وهناك من يرى أن المرأة تتساوى مع الرجل في هذا الشأن. وما زلنا ننتظر من علماء المسلمين حسم هذه القضية الفقهية الشائكة. وفى رأيي المتواضع، فإن على السلطة القضائية العليا في أي حكومة إسلامية، إن شاءت، أن تراجع ما يصدر من قرارات وسياسات عن السلطتين الأخريين، التشريعية والتنفيذية – في ذات الحكومة – لضمان «إسلامية» تلك السياسات والقرارات. وما يتفق مع الشريعة الإسلامية – صراحة وضمنا – يجاز.. وما يخالفها يبطل. بل وحتى في حالة وجود أمر جائز شرعا، ولكن هناك تقاليد وتحفظات شعبية عليه – لسبب أو آخر – فإن ذلك الأمر ربما يستحسن طرحه – بشكل أو آخر – كأمر اختياري... يأخذ به من يريد، ويتركه من لا يرغب فيه.
ولنأخذ مثالاً «سياقة المرأة للسيارة»، وفق الضوابط اللازمة – كمثال توضيحي، شبه سياسي، لما ذكر. لو كانت تلك السياقة محرمة شرعا، لكان الأمر قد حسم بالمنع. وبما أنها جائزة شرعا، كما يبدو، ولا يوجد في الشرع ما يحرمها، فقد أعطى خيار استخدامها للشعب المعني (أو ممثليه). من يريد اللجوء إليها يلجأ. ومن لا يريد، فهذا خياره. وهذا ما حصل في بلادنا مؤخرا، بالنسبة لسياقة المرأة. وهو يحقق الالتزام بالشريعة وبالمبدأ الديمقراطي (الشورى).
المهم، ألا تتوقف عملية «تمكين» المرأة من الأعمال والمهام المناسبة لها، ووفق القيم الدينية الصحيحة. فعملية التمكين هذه أمست ضرورية، بعد قرون من هيمنة الذكور على صناعة القرار العام، وتعطيل نصف المجتمع. لا بد من تمليك المرأة الموارد اللازمة، لتسهيل استفادتها ومجتمعها منها، وإعطائها حق إدارة هذه الموارد، بما يحقق إنجازات إيجابية، لها ولوطنها، ويفعل دور نصف المجتمع. والله أعلم.
نظريا، تعطي معظم الحكومات العربية – بما فيها الخليجية - للمرأة حق المشاركة السياسية. ومع ذلك، فإن نشاط المرأة السياسي (سواء العالمي أو العربي – بما فيه الخليجي) بصفة عامة، كان – وما زال – محدودا وضيقا. وذلك وضع طبيعي، ناتج عن تأخر مشاركة المرأة في السياسة، في معظم بلاد العالم. إذ يقال إن متوسط مشاركة المرأة الفعلية في برلمانات العالم ككل لا تتعدى 15% من المجموع. ولكن هذا المتوسط يتدنى أكثر في العالم العربي.. إذ لا يتعدى 5%، في كل «البرلمانات» العربية، التي تضم في عضويتها نساء. وذلك راجع، بالطبع، لعوامل عدة.. أهمها: الأوضاع السياسية المعروفة، المكبل بعضها الرجال، قبل تقييد النساء. إضافة إلى التقاليد الاجتماعية التي تميل لإبعاد المرأة عن الحياة العامة، وعن الانشغال بالشأن العام.
****
ورغم المد النسائي العالمي المتنامي وتزايد الأصوات المؤيدة لمشاركة المرأة السياسية، لم تزل هناك بعض الاعتراضات التقليدية على تطبيق هذا النوع من المساواة في الحقوق والواجبات السياسية بين الجنسين. وغالبا ما «تبرر» هذه المعارضة بحجج... أهمها:
1- القول بأن بعض الاعتقادات الدينية تحرم المشاركة السياسية النسائية، أو لا تجيزها.
2- ضرورة «التمييز» بين دور الرجل ودور المرأة في الحياة العامة. والاعتقاد بأن دور المرأة ينحصر في الأعمال المنزلية، ورعاية الأسرة. أما الوظائف السياسية والعامة، فيجب أن تترك للرجل.. بسبب ما يتوفر له من «كفاءة» وقدرة، لا تتوفر في المرأة.
3- إن المرأة لا تلزم (في أغلب البلاد) بالخدمة العسكرية، التي يلزم بها الرجل. وهذا يجب أن يعطي الرجال حق الانفراد بالعمل السياسي، وخدمة الشأن العام.
4- إن مساواة الرجل والمرأة في المشاركة السياسية قد تؤدي إلى نشوب صراعات، داخل الأسرة الواحدة... بسبب ما قد يوجد من خلافات فكرية سياسية، بين الرجل والمرأة، مما يقود إلى تفكك الأسرة..!
أما أنصار تطبيق هذا المبدأ، فإنهم يرفضون هذه التبريرات، ويوردون «مبررات» تأييدا لما يذهبون إليه. فهم يقولون بأنه: لا يوجد دين يحرم – صراحة - مشاركة المرأة السياسية. وأن «التمييز» بين دوري الرجل والمرأة يجب أن يؤكد حق المرأة (أيضا) في التعبير عن مصالحها وآرائها، لا أن ينفى هذا الحق. كما أن عدم إلزام المرأة بالخدمة العسكرية لا يبرر حرمانها من هذه المشاركة. فالمسألة تتعلق باختلاف «دور» كل منهما في الحياة، تبعا لاختلافهما الفسيولوجي. أما بالنسبة للخلافات الفكرية السياسية، فهي يمكن أن تحدث حتى بين الأب وأبنائه. ويجب – متى حصلت - ألا تفسد العلاقة بين المختلفين.
****
وبالنسبة للفقه الإسلامي، فقد انقسم إلى مؤيد ومعارض، بشأن هذه المسالة. فهناك من العلماء من لا يجيز مساواة الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات السياسية، وهناك من يرى أن المرأة تتساوى مع الرجل في هذا الشأن. وما زلنا ننتظر من علماء المسلمين حسم هذه القضية الفقهية الشائكة. وفى رأيي المتواضع، فإن على السلطة القضائية العليا في أي حكومة إسلامية، إن شاءت، أن تراجع ما يصدر من قرارات وسياسات عن السلطتين الأخريين، التشريعية والتنفيذية – في ذات الحكومة – لضمان «إسلامية» تلك السياسات والقرارات. وما يتفق مع الشريعة الإسلامية – صراحة وضمنا – يجاز.. وما يخالفها يبطل. بل وحتى في حالة وجود أمر جائز شرعا، ولكن هناك تقاليد وتحفظات شعبية عليه – لسبب أو آخر – فإن ذلك الأمر ربما يستحسن طرحه – بشكل أو آخر – كأمر اختياري... يأخذ به من يريد، ويتركه من لا يرغب فيه.
ولنأخذ مثالاً «سياقة المرأة للسيارة»، وفق الضوابط اللازمة – كمثال توضيحي، شبه سياسي، لما ذكر. لو كانت تلك السياقة محرمة شرعا، لكان الأمر قد حسم بالمنع. وبما أنها جائزة شرعا، كما يبدو، ولا يوجد في الشرع ما يحرمها، فقد أعطى خيار استخدامها للشعب المعني (أو ممثليه). من يريد اللجوء إليها يلجأ. ومن لا يريد، فهذا خياره. وهذا ما حصل في بلادنا مؤخرا، بالنسبة لسياقة المرأة. وهو يحقق الالتزام بالشريعة وبالمبدأ الديمقراطي (الشورى).
المهم، ألا تتوقف عملية «تمكين» المرأة من الأعمال والمهام المناسبة لها، ووفق القيم الدينية الصحيحة. فعملية التمكين هذه أمست ضرورية، بعد قرون من هيمنة الذكور على صناعة القرار العام، وتعطيل نصف المجتمع. لا بد من تمليك المرأة الموارد اللازمة، لتسهيل استفادتها ومجتمعها منها، وإعطائها حق إدارة هذه الموارد، بما يحقق إنجازات إيجابية، لها ولوطنها، ويفعل دور نصف المجتمع. والله أعلم.