أخبار

أنت مصاب بـ «رهاب الزمن»!

12 % من سكان العالم يخافون من الغد.. هل تشعر بجفاف الفم وخشية فوات الحدث؟

حسين هزازي (جدة) h_hzazi@

أكد المعهد الوطني الأمريكي للصحة العقلية أخيراً، أن هناك ما يزيد على 12% من البالغين في العالم عانوا رهاب المستقبل في وقت ما من حياتهم، نتيجة أسباب مختلفة ومتعددة، إذ ينتاب بعض الأشخاص العديد من المشاعر على مدار الأيام والأحداث، ومن ضمنها الإحساس بالخوف من الزمن، غير أن البعض يتجاوز خوفهم الحدود الطبيعية والمنطقية ليتحول إلى رهاب المستقبل غير العقلاني.

ومن ضمن أنواع الخوف غير المنطقي الذي يصيب الكثيرين هو الخوف من المستقبل أو الوقت، وهو ما يعرف بـ«الكرونوفوبيا»، وفي الأغلب فإن هذا الخوف لا يرتبط بحدث مستقبلي معين، وإنما بمجرد مرور الوقت نفسه مع تصورات غير منطقية. ويعاني من يصاب بهذا الاضطراب عدداً من الأعراض التي تؤثر في علاقاته الاجتماعية وأدائه في عمله، كما يصاب دائماً بالتوتر والتشتت والعصبية والانفعال، ويشكو كذلك من سرعة التعب والإرهاق، وفي بعض الأحيان يصاب باضطرابات النوم، وهناك من يصاب بأعراض جسدية عند التفكير في المستقبل، مثل التعرق المفرط وخفقان القلب وجفاف الفم. وتلعب مجموعة من الأسباب دوراً في الإصابة بـ«الكرونوفوبيا»، كالتعرض لبعض التجارب السيئة، مثل فقد الوظيفة أو وفاة أحد المقربين، ويكون هذا الاضطراب في بعض الحالات بسبب قصور الغدة الكظرية، أو بسبب خلل في إفراز الهرمونات، أو نتيجة عوامل وراثية.

مشاعر الخوف

يتساءل البعض هل من الممكن أن نخاف من المستقبل بصورة مرعبة؟ الحقيقة أن الباحثين والأطباء النفسيين يؤكدون أن الخوف عاطفة بدائية، تطورت كجزء من غريزة البقاء لدى الإنسان البدائي، فهو مشاعر تنطلق عند الإحساس بالخطر والألم والأذى. وتدفع الغريزة الطبيعية للبقاء على قيد الحياة عاطفة الخوف، وذلك من خلال إنزيمات يفرزها الجسم تزيد من حالة اليقظة للرد على أي تهديد يواجه الشخص.

ويمكن أن يكون منشأ الخوف استجابة لتجربة أليمة مر بها الشخص، أو صدمة قوية، ومن الممكن أن يحدث بسبب مراقبة تجارب الآخرين. كما يتزايد الخوف من المستقبل أو مرور الوقت في مجتمعاتنا الحديثة، لأن الناس أصبحوا يستسلمون لضغوط الحياة الكثيرة، التي تعتمد على الثروة المادية والعوامل التي تعد خارج سيطرة الذات بصورة مباشرة. ويخلق رهاب المستقبل من مجرد فكرة أن المستقبل لدى البعض غير معروف وغامض ويحمل العديد من المفاجآت، ويسيطر الخوف على الأرواح، ويصبح البعض أكثر رعباً من قادم الأيام، ويفقدون القدرة على اتخاذ المسارات التي يريدونها في الحياة، وذلك بسبب الخوف من مخاطر ما تنطوي عليها هذه المسارات، أو لأنه لا يتوفر لديهم يقين بنتائج هذا التغيير، وبالتالي يسيطر عليهم إحساس بالعجز ومشاعر سلبية.

رهاب المستقبل

يمكن أن يصاب أي شخص برهاب المستقبل، غير أن من يعانون أحد أشكال القلق يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.

ويرجح أن من يعانون بشكل منتظم خوف فوات الأشياء يصابون أكثر من غيرهم بـ«الكرونوفوبيا»، وهذه الحالة تجعل المصاب بها لديه رغبة في الاتصال الدائم خشية أن يفوته حدث ما لا يشارك فيه. ويؤثر كذلك فوبيا الوقت في كبار السن، خصوصا المصابين بأحد الأمراض المزمنة، وكذلك السجناء والشباب الذين يعانون أمراضاً مزمنة، ومن تعرضوا لكوارث طبيعية.

وتشمل المخاوف التي يعانيها المصاب برهاب المستقبل المعاناة من الأمراض والمشاكل الصحية، سواء كانت قصيرة التأثير أو طويلة المدى، وكذلك الاعتقاد أن حياته لن تتحسن أبداً.

وتتضمن أيضاً مشاكل مالية، كفقد مصدر الدخل أو أن يحيا دون مال، أو أن أرباح مشاريعه لن تكفي لتأمين المستقبل، وكذلك الخوف من فقدان الوظيفة، أو أنه لا يستطيع أن يجد عملاً يعيش من خلاله، أو فقدان مستوى الرفاهية والنعيم والنزول إلى درجات أقل من المعيشة.

ويخاف بعض المصابين من فقد أحد أفراد الأسرة، ومن الممكن أن يكون الخوف من بعض الحالات السطحية، كالامتحانات أو وظيفة جديدة أو حتى التاريخ.

النواعم والخوف من المستقبل

أسباب الخوف من المستقبل تختلف، ويرجع أغلب الخبراء سبب الإصابة بهذا الخوف المرضي إلى وقوع حدث مرهق أو مؤلم للغاية، وكذلك بسبب الشعور بالقلق الشديد أو الاكتئاب.

وتشمل الأسباب أيضاً فقدان العمل، أو وفاة أحد المقربين، أو انفصال الأبوين، ومن الممكن أن تصاب النساء بـ«الكرونوفوبيا» بسبب انقطاع الطمث، أو في حالة قصور الغدة الكظرية أو بسبب خلل في الهرمونات.

وترجع الإصابة برهاب المستقبل إلى إجراء الجراحة، أو لوجود حالة طبية كأمراض القلب أو خلل في الغدة الدرقية.

ويصاب بهذا الاضطراب السجناء الذين يقضون سنوات طوال داخل السجن، لأنهم يفقدون الشعور بالوقت والواقع، وأحياناً فإن «الكرونوفوبيا» يمكن أن يكون سببها وراثياً.

الموجود عصبية وفكرة موت

الاستشاري النفسي الدكتورة رباب الحميد، تؤكد أن المصاب برهاب المستقبل يعاني عدداً من الأعراض، التي تؤثر بآثارها السلبية في الحياة المهنية والأسرية للمصاب، وتبدأ بالإصابة بالتشتت وصعوبة في التركيز، مع الشعور بالتوتر المستمر والعصبية الزائدة.

ويصاب من يعاني هذا الاضطراب بسرعة التعب والإرهاق، كما يشكو من خلل في النوم، وتطارده الكوابيس التي ترتبط في الأغلب بأفكار وصور تتعلق بالمستقبل، ويشعر أنه منفصل تماماً عن الواقع.

كما تسيطر عليه مشاعر الخوف الشديد عندما يفكر في المستقبل، ويفقد المقدرة على أن يعبر عن نفسه بشكل واضح، ويصبح تفكيره منصباً على الموت ويجتاحه شعور بالضياع وأنه لا يعرف ما هو الواجب عليه فعله، ويصاب برغبة في البكاء، وعندما يفكر في المستقبل أو أن الوقت يمر فإنه يصاب بنوبة فزع شديدة.

وتضيف الاستشارية النفسية، أن المصاب يعاني دوما من أعراض جسدية بسبب هذه النوبة، كضيق في التنفس وخفقان في القلب، و الدوخة والإغماء، والتعرق بشكل مفرط، كما يشكو من صداع مستمر. وأعراض جفاف الفم، والذي يلاحظ بشكل كبير عندما يستمع المصاب إلى من يتحدث عن أفكاره ومشاعره بخصوص المستقبل.