عرين الدب
الاثنين / 16 / جمادى الأولى / 1443 هـ الاثنين 20 ديسمبر 2021 23:53
طلال صالح بنان
مشكلة روسيا الأساسية في موقعها الجغرافي. روسيا أكبر دولة من حيث المساحة، وأقلها سكاناً، مقارنة بتعداد شعبها لمساحتها الشاسعة. مع ذلك فروسيا من الناحية الاستراتيجية تُعدُ دولة مغلقة، شبه داخلية. ليس لروسيا إطلالة دافئة ممتدة على أعالي البحار. ميناء فيلادوفتسك على بحر اليابان غير صالح للملاحة، طوال العام، ويبعد حوالي ٩٣٠٠ كيلومتر عن العاصمة موسكو، يقطعها القطار في سبعة أيام عبر أراضٍ قفرٍ متجمدة، أغلب السنة.
مما يزيد من حساسية موقع روسيا، من الناحية الاستراتيجية، أن موانئها الدافئة في الغرب إما أنها تطل على بحار مغلقة، مثل بحر قزوين، أو بحار شبه مغلقة، مثل البحر الأسود، حيث تفصلها عن البحار المفتوحة مضايق تتحكم في الملاحة بها تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي (الناتو). ضيق إطلالة روسيا على البحر الأسود دفعها عام ٢٠١٤ لاحتلال شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
تاريخياً: حالت صعوبة تضاريس روسيا القارية الشاسعة دون محاولات أعدائها غرباً وشرقاً التوغل إلى قلب عرين الدب الروسي الحصين. نابليون بونابارت دخل موسكو إلا أنه لم يبق فيها طويلاً. هتلر حاول غزو عرين الدب الروسي إلا أنه فشل. اليابان لم تبق طويلاً في الأراضي الروسية، بعد انتصارها في حرب ١٩٠٥.. كذلك التتار في أواسط القرن السابع، دخلوا موسكو، إلا أنهم لم يمكثوا في الأراضي الروسية كثيراً.
مبدئياً: روسيا، تاريخياً واستراتيجياً، تتوجس خطراً قائماً وناجزاً من الغرب. هذا ما أكدته الحربان العالميتان الأولى والثانية. بعد الحرب العالمية الثانية، رأى الروس (السوفيت) أن أمنهم القومي يجب ألا يقف عند حدود عرين الدب الروسي الطبيعية، خلف سلسلة جبال الأورال غرباً، بل يمتد إلى قلب أوربا، من بولندا شمالا إلى يوغسلافيا جنوباً، مروراً بدول شرق أوربا والقوقاز وغرب البلقان، حتى البحر الأسود.
رغم هزيمة روسيا، الاتحاد السوفيتي سابقاً، في الحرب الباردة وما ترتب عليها من خسارة لتخوم العمق الاستراتيجي لعرين الدب الروسي، غرب جبال الأورال، إلا أن الغرب يعرف جيداً أن روسيا لن تتسامح مع الاقتراب من عرين الدب الروسي، ضمن حدود روسيا الغربية التاريخية، التي تفصل قارتي آسيا عن أوربا.
روسيا، في الأزمة الحالية مع أوكرانيا، هي تخاطب الغرب ممثلاً في حلف شمال الأطلسي (الناتو): أن أي محاولة للاقتراب الحَرِج من عرين الدب الروسي، في شرق وجنوب القوقاز وجنوب سلسلة جبال الأورال، معناه الحرب. روسيا لا تريد غزو أوكرانيا، وإن كانت لن تفرط في شبه جزيرة القرم. كل ما تريده موسكو من الأزمة الحالية، عدم اقتراب الناتو من حدود خاصرتها الجنوبية الغربية الرخوة (أوكرانيا). معنى انضمام أوكرانيا للناتو، بالنسبة لروسيا، الاقتراب من موسكو، وهذا ما لن تسمح به حكومة بوتن (القومية)، بأي حال. الدب الروسي يمكن له أن يتواجد في المياه الدافئة، حتى خارج حدوده، إلا أنه لن يتسامح مع الاقتراب من عرينه الجليدي.
في النهاية: الناتو لن يجازف بالدخول في صدام مباشر مع روسيا، من أجل أوكرانيا.. وروسيا لن تُقْدم على غزو أوكرانيا، خشية فرض الغرب مزيداً من العقوبات الاقتصادية عليها، وتوتر الأمور معه وتعقيدها. إلا أن موسكو لن تتخلى عن شبه جزيرة القرم، مع التعهد بضمان بقاء أوكرانيا دولة مستقلة آمنة، جارةً لروسيا وصديقةً للغرب.
هذا ما ستسفر عنه الأزمة الحالية في منطقة القرم.
مما يزيد من حساسية موقع روسيا، من الناحية الاستراتيجية، أن موانئها الدافئة في الغرب إما أنها تطل على بحار مغلقة، مثل بحر قزوين، أو بحار شبه مغلقة، مثل البحر الأسود، حيث تفصلها عن البحار المفتوحة مضايق تتحكم في الملاحة بها تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي (الناتو). ضيق إطلالة روسيا على البحر الأسود دفعها عام ٢٠١٤ لاحتلال شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
تاريخياً: حالت صعوبة تضاريس روسيا القارية الشاسعة دون محاولات أعدائها غرباً وشرقاً التوغل إلى قلب عرين الدب الروسي الحصين. نابليون بونابارت دخل موسكو إلا أنه لم يبق فيها طويلاً. هتلر حاول غزو عرين الدب الروسي إلا أنه فشل. اليابان لم تبق طويلاً في الأراضي الروسية، بعد انتصارها في حرب ١٩٠٥.. كذلك التتار في أواسط القرن السابع، دخلوا موسكو، إلا أنهم لم يمكثوا في الأراضي الروسية كثيراً.
مبدئياً: روسيا، تاريخياً واستراتيجياً، تتوجس خطراً قائماً وناجزاً من الغرب. هذا ما أكدته الحربان العالميتان الأولى والثانية. بعد الحرب العالمية الثانية، رأى الروس (السوفيت) أن أمنهم القومي يجب ألا يقف عند حدود عرين الدب الروسي الطبيعية، خلف سلسلة جبال الأورال غرباً، بل يمتد إلى قلب أوربا، من بولندا شمالا إلى يوغسلافيا جنوباً، مروراً بدول شرق أوربا والقوقاز وغرب البلقان، حتى البحر الأسود.
رغم هزيمة روسيا، الاتحاد السوفيتي سابقاً، في الحرب الباردة وما ترتب عليها من خسارة لتخوم العمق الاستراتيجي لعرين الدب الروسي، غرب جبال الأورال، إلا أن الغرب يعرف جيداً أن روسيا لن تتسامح مع الاقتراب من عرين الدب الروسي، ضمن حدود روسيا الغربية التاريخية، التي تفصل قارتي آسيا عن أوربا.
روسيا، في الأزمة الحالية مع أوكرانيا، هي تخاطب الغرب ممثلاً في حلف شمال الأطلسي (الناتو): أن أي محاولة للاقتراب الحَرِج من عرين الدب الروسي، في شرق وجنوب القوقاز وجنوب سلسلة جبال الأورال، معناه الحرب. روسيا لا تريد غزو أوكرانيا، وإن كانت لن تفرط في شبه جزيرة القرم. كل ما تريده موسكو من الأزمة الحالية، عدم اقتراب الناتو من حدود خاصرتها الجنوبية الغربية الرخوة (أوكرانيا). معنى انضمام أوكرانيا للناتو، بالنسبة لروسيا، الاقتراب من موسكو، وهذا ما لن تسمح به حكومة بوتن (القومية)، بأي حال. الدب الروسي يمكن له أن يتواجد في المياه الدافئة، حتى خارج حدوده، إلا أنه لن يتسامح مع الاقتراب من عرينه الجليدي.
في النهاية: الناتو لن يجازف بالدخول في صدام مباشر مع روسيا، من أجل أوكرانيا.. وروسيا لن تُقْدم على غزو أوكرانيا، خشية فرض الغرب مزيداً من العقوبات الاقتصادية عليها، وتوتر الأمور معه وتعقيدها. إلا أن موسكو لن تتخلى عن شبه جزيرة القرم، مع التعهد بضمان بقاء أوكرانيا دولة مستقلة آمنة، جارةً لروسيا وصديقةً للغرب.
هذا ما ستسفر عنه الأزمة الحالية في منطقة القرم.