أخبار

كيف انتقلت كسوة الكعبة من الطباعة بالورق والطباشير إلى «سلك سكرين» ؟

عبدالله الروقي (مكة المكرمة) alroogy@

مع تعدد أقسام مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة بين التحلية، والمصبغة، والمختبر، والنسيج الآلي، وتطريز المذهبات، وتجميع الثوب، واستبداله، إلا أن قسم الطباعة يعد من أبرز الأقسام إذ تعمل فيه الأيدي الماهرة دون ملل وبحرفية عالية من أجل تنفيذ تحفة فنية رائعة تتجلى فيها روعة الإتقان ودقة التنفيذ وجمال الخط العربي الأصيل.

ويقول رئيس قسم الطباعة بالمجمع عادل اللقماني، إن قسم الطباعة حظي بعدة قفزات نوعية منذ تأسيس المجمع على يد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، بإنشاء دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة في منتصف 1346هـ، ثم توالت عناية أبنائه البررة من بعده وصولا إلى العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

وبين اللقماني، أن طريقة الطباعة في السابق كانت عن طريق كتابة الآيات على الورق بالطباشير وبعدها تخرم أطراف الحروف بالإبرة، ثم توضع ورقة الكتابة على القماش الأسود، وتؤتى بصرة قماش شفاف وفيها مسحوق أبيض، وتضرب الصرة على الورق فينزل المسحوق الأبيض على القماش من خلال الفتحات على ورقة الكتابة، أما الطريقة الحديثة لطباعة الآيات فتكون على القماش الأسود عبر (شبلونات) تعرف بالسلك سكرين، وتتم طباعة الآيات بالحبر الأبيض أو الأصفر.

ويسرد اللقماني آلية قسم الطباعة الحالية بتفصيل أكثر: يتم أولاً تجهيز المنسج؛ وهو عبارة عن ضلعين متقابلين من الخشب المتين يشد عليهما قماش خام (للبطانة) تعرف بالدوت، ثم يثبت عليه قماش حرير أسود سادة غير منقوش وهو الذي يطبع عليه حزام الكسوة وستارة باب الكعبة المشرفة وكافة المطرزات، ومن ثم تتم الطباعة بواسطة (الشبلونات) أي الشاشة الحريرية، و(الشبلونات) عبارة عن إطار خشبي من أربعة أضلاع يشد عليه قماش من حرير صناعي ذي مسامٍ صغيرة مفتوحة تسمح بمرور السوائل، وحتى يصبح الشبلون قالب طباعة، يجب سد المسام جميعها ما عدا مسامَّ الخطوط أو الرسوم المطلوب طباعتها، وذلك بِدَهْن حرير الشبلون بمادة كيميائية فلمية حساسة من صفتها التجمد في الضوء، ومن ثم يتم تجفيفه في الفرن المخصص في الظلام، وينقل التصميم المراد طباعته على شرائح بلاستيكية بقلم خاص وباللون الأسود المعتم، ليصبح فيلم نيجاتيف، وبعد ذلك يصور هذا الفيلم وينقل على حرير الشبلون بتعريضهما معًا للضوء لعدة دقائق حيث ينفذ الضوء من جميع أسطح الفيلم لتتجمد على السطح ما عدا الأجزاء المحددة باللون الأسود، وبعد التصوير والغسيل تسقط المادة غير المتجمدة من تلك الأجزاء المحددة فقط وتصبح وحدها بالحرير مفتوحة المسام وعندئذ يصبح الشبلون قالب طباعة جاهزًا لنقل التصميم على القماش مئات المرات، ويتم ذلك بواسطة أحبار خاصة تجهز في القسم، حيث تنزل تلك الأحبار من خلال المسامات المفتوحة بالشبلون محددة الخطوط أو الرسوم المطلوبة طباعتها بشكل دقيق وثابت،بعد إنتاج الأقمشة.

أهم ما يميز ثوب الكعبة المشرفة هو التطريز بالأسلاك الفضية والذهبية، وتتم هذه العملية بوضع الخيوط القطنية بكثافات مختلفة فوق الخطوط والزخارف وتعرف بالحشو، مع الملاحظة الفنية في كيفية أصول التطريز، المطبوعة على الأقمشة المشدودة على المنسج الذي يشكل (إطارًا) على مستوى سطح القماش، ثم يطرز فوقها بخيوط متراصة من القطن الأصفر لما سيطرز عليه بالأسلاك المذهبة، ومن القطن الأبيض لما سيطرز عليه بالأسلاك الفضية في اتجاهات متقابلة وبدقة ليتكون الهيكل الأساسي البارز للتصميم والحروف، ثم يغطى هذا التطريز بأسلاك من الفضة المطلية بالذهب ليتكون في النهاية تطريزٌ بارزٌ مذهبٌ يصل ارتفاعه فوق سطح القماش من (1 - 2.5 سم).

وبالنسبة للخطوط المكتوبة على الكسوة قال اللقماني، إنها ليست ثابتة بل ينالها شيء من التغيير من وقت لآخر بغية الحصول على ما هو أفضل، حيث يتم الرفع الى الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لأخذ إذن تنفيذها، ثم وموافقة المقام السامي الكريم، وتشمل التصميمات الزخارف والكتابات المطرزة على الحزام والستارة، مشيرا الى أن الخط المستخدم لكسوة الكعبة هو خط الثلث الجلي المركب.

ذهب وفضة وزخارف