تفاؤل وأمل وإيجابية مع كورونا!
الأحد / 22 / جمادى الأولى / 1443 هـ الاحد 26 ديسمبر 2021 23:53
حسين شبكشي
مع قراءة هذه السطور يكون عام 2021 قد شارف على الانتهاء ولم يتبق منه سوى أيام معدودة. استعدوا للدخول إلى عام جديد، نقاوم فيه بشدة كل محبط وكل أمر يدعو للتشاؤم وسط الأخبار السلبية المتتالية عن الحالة الصحية في العالم والمتفاقمة بسبب تدهور الأوضاع المتعلقة بجائحة كوفيد 19 ومتحورها الأخير أوميكرون.
يبقى التحدي الأعظم هو زرع التفاؤل وبث روح الأمل وإقناع العالم بأن القادم أجمل وأحلى ويستحق الانتظار والصبر، وهذه مهمة لن تكون سهلة أبداً. وهناك العديد من الحكم والأقاويل والأمثال التي يتم تداولها في مثل هذه الظروف، وكلها تحوم حول مفهوم واحد وهو ضرورة التفاؤل بالخير لنجده. وطبعت العديد من الكتب نحو هذا المعنى وهذا المفهوم، وأقيمت العشرات من الندوات تزكي نفس الفكرة ونفس المفهوم، ولذلك يبقى الصراع الدائم والمتواصل والمستمر بين قوى التفاؤل مقابل قوى التشاؤم هي أهم معركة يخوضها الإنسان في حياته اليومية وفي عمره كله. ظاهريا وواقعيا تبدو عناصر التشاؤم هي الأقوى لأن المعطيات الرقمية والإحصائية والأخبار وتفاصيلها كلها تدعو للإحباط وتسبب التشاؤم وتسير بالمتلقي نحو نفق الاكتئاب الطويل. ولذلك لن يكون سهلا أبدا بيع فكرة التفاؤل والأمل للعامة ولكنها مهمة ليست مستحيلة وإن كانت صعبة للغاية. فلعل السلعة اليوم الأخطر والأغلى والأهم والأكثر تأثيرا هي سلعة التفاؤل. هناك شعوب ومناطق متفائلة بطبعها وهناك شعوب تميل إلى السلبية والتشاؤم، وعليه لابد من إيجاد آلية في المناهج الدراسية تزكي روح التفاؤل وتزكي روح الأمل وتجعل الاستبشار بالخير مسألة نعيشها وليس مسألة نرددها فقط، أمرا جوهريا يتربى عليه النشأ لتتكون هذه المسألة في الوعي واللاوعي في آن واحد عندهم. هناك شعوب أوجدت وصفة مهمة وناجحة ومؤثرة وفعالة لتأصيل السعي نحو الكمال في جودة الحياة ضمن مفهومها بشكل عملي ومحسوس، ولعل أهمها هي الشعوب الأسكندنافية وشعب اليابان.
هناك شعوب فرحة وهناك شعوب لها مع النكد قصة عشق لا تنتهي أبداً. وفي آخر الاستفتاءات العالمية التي تعنى وتراقب وتتابع معدلات جودة الحياة والسعادة لشعوب العالم، حصل الشعب النرويجي على لقب أكثر شعوب العالم سعادة. ولم تكن تلك الأخبار مفاجأة لأي أحد؛ فلقد بات من المتوقع أن يتم تداول هذه اللقب بين الشعوب الإسكندنافية، فنلندا والدنمارك والسويد والنرويج. ولقد نقلت هذه الشعوب «ثقافتهم السعيدة» إلى منهجية تصدر لغيرهم كي يستفيدوا منها ويتبعوها.
وتم تأصيل هذه الثقافات بعلامات مميزة وسمات فارقة؛ فثقافة السعادة في الدنمارك اسمها: هايغ، وهي مستمدة من كلمة هاغ التي تعني «حضن» باللغة الإنجليزية وهي ثقافة تعنى باحتضان اللحظات الجميلة والاستمتاع بها إلى أقصى حد مثل التمتع بقطعة من الحلوى، وعدم قراءة البريد الخاص بالعمل، وفنجان القهوة الصباحي، والعشاء مع الأصحاب، وتناول الآيس كريم، وغيرها من الأمثلة الصغيرة التي تملأ حياتنا اليومية.
السويد هي الأخرى لديها ثقافتها الخاصة بالسعادة واسمها «لاجوم» ويعرفها السويديون بأنها تعني: «ليس قليلاً وليس كثيراً، الكم المناسب المحدد»، وهم يعتبرون ذلك «فن الحياة لمعيشة متوازنة هادئة من دون إزعاج». وهي أساساً تعنى بتهدئة إيقاع الحياة السريع الذي يأتي بالقلق والضغط والتوتر والتركيز على اللحظة الحالية لجلب أكبر قدر من السعادة منها وعدم القلق في التفكير فيما هو آت بعدها.
فنلندا هي أيضاً لديها تعريفها الخاص لثقافة السعادة فيها وهي أطلقت عليه اسم «سيو»، وهي ثقافة تعتمد على «التواصل» مع الطبيعة بشكل أكبر مثل السباحة في عز البرد والشتاء والحركة عوضاً عن الدواء والتشافي بالتمشية في الغابات واستنشاق الهواء فيها والأكل الصحي من منتجاتها البرية، وهذه العادات ستولد شجاعة وثقة بالنفس وإصراراً على النجاح في أصعب الظروف، وذلك بحسب قناعة الفنلنديين أنفسهم بذلك.
أما النرويجيون فلديهم اسم آخر لثقافة السعادة الخاصة بهم، وهو «كوسيليج» والمعنى الأقرب لها هو القرب والدفء والهناء، وبالتالي «افعل» كل ما يجعلك تشعر بذلك، فالمقاهي في النرويج في الشهور الشتوية الباردة جداً يقومون فيها بتوفير الغطاء الصوفي وإشعال الشموع وتقديم المشروبات الدافئة لزوارهم لكي يشعروا بـ«كوسيليج». ولذلك باتت إحدى أشهر السلع التي اشتهرت بها النرويج سترات البرد الواقية المعروفة باسم «الكنزة» في اللهجة الدارجة العربية، وهي الأكثر دفئاً حول العالم بصوفها الغزير وألوانها الدافئة التي تبعث على الابتسامة قبل ارتدائها.
هذه الشعوب سعيدة وفرحة ومرحة وتعيش للاستمتاع بكل لحظة من لحظات الحياة. كذبوا علينا عندما أوهمنا العالم أنهم شعوب تعيسة وأكثر شعوب العالم انتحاراً واكتئاباً، هذا غير صحيح، هم شعوب محبة للسلام (جائزة نوبل من عندهم) منحوا للعالم فرقة «آبا» الموسيقية من السويد لكل الأرض وأغانيها حتى اليوم منتشرة. منحوا العالم شركة أثاث بسيطة «آيكيا» من السويد غيرت مفهوم الأثاث المنزلي. أيضاً الدنمارك قدمت للعالم أبسط شركة ألعاب رقمي مكعبات «ليغو» لأجيال تلو أجيال من السعادة. وقدمت فنلندا «السونا» للراحة والخلاص من سموم الجسد، فلا عجب أن يتم اختيار الشعوب الإسكندنافية بالتوالي أسعد شعوب الأرض، فهم سعداء وحريصون على تأصيل السعادة كثقافة وتصديرها للغير، وهذا بحد ذاته مفهوم عملي لحب الخير للغير.
أما بالنسبة للشعب الياباني فقد أوجد سر السعادة في مفهوم خاص به الاكيجاي، والاكيجاي وهو البحث عن سر وجودك في هذه الحياة، وهي مسألة بالنسبة لليابانيين تحتاج إلى الصبر والتأني والبحث، فتسخر حياتك كلها لإيجاد أسباب السعادة فتكون سعيك نحو السعادة وهو سعى مكلل نحو هدف يستحق التعب والصبر له. وهي مسألة مربوطة عند اليابانيين بالعمر كله، لا يوجد فيها فكرة تقاعد ولا عمل ولا دراسة وهي مرتبطة بالوجود نفسه على هذه الأرض ويستمر الإنسان في سعيه نحو السعادة طول حياته.
خلاصة ما أود ذكره هو أن تهيئة أسباب السعادة مسألة تعتمد على قوانين ذاتية يبتكرها الإنسان ويتبناها الشعب فتصبح عدوى حميدة لحالة رائعة ولكنها تغير ثقافات وذهنيات الشعوب على المدى الطويل، ولعل في ذلك الأمر أحد أهم مكتسبات الكرب الذي مرت به الكرة الأرضية بسبب جائحة كورونا، وبعد كورونا ستكون فاتحة أمل وتفاؤل وإيجابية.
يبقى التحدي الأعظم هو زرع التفاؤل وبث روح الأمل وإقناع العالم بأن القادم أجمل وأحلى ويستحق الانتظار والصبر، وهذه مهمة لن تكون سهلة أبداً. وهناك العديد من الحكم والأقاويل والأمثال التي يتم تداولها في مثل هذه الظروف، وكلها تحوم حول مفهوم واحد وهو ضرورة التفاؤل بالخير لنجده. وطبعت العديد من الكتب نحو هذا المعنى وهذا المفهوم، وأقيمت العشرات من الندوات تزكي نفس الفكرة ونفس المفهوم، ولذلك يبقى الصراع الدائم والمتواصل والمستمر بين قوى التفاؤل مقابل قوى التشاؤم هي أهم معركة يخوضها الإنسان في حياته اليومية وفي عمره كله. ظاهريا وواقعيا تبدو عناصر التشاؤم هي الأقوى لأن المعطيات الرقمية والإحصائية والأخبار وتفاصيلها كلها تدعو للإحباط وتسبب التشاؤم وتسير بالمتلقي نحو نفق الاكتئاب الطويل. ولذلك لن يكون سهلا أبدا بيع فكرة التفاؤل والأمل للعامة ولكنها مهمة ليست مستحيلة وإن كانت صعبة للغاية. فلعل السلعة اليوم الأخطر والأغلى والأهم والأكثر تأثيرا هي سلعة التفاؤل. هناك شعوب ومناطق متفائلة بطبعها وهناك شعوب تميل إلى السلبية والتشاؤم، وعليه لابد من إيجاد آلية في المناهج الدراسية تزكي روح التفاؤل وتزكي روح الأمل وتجعل الاستبشار بالخير مسألة نعيشها وليس مسألة نرددها فقط، أمرا جوهريا يتربى عليه النشأ لتتكون هذه المسألة في الوعي واللاوعي في آن واحد عندهم. هناك شعوب أوجدت وصفة مهمة وناجحة ومؤثرة وفعالة لتأصيل السعي نحو الكمال في جودة الحياة ضمن مفهومها بشكل عملي ومحسوس، ولعل أهمها هي الشعوب الأسكندنافية وشعب اليابان.
هناك شعوب فرحة وهناك شعوب لها مع النكد قصة عشق لا تنتهي أبداً. وفي آخر الاستفتاءات العالمية التي تعنى وتراقب وتتابع معدلات جودة الحياة والسعادة لشعوب العالم، حصل الشعب النرويجي على لقب أكثر شعوب العالم سعادة. ولم تكن تلك الأخبار مفاجأة لأي أحد؛ فلقد بات من المتوقع أن يتم تداول هذه اللقب بين الشعوب الإسكندنافية، فنلندا والدنمارك والسويد والنرويج. ولقد نقلت هذه الشعوب «ثقافتهم السعيدة» إلى منهجية تصدر لغيرهم كي يستفيدوا منها ويتبعوها.
وتم تأصيل هذه الثقافات بعلامات مميزة وسمات فارقة؛ فثقافة السعادة في الدنمارك اسمها: هايغ، وهي مستمدة من كلمة هاغ التي تعني «حضن» باللغة الإنجليزية وهي ثقافة تعنى باحتضان اللحظات الجميلة والاستمتاع بها إلى أقصى حد مثل التمتع بقطعة من الحلوى، وعدم قراءة البريد الخاص بالعمل، وفنجان القهوة الصباحي، والعشاء مع الأصحاب، وتناول الآيس كريم، وغيرها من الأمثلة الصغيرة التي تملأ حياتنا اليومية.
السويد هي الأخرى لديها ثقافتها الخاصة بالسعادة واسمها «لاجوم» ويعرفها السويديون بأنها تعني: «ليس قليلاً وليس كثيراً، الكم المناسب المحدد»، وهم يعتبرون ذلك «فن الحياة لمعيشة متوازنة هادئة من دون إزعاج». وهي أساساً تعنى بتهدئة إيقاع الحياة السريع الذي يأتي بالقلق والضغط والتوتر والتركيز على اللحظة الحالية لجلب أكبر قدر من السعادة منها وعدم القلق في التفكير فيما هو آت بعدها.
فنلندا هي أيضاً لديها تعريفها الخاص لثقافة السعادة فيها وهي أطلقت عليه اسم «سيو»، وهي ثقافة تعتمد على «التواصل» مع الطبيعة بشكل أكبر مثل السباحة في عز البرد والشتاء والحركة عوضاً عن الدواء والتشافي بالتمشية في الغابات واستنشاق الهواء فيها والأكل الصحي من منتجاتها البرية، وهذه العادات ستولد شجاعة وثقة بالنفس وإصراراً على النجاح في أصعب الظروف، وذلك بحسب قناعة الفنلنديين أنفسهم بذلك.
أما النرويجيون فلديهم اسم آخر لثقافة السعادة الخاصة بهم، وهو «كوسيليج» والمعنى الأقرب لها هو القرب والدفء والهناء، وبالتالي «افعل» كل ما يجعلك تشعر بذلك، فالمقاهي في النرويج في الشهور الشتوية الباردة جداً يقومون فيها بتوفير الغطاء الصوفي وإشعال الشموع وتقديم المشروبات الدافئة لزوارهم لكي يشعروا بـ«كوسيليج». ولذلك باتت إحدى أشهر السلع التي اشتهرت بها النرويج سترات البرد الواقية المعروفة باسم «الكنزة» في اللهجة الدارجة العربية، وهي الأكثر دفئاً حول العالم بصوفها الغزير وألوانها الدافئة التي تبعث على الابتسامة قبل ارتدائها.
هذه الشعوب سعيدة وفرحة ومرحة وتعيش للاستمتاع بكل لحظة من لحظات الحياة. كذبوا علينا عندما أوهمنا العالم أنهم شعوب تعيسة وأكثر شعوب العالم انتحاراً واكتئاباً، هذا غير صحيح، هم شعوب محبة للسلام (جائزة نوبل من عندهم) منحوا للعالم فرقة «آبا» الموسيقية من السويد لكل الأرض وأغانيها حتى اليوم منتشرة. منحوا العالم شركة أثاث بسيطة «آيكيا» من السويد غيرت مفهوم الأثاث المنزلي. أيضاً الدنمارك قدمت للعالم أبسط شركة ألعاب رقمي مكعبات «ليغو» لأجيال تلو أجيال من السعادة. وقدمت فنلندا «السونا» للراحة والخلاص من سموم الجسد، فلا عجب أن يتم اختيار الشعوب الإسكندنافية بالتوالي أسعد شعوب الأرض، فهم سعداء وحريصون على تأصيل السعادة كثقافة وتصديرها للغير، وهذا بحد ذاته مفهوم عملي لحب الخير للغير.
أما بالنسبة للشعب الياباني فقد أوجد سر السعادة في مفهوم خاص به الاكيجاي، والاكيجاي وهو البحث عن سر وجودك في هذه الحياة، وهي مسألة بالنسبة لليابانيين تحتاج إلى الصبر والتأني والبحث، فتسخر حياتك كلها لإيجاد أسباب السعادة فتكون سعيك نحو السعادة وهو سعى مكلل نحو هدف يستحق التعب والصبر له. وهي مسألة مربوطة عند اليابانيين بالعمر كله، لا يوجد فيها فكرة تقاعد ولا عمل ولا دراسة وهي مرتبطة بالوجود نفسه على هذه الأرض ويستمر الإنسان في سعيه نحو السعادة طول حياته.
خلاصة ما أود ذكره هو أن تهيئة أسباب السعادة مسألة تعتمد على قوانين ذاتية يبتكرها الإنسان ويتبناها الشعب فتصبح عدوى حميدة لحالة رائعة ولكنها تغير ثقافات وذهنيات الشعوب على المدى الطويل، ولعل في ذلك الأمر أحد أهم مكتسبات الكرب الذي مرت به الكرة الأرضية بسبب جائحة كورونا، وبعد كورونا ستكون فاتحة أمل وتفاؤل وإيجابية.