فهد الفيصل الفرحان.. سيرة حافلة بالمهمات الصعبة في زمن البدايات
الأحد / 29 / جمادى الأولى / 1443 هـ الاحد 02 يناير 2022 01:15
بقلم: د. عبدالله المدني abu_taymour@
لم يُكتب الكثير عن الأمير فهد الفيصل الفرحان، فبقيت سيرته وأعماله خافية عن الكثيرين، على الرغم مما بها من صور الوطنية والإخلاص والتفاني والأمانة والطموح والبذل والعطاء في جميع المهام التي أوكلت إليه إبان فترة البدايات الصعبة في تأسيس المملكة العربية السعودية وما بعدها. وُصف الرجل بالإداري الناجح والفارس الشجاع والإنسان الذي علم نفسه بنفسه وغرف الحكمة والرؤى السديدة والعقلانية من مجالس الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، التي كان يحرص على ارتيادها، قبل أن يكتسب المزيد من العلم والثقافة من خلال زياراته الخارجية التي حرص فيها على الالتقاء بصفوة المثقفين وتفقد دور العلم والمكتبات والمتاحف. كما أنه حظي بالثناء العطر والإعجاب الكبير من لدن كل من عمل معه أو عاصره.
وبسبب قلة المعلومات المتوفرة عنه، سنعتمد في هذه المادة على المعلومات الثرية التي أتحفنا بها الأستاذ سليمان الحديثي في كتابه «فهد الفيصل، الأمير الأمين» الصادر عن دار جداول للنشر، وفي مقاله بصحيفة الجزيرة (18/10/2015) ومقاله الآخر بالمجلة العربية (العدد 542)، وسنطعمها بما تيسر من معلومات وشهادات من مصادر أخرى. هذا علماً بأن كلام الحديثي عنه موثق كونه استند في مقاله على مذكرات الأمير الشخصية المسجلة بصوته وشهادات أبنائه، وما ورد في الصحافة السعودية من أخباره في الفترة من عام 1374 – 1383 للهجرة.
مولعا بالإطلاع والمعرفة
ولد فهد بن فيصل بن تركي بن سعود بن إبراهيم بن عبدالله بن فرحان بن سعود بن محمد بن مقرن آل سعود، بمدينة الرياض في التاسع من صفر عام 1330 للهجرة المصادف للتاسع والعشرين من يناير 1912م. وكان ميلاده بعد مقتل والده بفترة قصيرة في إحدى معارك الملك عبدالعزيز المبكرة بالقرب من الأحساء، فتكفلت أمه الأميرة موضي بنت ناصر بن فرحان آل سعود (ابنة أحد رجالات الملك عبدالعزيز الذين استشهدوا في حربه ضد تمرد نخاولة المدينة المنورة) برعايته وتربيته مع شقيقه الوحيد الأكبر سناً عبدالله الفيصل الفرحان. عاش فهد وشقيقه وأمهما في بيت من بيوت الطين في «حلة الأجناب» وسط مدينة الرياض (سميت كذلك لأنها احتضنت الأسر القادمة من خارج الرياض) عيشة فقر وشظف، لكن لا يتمه المبكر ولا حالته المعيشية الصعبة منعاه من الدراسة والعلم. بل على العكس، كان مولعاً منذ صغره بالاطلاع والمعرفة، محباً للدراسة، سريعاً في فهم كل ما يحيط به. وقد استرعى ذلك انتباه والدته فراحت تغرس فيه منذ طفولته مبادئ الدين القويم، وتحفظه سور القرآن الكريم، وكيفية أداء الصلوات الخمس. وحينما بلغ السادسة أو السابعة من العمر أرسلته إلى الكتاتيب المتاحة آنذاك، فتعلم القراءة والكتابة والخط والإملاء في كتّاب عبدالعزيز الخيال، ليترك الكتّاب بعد ثلاث سنوات، وهو يتمتع بخط جميل (بدليل النماذج المتوفرة من خطه)، علاوة على مهارة فائقة في القراءة التي جعلته ينكب على مطالعة أمهات الكتب. يقول الحديثي في هذا السياق إن الأمير فهد الفيصل: «ثَقَّفَ نفسه بنفسه عن طريق القراءة والاطلاع، والاختلاط بأهل العلم والمعرفة ومناقشتهم، وقد قرأ في الكتب الدينية، لكن ولعه كان منصباً على قراءة كتب التاريخ والأدب ودواوين الشعر، ولمستُ خلال استماعي لمذكراته الصوتية كثرة استشهاده بالأشعار الفصيحة، مع سلامة النطق، وكذلك الاستشهاد بآراء بعض المؤرخين. كانت نفسه طموحة منذ الصغر إلى إثبات الذات، تَوَّاقة إلى معالي الأمور، فلم يكتف بالتفوق في دراسته، بل حرص على أن يفعل أموراً يقوم بها غالباً من هم أكبر منه سناً».
ومنذ أن بلغ العاشرة من عمره، وبرغبة ذاتية، وتشجيع من والدته، راح يركب الخيل والإبل، ويتدرب على الفروسية، ثم راح بعد عدة سنوات يتعلم الرماية والصيد بالصقور. وقد استعان في كل هذا بخيول وإبل وصقور وبنادق الآخرين، بسبب فقره وعدم قدرته على امتلاكها. يذكر الرجل في مذكراته الصوتية أنه لم يتضجر أو يشعر قط بتعب في ممارسة هذه الهوايات، مضيفا أنه رافق القوافل وهو في سن الخامسة عشرة في رحلاتها إلى الحجاز والقصيم والأحساء على ظهور الإبل، وأنه وأقرانه كانوا لا يشتكون من جوع أو عطش، ويمشون حفاة في أغلب الأحوال على أرجلهم كي يظهروا للآخرين أنهم رجال يتحملون المتاعب والمشاق.
الملك عبدالعزيز تفرس فيه الرجولة
في سنوات فتوته بدأ الأمير فهد يتردد على الإمام عبدالرحمن الفيصل وابنه الملك عبدالعزيز، يرحمهما الله، ليستفيد من المناقشات والآراء التي كانت تطرح في مجالسهما. ويبدو أن الملك عبدالعزيز تفرس فيه الرجولة وحب الاستزادة المعرفية وحسن التدبير فقرر أن يضمه كل خميس مع أنجاله القريبين منه في السن كالأمير محمد والأمير (الملك) خالد. هذا قبل أن يشب ويدعوه الملك للمشاركة في معاركه الحربية. وهكذا شارك الأمير فهد في معركة السبلة (آخر معارك الملك عبدالعزيز في سبيل توحيد الجزيرة وتأسيس مملكته، ودارت رحاها في عام 1929 بين قوات جلالته وقوات الإخوان البدو في روضة سبلة بمنطقة الزلفي)، كما شارك قبل ذلك في عملية حصار جدة (المعروفة بحصار أبرق الرغامة) التي بدأت أوائل عام 1925 وانتهت في أواخره باستسلام قوات الملك علي بن الحسين ودخول قوات الملك عبدالعزيز مدينة جدة. إلى ذلك شارك في حرب اليمن عام 1933 التي أصيب فيها وكاد يفقد حياته، لولا سفره مباشرة بعد الحرب من الرياض إلى الأحساء بالسيارات ومن ثم بالحمير إلى ميناء العقير الذي استقل منه سفينة شراعية إلى البحرين لتلقي العلاج في مستشفياتها، حيث أرسل الملك عبدالعزيز معه خطاباً إلى الأمير عبدالله بن جلوي (ت: 1935) لتسهيل أموره في البحرين، فكانت تلك هي تجربته الأولى في ركوب البحر.
ثَقَّفَ نفسه بنفسه
قلنا إن الأمير فهد وُصف بالرجل الذي ثقف نفسه بنفسه من خلال القراءة والاطلاع والاحتكاك والنقاش وحضور مجالس العلماء، ومن آيات ذلك امتلاكه مكتبة عامرة بالمؤلفات النفيسة في ميادين الفقه والأدب والشعر والتاريخ والسير والجغرافيا والفلسفة والإدارة والسياسة، وحرصه على ارتياد المتاحف والمكتبات ودور الوثائق العربية والأجنبية (مثلاً حينما قام بزيارة مصر سنة 1356 للهجرة (1937م) حرص على زيارة المتحف الفرعوني ومتحف الآثار العربية ودار الكتب)، علاوة على دعمه المثقفين ورجال العلم في مشاريعهم التعليمية والثقافية، بشهادة علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر (ت: 2000) وزميله الشيخ صالح بن سليمان العمري (ت: 1918) اللذين أشادا بدوره هذا. ولعله من المفيد هنا أن نضيف أنّ الأمير فهد كان رجلا منفتحا على العصر ومستحدثاته بدليل أنه حرص، أثناء عمله في بريدة، على اقتناء أجهزة المذياع في وقت كان مواطنوها المحافظون يحرمونه ويعتبرونه نوعا من السحر، بل دافع عن الراديو وحقه في الاستماع إليه لتعزيز ثقافته والاطلاع على ما يدور في العالم في مواجهة من اشتكوه لأمير القصيم، حيث تمكن أن يتعامل مع الموقف بحكمة وروية من خلال الاجتماع بعلماء بريدة وإقناعهم وتفنيد كل ما قيل عن الجهاز من أشياء مغلوطة، فتغيرت نظرتهم تدريجيا. وبالمثل لم يلتفت إلى ما قاله أهل نجد عند سماعهم للمرة الأولى هدير الطائرة وهي تطير من أنه «صيحة القيامة»، فاستقل واحدة منها، دون تردد أو خوف، من مصر إلى بلاده سنة 1356 للهجرة (1937م). وملخص قصة ركوبه الطائرة، طبقاً لما رواه ابنه الأمير متعب بن فهد الفيصل، أن والده كان يتعالج في القاهرة عام 1356 للهجرة، وعلم -آنذاك- بعزم الاقتصادي المصري الشهير طلعت باشا حرب إهداء طائرة لبلاده، فطلب من السفير السعودي بمصر -وقتذاك- الشيخ العقيلي «فوزان عثمان السابق» أن يعود إلى السعودية على متن تلك الطائرة. وقد أضاف الأمير متعب أن تلك الواقعة كانت سبباً في نقل والده من إمارة القصيم إلى إمارة الظفير.
رافضا للسائد.. تعلم الإنجليزية
ومن الدلائل الأخرى على رفضه لما كان سائداً في زمنه من تشدد ونبذ لتدريس بعض العلوم الحديثة مثل اللغة الإنجليزية والجغرافيا، أنه استقدم من جدة إلى بريدة مدرسا خاصا من الجنسية السودانية ليعلمه هاتين المادتين، وهو ما جعله قادرا على التحدث والكتابة بالإنجليزية بالقدر الكافي لمخاطبة أصحابها. ولا نبالغ لو قلنا إن اهتمامه بالتثقف والاطلاع والاستماع إلى الراديو والانفتاح على العلوم الحديثة وزيارة المكتبات والمعالم الأجنبية كان له دور كبير لجهة قيامه بتنفيذ أفكار ورؤى سابقة لزمنها إبان تقلده مناصبه الرسمية، على نحو ما سيأتي.
بداية مسيرته الوظيفية
أما لجهة مسيرته الوظيفية فقد بدأت بتعيين الملك عبدالعزيز له في وظيفة وكيل إمارة القصيم سنة 1354 للهجرة، فعمل تحت يد شقيقه الأمير عبدالله الفيصل الفرحان الذي كان -آنذاك- أميراً للقصيم، حيث إن الأخير شغل هذا المنصب من عام 1355 إلى عام 1366 للهجرة قبل أن يعين رئيساً للحرس الوطني في الفترة ما بين عامي 1374 و1376 للهجرة. وفي عام 1356 للهجرة نقله الملك إلى منطقة الباحة أميراً عليها خلفاً لأميرها «تركي بن محمد بن ماضي»، وكانت -آنذاك- تسمى الظفير. وخلال الفترة التي تولى فيها إمارة الظفير التي استمرت نحو 14 شهراً، حقق العديد من الإنجازات مثل تطبيق نظام المدارك (لتوعية سكان المنطقة دينياً وثقافياً وأمنياً)، الذي أعجب الملك به وسماه «تعليمات فهد الفيصل» وأمر بتعميمه في مناطق المملكة الأخرى، علاوة على ذلك قام الأمير فهد بحل الكثير من مشاكل المنطقة الأمنية، الأمر الذي أكسبه رضى وثناء وإعجاب السكان. أعاده الملك عبدالعزيز إلى بريدة في بداية عام 1358 ليساعد شقيقه في إدارة إمارة القصيم بسبب مرض الأخير، فظل يعمل وكيلاً للإمارة للمرة الثانية حتى عام 1366 للهجرة.
أول أمين للرياض
وبعد أن تولى الملك سعود -رحمه الله- الحكم خلفاً لوالده، في عام 1373 للهجرة (1953م) أصدر أمراً ملكياً بتعيينه رئيسا لبلدية الرياض، وبعد عامين صدر الأمر السامي بتعديل اسم بلدية الرياض إلى «أمانة مدينة الرياض»، فصار الأمير فهد أول أمين لها بمرتبة وزير دولة، واستمر يشغل هذا المنصب حتى عام 1386 للهجرة (1966م)، حينما تفرغ لأعماله الخاصة وهواياته. وخلال توليه هذه الوظيفة منحه الملك سعود صلاحيات واسعة ومطلقة بناء على طلبه لتطوير العاصمة؛ نظراً لتوسع نشاط بلدية الرياض كثيراً مع تضاعف ميزانيتها وموظفيها، وذلك نتيجة لتحول المدينة إلى منطقة جذب سكاني للهجرة الداخلية بحثاً عن فرص العمل والدراسة، خصوصاً بعدما نقلت إليها الوزارات بدءا من سنة 1955. هذا علما بأنه -طبقاً لمذكراته الصوتية ومقابلاته-عمل في أمانة الرياض دون راتب ورفض طيلة فترة عمله أن يأخذ أي منحة من الأراضي، قائلا إنه طبق قول الشاعر امرئ القيس بحذافيره:
فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشةٍ
كفاني ولم أطلب قليلٌ من المالِ
ولكنما أسعى لمجدٍ مؤثلٍ
وقد يُدركُ المجدَ المؤثلَ أمثالي
أورد الكاتب الحديثي (مصدر سابق) في مقاله عن الأمير فهد شهادات بعض معاصريه إبان توليه مناصبه في القصيم والرياض. ومن هؤلاء الشيخ صالح بن سليمان العمري، وهو من رواد التعليم في منطقة القصيم، وممن تولى التدريس في أول مدرسة أسست في بريدة وهي المدرسة الفيصلية سنة 1356 للهجرة، وشغل وظيفة معتمد المعارف في القصيم زمن الشيخ محمد بن عبدالعزيز مانع (ت: 1965). قال الشيخ العمري إن الأمير فهد الفيصل كانت له همة عالية ورغبة أكيدة في تشجيع ومساندة ودعم المدرسة الفيصيلية وطلابها ومعلميها وإدارييها، وإنه كان يستقبلهم في قصره ويقيم الولائم لهم ويمنحهم الجوائز القيمة، ويزود مكتبة المدرسة، ثم مكتبة بريدة بعد إنشائها، بالكتب والمؤلفات المتنوعة. أما الأديب السعودي المعروف الشيخ عبدالله بن إدريس الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى لرعاية العلوم والفنون والآداب ولجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (ت: 2021) فقال عنه إنه كان «خير من يشجع الأدباء والكتاب على رفع عقيرتهم بالنقد البناء الهادف ويرحب بالتوجيهات والملاحظات الإصلاحية الإيجابية». ولعل من أقوى الدلائل في هذا السياق أنه كان أحد الداعمين لتأسيس أول جريدة وأول مطبعة في منطقة نجد، ونعني بهما جريدة اليمامة وشركة الطباعة والنشر الوطنية اللتين أسسهما العلامة الشيخ حمد الجاسر، وتولى رئاسة تحرير الأولى ورئاسة مجلس إدارة الثانية. حيث سُجل عن الجاسر قوله شكرا للأمير لأنه «الذي تعهد هذا المشروع بضروب من العناية والعون في كل مناسبة».
تأسيس دار الكتب السعودية
ومن جهوده الأخرى إبان توليه أمانة مدينة الرياض أنه كلّف بعض مرؤوسيه في الأمانة، أن ينسقوا مع الإذاعة، إعداد وبث مسابقات ثقافية وعلمية عبر الأثير لعموم المستمعين، على أن تقوم أمانة الرياض بتقديم جوائزها للفائزين. هذا إضافة إلى عمله الرائد المتمثل في الإشراف على تأسيس «دار الكتب السعودية» التي افتتحها الملك سعود بتاريخ 14 نوفمبر 1958 في مكان مجاور لمبنى جامعة الملك سعود بشارع الملز. وقد جاء تأسيس هذه الدار استجابة لمطالبات عدد من كتاب الصحف الذين ألحوا في أن تكون للرياض مكتبة وطنية عامة أسوة ببقية العواصم العربية. إذ لم تكن هناك في الرياض حتى تاريخه سوى المكتبات الخاصة ببعض الأمراء والعلماء، وكانت مقتصرة على أصحابها، وأقاربهم ومعارفهم فحسب.
لم يكتف الأمير فهد بتأسيس دار الكتب هذه، وإنما بذل جهدا كبيرا في تزويدها بالمؤلفات والمخطوطات في شتى مجالات المعرفة. وحول هذا كتب المؤرخ السعودي الدكتور راشد العساكر مقالا قال فيه: «قام أمين مدينة الرياض الراحل فهد الفيصل بمخاطبة كثير من المكتبات العالمية والدول للحصول على الكتب والمخطوطات المتنوعة، وبالفعل أرفدت دار الكتب بذلك»، ثم أضاف مستطردا أن الرجل وجه أيضا دعوات مماثلة إلى كل من مدير منظمة اليونيسكو بباريس، وسفراء السعودية في باريس، وروما، وبون، وكراتشي، ودلهي، والقاهرة، وواشنطن، علاوة على بعض الشخصيات العلمية والمؤلفين يحثهم فيها على سرعة تزويد الدار استعدادا لافتتاحها رسميا.
تقدير وتكريم واحترام
حصل الأمير فهد حصل خلال حياته على عدد من الأوسمة وشهادات التقدير، فقد منحه رئيس جمهورية لبنان كميل شمعون، ورئيس وزرائها سامي الصلح وسام الأرز الوطني في 15 أبريل 1957، كما قلده شاه إيران محمد رضا بهلوي في 14 مارس 1957 الوسام الإمبراطوري الإيراني، عند زيارته الرياض، ومنحه عمدة لوس أنجليس مفتاح المدينة تقديراً له. وفي عام 1996 كرمته صحيفة عكاظ ضمن عدد من الرواد في حفل رعاه الأمير (الملك) سلمان بن عبدالعزيز الذي نزل شخصيا من المنصة لمنح شهادة التكريم بيده إلى الأمير فهد في مكان جلوسه تقديرا واحتراما.
تزوج الأمير فهد الفيصل، الذي توفي بالرياض في 22 فبراير 1998، عدة مرات وأنجب عددا من البنين والبنات، لعل من أشهرهم اللواء مهندس متقاعد الأمير ناصر الفهد الفيصل، الذي شغل على مدى 15 عاما، منصب مدير الأشغال العسكرية بوزارة الدفاع والطيران، أشرف خلالها على إدارة وتنفيذ البنى الأساسية للقوات المسلحة، ومشاريع المطارات والقواعد والمدن العسكرية في مختلف أرجاء السعودية. علاوة على ذلك، وبسبب خبرته في تصميم المنشآت وحصوله على شهادات جامعية كثيرة من أعرق الكليات العسكرية الأمريكية في مجال الهندسة المدنية، تمت الاستعانة به في عام 1979 لتحرير وتطهير الحرم المكي من جهيمان العتيبي وزمرته الضالة، حيث أبلى بلاء حسنا لجهة دراسة الهندسة المعقدة للقبو الذي كانوا يتحصنون فيه داخل الحرم، ووضع الخطط المناسبة لإخراجهم منه بالقوة، باستخدام معدات القص والحفر الهندسية المتوفرة لدى القوات المسلحة.
وبسبب قلة المعلومات المتوفرة عنه، سنعتمد في هذه المادة على المعلومات الثرية التي أتحفنا بها الأستاذ سليمان الحديثي في كتابه «فهد الفيصل، الأمير الأمين» الصادر عن دار جداول للنشر، وفي مقاله بصحيفة الجزيرة (18/10/2015) ومقاله الآخر بالمجلة العربية (العدد 542)، وسنطعمها بما تيسر من معلومات وشهادات من مصادر أخرى. هذا علماً بأن كلام الحديثي عنه موثق كونه استند في مقاله على مذكرات الأمير الشخصية المسجلة بصوته وشهادات أبنائه، وما ورد في الصحافة السعودية من أخباره في الفترة من عام 1374 – 1383 للهجرة.
مولعا بالإطلاع والمعرفة
ولد فهد بن فيصل بن تركي بن سعود بن إبراهيم بن عبدالله بن فرحان بن سعود بن محمد بن مقرن آل سعود، بمدينة الرياض في التاسع من صفر عام 1330 للهجرة المصادف للتاسع والعشرين من يناير 1912م. وكان ميلاده بعد مقتل والده بفترة قصيرة في إحدى معارك الملك عبدالعزيز المبكرة بالقرب من الأحساء، فتكفلت أمه الأميرة موضي بنت ناصر بن فرحان آل سعود (ابنة أحد رجالات الملك عبدالعزيز الذين استشهدوا في حربه ضد تمرد نخاولة المدينة المنورة) برعايته وتربيته مع شقيقه الوحيد الأكبر سناً عبدالله الفيصل الفرحان. عاش فهد وشقيقه وأمهما في بيت من بيوت الطين في «حلة الأجناب» وسط مدينة الرياض (سميت كذلك لأنها احتضنت الأسر القادمة من خارج الرياض) عيشة فقر وشظف، لكن لا يتمه المبكر ولا حالته المعيشية الصعبة منعاه من الدراسة والعلم. بل على العكس، كان مولعاً منذ صغره بالاطلاع والمعرفة، محباً للدراسة، سريعاً في فهم كل ما يحيط به. وقد استرعى ذلك انتباه والدته فراحت تغرس فيه منذ طفولته مبادئ الدين القويم، وتحفظه سور القرآن الكريم، وكيفية أداء الصلوات الخمس. وحينما بلغ السادسة أو السابعة من العمر أرسلته إلى الكتاتيب المتاحة آنذاك، فتعلم القراءة والكتابة والخط والإملاء في كتّاب عبدالعزيز الخيال، ليترك الكتّاب بعد ثلاث سنوات، وهو يتمتع بخط جميل (بدليل النماذج المتوفرة من خطه)، علاوة على مهارة فائقة في القراءة التي جعلته ينكب على مطالعة أمهات الكتب. يقول الحديثي في هذا السياق إن الأمير فهد الفيصل: «ثَقَّفَ نفسه بنفسه عن طريق القراءة والاطلاع، والاختلاط بأهل العلم والمعرفة ومناقشتهم، وقد قرأ في الكتب الدينية، لكن ولعه كان منصباً على قراءة كتب التاريخ والأدب ودواوين الشعر، ولمستُ خلال استماعي لمذكراته الصوتية كثرة استشهاده بالأشعار الفصيحة، مع سلامة النطق، وكذلك الاستشهاد بآراء بعض المؤرخين. كانت نفسه طموحة منذ الصغر إلى إثبات الذات، تَوَّاقة إلى معالي الأمور، فلم يكتف بالتفوق في دراسته، بل حرص على أن يفعل أموراً يقوم بها غالباً من هم أكبر منه سناً».
ومنذ أن بلغ العاشرة من عمره، وبرغبة ذاتية، وتشجيع من والدته، راح يركب الخيل والإبل، ويتدرب على الفروسية، ثم راح بعد عدة سنوات يتعلم الرماية والصيد بالصقور. وقد استعان في كل هذا بخيول وإبل وصقور وبنادق الآخرين، بسبب فقره وعدم قدرته على امتلاكها. يذكر الرجل في مذكراته الصوتية أنه لم يتضجر أو يشعر قط بتعب في ممارسة هذه الهوايات، مضيفا أنه رافق القوافل وهو في سن الخامسة عشرة في رحلاتها إلى الحجاز والقصيم والأحساء على ظهور الإبل، وأنه وأقرانه كانوا لا يشتكون من جوع أو عطش، ويمشون حفاة في أغلب الأحوال على أرجلهم كي يظهروا للآخرين أنهم رجال يتحملون المتاعب والمشاق.
الملك عبدالعزيز تفرس فيه الرجولة
في سنوات فتوته بدأ الأمير فهد يتردد على الإمام عبدالرحمن الفيصل وابنه الملك عبدالعزيز، يرحمهما الله، ليستفيد من المناقشات والآراء التي كانت تطرح في مجالسهما. ويبدو أن الملك عبدالعزيز تفرس فيه الرجولة وحب الاستزادة المعرفية وحسن التدبير فقرر أن يضمه كل خميس مع أنجاله القريبين منه في السن كالأمير محمد والأمير (الملك) خالد. هذا قبل أن يشب ويدعوه الملك للمشاركة في معاركه الحربية. وهكذا شارك الأمير فهد في معركة السبلة (آخر معارك الملك عبدالعزيز في سبيل توحيد الجزيرة وتأسيس مملكته، ودارت رحاها في عام 1929 بين قوات جلالته وقوات الإخوان البدو في روضة سبلة بمنطقة الزلفي)، كما شارك قبل ذلك في عملية حصار جدة (المعروفة بحصار أبرق الرغامة) التي بدأت أوائل عام 1925 وانتهت في أواخره باستسلام قوات الملك علي بن الحسين ودخول قوات الملك عبدالعزيز مدينة جدة. إلى ذلك شارك في حرب اليمن عام 1933 التي أصيب فيها وكاد يفقد حياته، لولا سفره مباشرة بعد الحرب من الرياض إلى الأحساء بالسيارات ومن ثم بالحمير إلى ميناء العقير الذي استقل منه سفينة شراعية إلى البحرين لتلقي العلاج في مستشفياتها، حيث أرسل الملك عبدالعزيز معه خطاباً إلى الأمير عبدالله بن جلوي (ت: 1935) لتسهيل أموره في البحرين، فكانت تلك هي تجربته الأولى في ركوب البحر.
ثَقَّفَ نفسه بنفسه
قلنا إن الأمير فهد وُصف بالرجل الذي ثقف نفسه بنفسه من خلال القراءة والاطلاع والاحتكاك والنقاش وحضور مجالس العلماء، ومن آيات ذلك امتلاكه مكتبة عامرة بالمؤلفات النفيسة في ميادين الفقه والأدب والشعر والتاريخ والسير والجغرافيا والفلسفة والإدارة والسياسة، وحرصه على ارتياد المتاحف والمكتبات ودور الوثائق العربية والأجنبية (مثلاً حينما قام بزيارة مصر سنة 1356 للهجرة (1937م) حرص على زيارة المتحف الفرعوني ومتحف الآثار العربية ودار الكتب)، علاوة على دعمه المثقفين ورجال العلم في مشاريعهم التعليمية والثقافية، بشهادة علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر (ت: 2000) وزميله الشيخ صالح بن سليمان العمري (ت: 1918) اللذين أشادا بدوره هذا. ولعله من المفيد هنا أن نضيف أنّ الأمير فهد كان رجلا منفتحا على العصر ومستحدثاته بدليل أنه حرص، أثناء عمله في بريدة، على اقتناء أجهزة المذياع في وقت كان مواطنوها المحافظون يحرمونه ويعتبرونه نوعا من السحر، بل دافع عن الراديو وحقه في الاستماع إليه لتعزيز ثقافته والاطلاع على ما يدور في العالم في مواجهة من اشتكوه لأمير القصيم، حيث تمكن أن يتعامل مع الموقف بحكمة وروية من خلال الاجتماع بعلماء بريدة وإقناعهم وتفنيد كل ما قيل عن الجهاز من أشياء مغلوطة، فتغيرت نظرتهم تدريجيا. وبالمثل لم يلتفت إلى ما قاله أهل نجد عند سماعهم للمرة الأولى هدير الطائرة وهي تطير من أنه «صيحة القيامة»، فاستقل واحدة منها، دون تردد أو خوف، من مصر إلى بلاده سنة 1356 للهجرة (1937م). وملخص قصة ركوبه الطائرة، طبقاً لما رواه ابنه الأمير متعب بن فهد الفيصل، أن والده كان يتعالج في القاهرة عام 1356 للهجرة، وعلم -آنذاك- بعزم الاقتصادي المصري الشهير طلعت باشا حرب إهداء طائرة لبلاده، فطلب من السفير السعودي بمصر -وقتذاك- الشيخ العقيلي «فوزان عثمان السابق» أن يعود إلى السعودية على متن تلك الطائرة. وقد أضاف الأمير متعب أن تلك الواقعة كانت سبباً في نقل والده من إمارة القصيم إلى إمارة الظفير.
رافضا للسائد.. تعلم الإنجليزية
ومن الدلائل الأخرى على رفضه لما كان سائداً في زمنه من تشدد ونبذ لتدريس بعض العلوم الحديثة مثل اللغة الإنجليزية والجغرافيا، أنه استقدم من جدة إلى بريدة مدرسا خاصا من الجنسية السودانية ليعلمه هاتين المادتين، وهو ما جعله قادرا على التحدث والكتابة بالإنجليزية بالقدر الكافي لمخاطبة أصحابها. ولا نبالغ لو قلنا إن اهتمامه بالتثقف والاطلاع والاستماع إلى الراديو والانفتاح على العلوم الحديثة وزيارة المكتبات والمعالم الأجنبية كان له دور كبير لجهة قيامه بتنفيذ أفكار ورؤى سابقة لزمنها إبان تقلده مناصبه الرسمية، على نحو ما سيأتي.
بداية مسيرته الوظيفية
أما لجهة مسيرته الوظيفية فقد بدأت بتعيين الملك عبدالعزيز له في وظيفة وكيل إمارة القصيم سنة 1354 للهجرة، فعمل تحت يد شقيقه الأمير عبدالله الفيصل الفرحان الذي كان -آنذاك- أميراً للقصيم، حيث إن الأخير شغل هذا المنصب من عام 1355 إلى عام 1366 للهجرة قبل أن يعين رئيساً للحرس الوطني في الفترة ما بين عامي 1374 و1376 للهجرة. وفي عام 1356 للهجرة نقله الملك إلى منطقة الباحة أميراً عليها خلفاً لأميرها «تركي بن محمد بن ماضي»، وكانت -آنذاك- تسمى الظفير. وخلال الفترة التي تولى فيها إمارة الظفير التي استمرت نحو 14 شهراً، حقق العديد من الإنجازات مثل تطبيق نظام المدارك (لتوعية سكان المنطقة دينياً وثقافياً وأمنياً)، الذي أعجب الملك به وسماه «تعليمات فهد الفيصل» وأمر بتعميمه في مناطق المملكة الأخرى، علاوة على ذلك قام الأمير فهد بحل الكثير من مشاكل المنطقة الأمنية، الأمر الذي أكسبه رضى وثناء وإعجاب السكان. أعاده الملك عبدالعزيز إلى بريدة في بداية عام 1358 ليساعد شقيقه في إدارة إمارة القصيم بسبب مرض الأخير، فظل يعمل وكيلاً للإمارة للمرة الثانية حتى عام 1366 للهجرة.
أول أمين للرياض
وبعد أن تولى الملك سعود -رحمه الله- الحكم خلفاً لوالده، في عام 1373 للهجرة (1953م) أصدر أمراً ملكياً بتعيينه رئيسا لبلدية الرياض، وبعد عامين صدر الأمر السامي بتعديل اسم بلدية الرياض إلى «أمانة مدينة الرياض»، فصار الأمير فهد أول أمين لها بمرتبة وزير دولة، واستمر يشغل هذا المنصب حتى عام 1386 للهجرة (1966م)، حينما تفرغ لأعماله الخاصة وهواياته. وخلال توليه هذه الوظيفة منحه الملك سعود صلاحيات واسعة ومطلقة بناء على طلبه لتطوير العاصمة؛ نظراً لتوسع نشاط بلدية الرياض كثيراً مع تضاعف ميزانيتها وموظفيها، وذلك نتيجة لتحول المدينة إلى منطقة جذب سكاني للهجرة الداخلية بحثاً عن فرص العمل والدراسة، خصوصاً بعدما نقلت إليها الوزارات بدءا من سنة 1955. هذا علما بأنه -طبقاً لمذكراته الصوتية ومقابلاته-عمل في أمانة الرياض دون راتب ورفض طيلة فترة عمله أن يأخذ أي منحة من الأراضي، قائلا إنه طبق قول الشاعر امرئ القيس بحذافيره:
فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشةٍ
كفاني ولم أطلب قليلٌ من المالِ
ولكنما أسعى لمجدٍ مؤثلٍ
وقد يُدركُ المجدَ المؤثلَ أمثالي
أورد الكاتب الحديثي (مصدر سابق) في مقاله عن الأمير فهد شهادات بعض معاصريه إبان توليه مناصبه في القصيم والرياض. ومن هؤلاء الشيخ صالح بن سليمان العمري، وهو من رواد التعليم في منطقة القصيم، وممن تولى التدريس في أول مدرسة أسست في بريدة وهي المدرسة الفيصلية سنة 1356 للهجرة، وشغل وظيفة معتمد المعارف في القصيم زمن الشيخ محمد بن عبدالعزيز مانع (ت: 1965). قال الشيخ العمري إن الأمير فهد الفيصل كانت له همة عالية ورغبة أكيدة في تشجيع ومساندة ودعم المدرسة الفيصيلية وطلابها ومعلميها وإدارييها، وإنه كان يستقبلهم في قصره ويقيم الولائم لهم ويمنحهم الجوائز القيمة، ويزود مكتبة المدرسة، ثم مكتبة بريدة بعد إنشائها، بالكتب والمؤلفات المتنوعة. أما الأديب السعودي المعروف الشيخ عبدالله بن إدريس الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى لرعاية العلوم والفنون والآداب ولجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (ت: 2021) فقال عنه إنه كان «خير من يشجع الأدباء والكتاب على رفع عقيرتهم بالنقد البناء الهادف ويرحب بالتوجيهات والملاحظات الإصلاحية الإيجابية». ولعل من أقوى الدلائل في هذا السياق أنه كان أحد الداعمين لتأسيس أول جريدة وأول مطبعة في منطقة نجد، ونعني بهما جريدة اليمامة وشركة الطباعة والنشر الوطنية اللتين أسسهما العلامة الشيخ حمد الجاسر، وتولى رئاسة تحرير الأولى ورئاسة مجلس إدارة الثانية. حيث سُجل عن الجاسر قوله شكرا للأمير لأنه «الذي تعهد هذا المشروع بضروب من العناية والعون في كل مناسبة».
تأسيس دار الكتب السعودية
ومن جهوده الأخرى إبان توليه أمانة مدينة الرياض أنه كلّف بعض مرؤوسيه في الأمانة، أن ينسقوا مع الإذاعة، إعداد وبث مسابقات ثقافية وعلمية عبر الأثير لعموم المستمعين، على أن تقوم أمانة الرياض بتقديم جوائزها للفائزين. هذا إضافة إلى عمله الرائد المتمثل في الإشراف على تأسيس «دار الكتب السعودية» التي افتتحها الملك سعود بتاريخ 14 نوفمبر 1958 في مكان مجاور لمبنى جامعة الملك سعود بشارع الملز. وقد جاء تأسيس هذه الدار استجابة لمطالبات عدد من كتاب الصحف الذين ألحوا في أن تكون للرياض مكتبة وطنية عامة أسوة ببقية العواصم العربية. إذ لم تكن هناك في الرياض حتى تاريخه سوى المكتبات الخاصة ببعض الأمراء والعلماء، وكانت مقتصرة على أصحابها، وأقاربهم ومعارفهم فحسب.
لم يكتف الأمير فهد بتأسيس دار الكتب هذه، وإنما بذل جهدا كبيرا في تزويدها بالمؤلفات والمخطوطات في شتى مجالات المعرفة. وحول هذا كتب المؤرخ السعودي الدكتور راشد العساكر مقالا قال فيه: «قام أمين مدينة الرياض الراحل فهد الفيصل بمخاطبة كثير من المكتبات العالمية والدول للحصول على الكتب والمخطوطات المتنوعة، وبالفعل أرفدت دار الكتب بذلك»، ثم أضاف مستطردا أن الرجل وجه أيضا دعوات مماثلة إلى كل من مدير منظمة اليونيسكو بباريس، وسفراء السعودية في باريس، وروما، وبون، وكراتشي، ودلهي، والقاهرة، وواشنطن، علاوة على بعض الشخصيات العلمية والمؤلفين يحثهم فيها على سرعة تزويد الدار استعدادا لافتتاحها رسميا.
تقدير وتكريم واحترام
حصل الأمير فهد حصل خلال حياته على عدد من الأوسمة وشهادات التقدير، فقد منحه رئيس جمهورية لبنان كميل شمعون، ورئيس وزرائها سامي الصلح وسام الأرز الوطني في 15 أبريل 1957، كما قلده شاه إيران محمد رضا بهلوي في 14 مارس 1957 الوسام الإمبراطوري الإيراني، عند زيارته الرياض، ومنحه عمدة لوس أنجليس مفتاح المدينة تقديراً له. وفي عام 1996 كرمته صحيفة عكاظ ضمن عدد من الرواد في حفل رعاه الأمير (الملك) سلمان بن عبدالعزيز الذي نزل شخصيا من المنصة لمنح شهادة التكريم بيده إلى الأمير فهد في مكان جلوسه تقديرا واحتراما.
تزوج الأمير فهد الفيصل، الذي توفي بالرياض في 22 فبراير 1998، عدة مرات وأنجب عددا من البنين والبنات، لعل من أشهرهم اللواء مهندس متقاعد الأمير ناصر الفهد الفيصل، الذي شغل على مدى 15 عاما، منصب مدير الأشغال العسكرية بوزارة الدفاع والطيران، أشرف خلالها على إدارة وتنفيذ البنى الأساسية للقوات المسلحة، ومشاريع المطارات والقواعد والمدن العسكرية في مختلف أرجاء السعودية. علاوة على ذلك، وبسبب خبرته في تصميم المنشآت وحصوله على شهادات جامعية كثيرة من أعرق الكليات العسكرية الأمريكية في مجال الهندسة المدنية، تمت الاستعانة به في عام 1979 لتحرير وتطهير الحرم المكي من جهيمان العتيبي وزمرته الضالة، حيث أبلى بلاء حسنا لجهة دراسة الهندسة المعقدة للقبو الذي كانوا يتحصنون فيه داخل الحرم، ووضع الخطط المناسبة لإخراجهم منه بالقوة، باستخدام معدات القص والحفر الهندسية المتوفرة لدى القوات المسلحة.