المملكة 2022.. آفاق واعدة
الثلاثاء / 01 / جمادى الآخرة / 1443 هـ الثلاثاء 04 يناير 2022 23:51
رامي الخليفة العلي
حجم التغييرات التي مرت بها المملكة العربية السعودية خلال السنوات الخمس الماضية كانت هائلة، حيث حاولت القيادة والشعب السعودي حرق المراحل والسير حثيثاً نحو تطوير طال انتظاره طوال عقود مضت، وعلى كافة المستويات، وكما ذكر الأمير محمد بن سلمان فإن المملكة ليست مستعدة لإضاعة المزيد من الوقت. التغييرات شملت كافة المجالات ولعل أهمها مشاركة المواطن السعودي في المشروع الوطني المتمثل في رؤية 2030، وهذا كان يستلزم العودة إلى الدين السمح والوسطي الذي تميزت به المملكة طوال قرون، فقد قامت المملكة عبر شعبها ونخبها بالوقوف بوجه الأفكار المتطرفة والراديكالية التي حاولت أن تفرض نفسها على المجتمع السعودي، فالمملكة عادت إلى هويتها بالحفاظ على العقيدة التي تمثل روح الأمة والانفتاح على التطور والتحديث، دون أن يكون هناك تناقض سوى لدى بعض المتطرفين الذين لفظهم المجتمع السعودي. لقد انتصرت المملكة في معركة الوعي وهذا مهد الطريق لكي تتبنى المملكة شروط العصر ومتطلباته واستطاعت سريعاً أن تتبنى التقنية الحديثة ومن المتوقع أن تصبح المملكة هي المركز التقني والعلمي في منطقة الشرق الأوسط برمتها. الجانب الأهم الذي يستطيع المواطن السعودي أن يلمسه هو تحول الدولة من النموذج الريعي الذي أفرزته الطفرة النفطية إلى النموذج الإنتاجي والتنموي الذي تبشر به رؤية 2030. وهنا بدأت الرياض تتحول ليس فقط عاصمة القرار السياسي العربي وحسب بل إلى مركز علمي واقتصادي وخدمي وفي هذه الأثناء تستعد الشركات العالمية الكبرى لشد الرحال إلى عاصمة المملكة واتخاذها مقراً لأعمالها، كما تتحول المملكة سريعاً إلى مركز إعلامي حيث من المتوقع أن يتحول إلى الأكبر في منطقة الشرق الأوسط برمتها باعتبار الإمبراطوريات الإعلامية التي تنوي افتتاح مقراتها أو فروع منها في المملكة. وإذا كانت التطورات الكبرى في عمر الأمم والدول تقاس بالعقود والقرون فإن التطورات التي شهدتها المملكة أصبحت تقاس بالأسابيع والأيام. كل ذلك أهّل المملكة لكي تلعب دوراً محورياً في منطقة الشرق الأوسط وجعل الأطراف التي حاولت تهميش دورها تصل إلى قناعة بأن المملكة هي الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه؛ لذلك وجدنا ذلك الخطاب المختلف الذي عبرت عنه تركيا أردوغان ومحاولة خطب ود المملكة، وما زالت تركيا تحاول بناء الثقة مع الرياض ولكنها بحاجة إلى الكثير باعتبار الشرخ الكبير الذي سببته السياسات السابقة الحمقاء. كما أن النظام الإيراني انصاع شكلياً على الأقل إلى مقتضيات العقل والمنطق عبر فتح حوار مع المملكة في العاصمة العراقية بالرغم من كل الصعوبات التي واجهت هذا الحوار. نأمل أن تعود تلك القوى الإقليمية إلى رشدها، فخيار بناء علاقات حسن الجوار وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى أقل تكلفة بكثير من إثارة حالة من عدم الاستقرار في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودعم الإرهاب. في بداية العام الجديد المملكة مصممة على الدفاع عن مصالحها وأمنها القومي، وهي لن تسمح بأي اختراق للأمن القومي العربي، وهذا يتجلى بشكل كبير في اليمن ومع ذلك مستعدة للجنوح للسلم إذا ما أيقنت جماعة الحوثي بأن مصالح اليمن وأمنه وشعبه أهم من المصالح الإقليمية التي لا تجلب إلا الدمار والخراب للمنطقة برمتها. كما أن رؤية المملكة لقضايا الشرق الأوسط ما تزال ثابتة وتثبت صوابيتها، فالمملكة ترى أن احتضان العراق عربياً وعدم تدخل الأطراف الإقليمية بشؤونه كفيل أن يضعه على سكة الاستقرار وهذا ما حاولت القيام به خلال العام المنصرم وهو جزء من استراتيجية المملكة في سياستها الإقليمية. المملكة حريصة على مواجهة الإرهاب والحفاظ على أمنها وهذا عنوان سياستها في لبنان، وبالتالي الوقوف مع الشعب اللبناني في مواجهة مليشيات حزب الله الإرهابية ومتابعة نشاطات الحزب الإجرامية وأهمها استهداف المنطقة بالمخدرات والتعاون الأمني مع دول مجلس التعاون أثبت جدواه وفعاليته خلال العام المنصرم. في سوريا وليبيا وغيرهما من الدول العربية انحياز المملكة للشعوب العربية ومصالحها، ويتجلى ذلك في الموقف الثابت من القضية الفلسطينية وتبني المبادرة العربية التي أطلقها المغفور له الملك عبدالله، والمملكة بالرغم من كل التشكيك أثبتت أنها الطرف الذي يحافظ على مبادئه دون مزايدة وسوف تستمر في ذلك.
تدخل المملكة العام الجديد متسلحة بالعزم والحزم الذي يميز قادتها، تدخل والشعب السعودي تشرئب أعناقه لمستقبل واعد تبنى قواعده بمزيد من الثقة والإيمان بالمواطن السعودي.
تدخل المملكة العام الجديد متسلحة بالعزم والحزم الذي يميز قادتها، تدخل والشعب السعودي تشرئب أعناقه لمستقبل واعد تبنى قواعده بمزيد من الثقة والإيمان بالمواطن السعودي.