كتاب ومقالات

الرقمنة ووزارة الداخلية

عقل العقل

في تاريخ البشرية ثورات لها أشكال عدة، والثورة الصناعية كانت من أكثرها تطورا وتغيرا في الحياة البشرية وما زلنا نعيش نتاجها حتى الآن. الجيش الأمريكي في ستينات القرن الماضي طوّر الإنترنت بين قواته، وكان سببا فيما نشهده من ثورة معلوماتية سريعة، والكل يتساءل ماذا بقي للبشرية أن تخترعه بعد هذا التطور المذهل في عالم الإنترنت الذي نشهد أشكالا خطيرة لجيوش المستقبل الإلكترونية، ومن ملامحها مثلا طائرات الدرون التي أصبحت سلاحا رخيصا وفتاكا في الحروب المعاصرة.

في هذا السياق تعتبر المملكة من الدول التي كانت سبّاقة في توطين الرقمنة على كافة الأصعدة وخاصة في القطاع الحكومي، وكانت وزارة الداخلية السعودية هي من أوائل القطاعات الرسمية وغير الرسمية التي استخدمت التقنية الرقمية في مجالات عدة ولعل نظام «أبشر» من الأنظمة المتطورة جدا في تقديم الخدمات العديدة المقدمة من الوزارة للجمهور، واعتقد شخصيا أن نظام أبشر هو بالحقيقة وزارة بذاته يقوم عليها المسؤولون في وزارة الداخلية بكافة قطاعاتها.

ومن محاسن الصدف أنه قد أتيحت لي الفرصة بزيارة جناح وزارة الداخلية بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في الصياهد شرق العاصمة الرياض، ففِي يوم ماطر وجميل كنت في زيارة لذلك المهرجان الثقافي الأصيل الذي يعكس تراث بلدنا الغالي بكل مكوناته الثقافية والاجتماعية.

في بداية منطقة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل توقفنا بجناح وزارة الداخلية وما شاهدناه مع مجموعة من الزوار من مختلف الدول الخليجية والأوروبية لهو منظر يبعث على الفخر والاعتزاز لقطاعات وزارة الداخلية وما يبذله منسوبوها في حفظ أمن وطننا الغالي، اللافت أن فلسفة الأمن والحفاظ عليه تغيرت بشكل جذري، وأساس التغير في وقتنا الحالي هو الاستخدام المتقدم للتقنية والثورة المعلوماتية السريعة، فعلي شاشات تلفزيونية تنقل بشكل مباشر للمنافذ البرية والمطارات تشاهد مناطق الوصول والمغادرة مباشرة ولا مكان للاجتهادات والأخطاء في ظل هذا النقل المباشر وخاصة في حالة وجود أي أزمة أو زحام في أي منفذ في المملكة، وخاصة أن المملكة وفي ظل الانفتاح الذي نعيشه وقدوم الآلاف من الزائرين للمملكة تكون منافذنا بما فيها إدارات الجوازات الواجهة المشرّفة لاستقبال وتوديع هؤلاء الزائرين.

ومن الأجهزة الحديثة التي سعدت بمعرفة جهودها رغم حداثة تأسيسها هي جهاز الأمن البيئي الذي يحظى بدعم القيادة، خاصة مع تأسيس محميات ملكية، بالإضافة إلى المحافظة على البيئة المحلية التي تعرّضت للجور والتدمير على مدى عقود وكذلك حماية الحيوانات البرية المتبقية في بيئتنا الجغرافية، هذا الجهاز بلا شك يوجد به شباب مدربون من أفراد وزارة الداخلية لا ينقصهم أية إمكانات مادية أو معنوية في التصدي للعابثين وضعفاء النفوس الذين يدمرون الغطاء النباتي بغرض التجارة غير الشرعية.

في الحقيقة إن ما شاهدته في جناح وزارة الداخلية هناك له علاقة مباشرة بحياة المواطن والمقيم على هذه الأرض الغالية، وكل تلك الإدارات والأجهزة مهمة كأهمية الإنسان ذاته، فالأمن الجنائي ومكافحة الإرهاب بأحدث الأجهزة المتطورة التي يقوم عليها شباب وشابات الوطن لهو يثلج الصدر ويبعث برسائل تطمين بأن مقدراتنا التنموية في أيدٍ أمينة تدعمها قيادة حكيمة.