ثريا عبيد.. أول مبتعثة سعودية
الاثنين / 14 / جمادى الآخرة / 1443 هـ الاثنين 17 يناير 2022 03:05
بقلم: د. عبدالله المدني
من منطلق أن المرأة نصف المجتمع وأنها الركيزة الأساسية لتكوين بنية اجتماعية قوية ومتطورة، حظيت المرأة السعودية باهتمام القيادة السياسية ضمن خطط البلاد التنموية المتتالية منذ بواكير تأسيس المملكة وتوحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه. فلم يتوقف دعمها وتوفير سبل الرعاية الصحية والتعليمية والخدمية لها في عهود من خلفوا الملك المؤسس، وصولا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي تميز بتمكينها على مختلف الصعد وفق رؤية المملكة 2030.
وهكذا رأينا بروز العديد من الأسماء النسائية التي رفعت اسم المملكة عاليا في المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وأكسبتها السمعة اللائقة سياسيا واقتصاديا وعلميا وثقافيا ورياضيا. لكن المؤسف أن الإعلام قصر في إعطائهن حقهن من الحفاوة والتقدير إلا في ما ندر.
إحدى هؤلاء السيدات هي الدكتورة ثريا عبيد، التي لقبناها بـ«أول مبتعثة سعودية». على أن هذا، لئن كان صحيحا فإنه يبقى مجرد لقب محدود لا يغطي جوانب أخرى كثيرة من مسيرتها المقترنة بكلمة «أول». فهي إلى ذلك، أول سعودية تنال درجة الدكتوراه، وأول سعودية تتخصص في الإنثروبولوجيا الثقافية، وأول عربية وسعودية تقود إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وأول امرأة ترأس لجنة من لجان مجلس الشورى السعودي، وأول امرأة سعودية تكرم في مهرجان الجنادرية.
ولدت ثريا في بغداد في الثاني من مارس 1945 لأبوين حجازيين من المدينة المنورة. والدها هو الأديب والمثقف والصحفي والناشر المرحوم أحمد عبيد محمد عبيد المولود عام 1915 بالمدينة المنورة والمتوفى فيها عام 1994، الذي تقلب في وظائف رسمية عديدة في وزارة المالية ووزارة الزراعة وديوان الموظفين من بعد تخرجه من مدرسة اللاسلكي، قبل أن يتقاعد وينصرف إلى الأعمال الحرة، حيث يـُذكر له قيامه بتأسيس مؤسسة حديثة للطباعة والنشر بجدة، وإصداره عام 1953 مجلة «الرياض» المصورة بجدة ثم مجلة «صرخة العرب» الأسبوعية بالقاهرة، ومساهمته في تحرير مجلة المنهل، وكتابته مقالات ذات حس وطني وتنموي على مدى سنوات في صحف «الندوة» و«البلاد» وغيرهما تحت عنوان «رأي الشعب». أنجب الأب أحمد عبيد أربعة أولاد هم: طاهر (الوكيل الأسبق لوزارة الزراعة)، إبراهيم (الوكيل الأسبق لوزارة البرق والبريد والهاتف)، عصام، ومحمد. كما أنجب أربع بنات أكبرهن ثريا ثم فدوى وثناء وثروة.
عائلة تقدر العلم
كتب عن ثريا عبيد أستاذنا المؤرخ محمد بن عبدالرزاق القشعمي في الملحق الثقافي بجريدة الجزيرة السعودية ( 16/2/2019) فأخبرنا عن أسباب ميلادها في بغداد قائلا إن والدتها وقت حملها لها كانت في زيارة لشقيقها «درويش الخطيب» الذي كان مقيما بالعراق ويعمل تاجرا ما بين بغداد والمدينة المنورة، فوضعتها هناك.
ولأنها ولدت في عائلة منفتحة تقدر العلم، فقد ألحقها والدها في سن الثالثة بإحدى الكتاتيب التقليدية بمكة المكرمة. وفي سن السابعة عام 1952، ألحقها بالقسم الداخلي للبنات في الكلية الأمريكية بالقاهرة، حيث ترعرعت وفتحت عينيها على مظاهر الحياة العصرية وأنهت مراحل تعليمها الابتدائي والمتوسط، ثم المرحلة الثانوية التي أنهتها عام 1963. وقتها كانت تكاليف الدراسة باهظة ولم يكن بمقدور عائلتها تحملها، فتقدمت ثريا إلى الملك فيصل بطلب منحة دراسية، فجاءتها الموافقة المشروطة ضمن رسالة من الملك ورد فيها: «ستكونين الفتاة السعودية الوحيدة الحاصلة على منحة دراسية في أمريكا حتى تنتهي من التعليم الجامعي. فإذا نجحت فتحت الأبواب، وإذا فشلت أغلقتها» (طبقا لما ورد في مقال عنها بمجلة القافلة الشهرية الصادرة عن أرامكو السعودية لشهري يناير وفبراير 2010 تحت عنوان «من الكتــّاب في مكة المكرمة إلى الأمم المتحدة»). ما حدث بعد ذلك هو أن ثريا نجحت بتفوق وتقرر في عام 1965 منحها بعثة لإتمام دراستها الجامعية والعليا بالولايات المتحدة الأمريكية مع زميلاتها فاتنة أمين شاكر ومديحة درويش وبلقيس ناصر وهدى الدباغ (في قول آخر، إن جامعة الملك عبدالعزيز الوليدة هي التي ابتعثت هؤلاء الفتيات). وبهذا كانت ثريا على رأس قائمة الفتيات السعوديات اللواتي حصلن على منحة للدراسة في الخارج، في زمن كان الابتعاث مقتصرا على الذكور.
الدراسة في الخارج
وهكذا شقت طريقها في التعليم الجامعي عبر الالتحاق أولا بكلية ميلز للفتيات في أوكلاند بولاية كاليفورنيا عام 1966، التي منحتها ليسانس آداب اللغة الإنجليزية مع تخصص فرعي في علم الإنثروبولوجيا الثقافية (علم يرجع الفضل فيه إلى العالم إدوارد تايلور، وهو يهتم بدراسة الثقافة من جوانبها المختلفة ويركز تحديدا على دراسة الثقافات واللغات البشرية وأدائها لوظائفها في كل زمان، والكشف عن استجابات الناس نحو مشكلات الحياة والعمل وينقسم إلى فروع أهمها علم الأعراق وعلم الآثار وعلم اللغويات).
ثم نالت في عام 1968 درجة الماجستير في التخصصين ذاتهما من جامعة وين الحكومية في مدينة ديترويت بولاية ميتشيغان الأمريكية. بعد ذلك واصلت دراستها في الجامعة الأخيرة لتحصل في العام 1974 على درجة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي والإنثروبولوجيا الثقافية.
في عام 1975 بدأت ثريا رحلتها العملية. ففي تلك السنة تمّ تعيينها بهيئة الأمم المتحدة مسؤولة عن برامج المرأة والتنمية في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) التي كان مقرها آنذاك مدينة بيروت. واستمرت تعمل هناك حتى عام 1982، فعاصرت كل الأحداث الجسيمة التي مرت على لبنان مثل: أهوال الحرب الأهلية والاجتياح العسكري الإسرائيلي. وحينما تقرر نقل الأسكوا من بيروت إلى بغداد انتقلت ثريا وأسرتها الصغيرة معها إلى المدينة التي شهدت ميلادها، وظلت تقيم بها إلى تاريخ اجتياح القوات العراقية دولة الكويت سنة 1990.
العودة للوطنانشغال العالم بقضية الغزو العراق للكويت وتداعياتها الأمنية الخطيرة على عموم بلدان الشرق الأوسط أدى لتوقف أنشطة الأسكوا مؤقتا. فمنح ذلك ثريا فرصة للعودة إلى وطنها لتبقى بجانب والدها الذي كان قد تقدم به العمر آنذاك. وقتها حاولت أن تخطط للبقاء طويلا في السعودية عبر الحصول على وظيفة مناسبة، إلا أنها لم توفق لأن مؤهلاتها كانت أعلى من متطلبات أي وظيفة (كما قالت بنفسها في محاضرة لها في إثنينية عبدالمقصود خوجة بجدة عام 2009).
العمل في الأمم المتحدةولهذا السبب، معطوفا على إلحاح والدها عليها للعودة إلى العمل مع الأمم المتحدة، غادرت السعودية بعد أن قضت بها نحو عام ونصف العام، لتعمل مجددا مع الأسكوا بمقرها الجديد في العاصمة الأردنية، بوظيفة رئيسة شعبة التنمية الاجتماعية للسكان. وظلت ممسكة بهذا المنصب من عام 1992 حتى عام 1993. وما بين عامي 1993 و1998 شغلت منصب نائب الأمين العام التنفيذي للأسكوا. بعد ذلك انتقلت للعمل والإقامة بمدينة نيويورك. وكان السبب أن السفير السعودي لدى الأمم المتحدة وقتذاك «فوزي عبدالمجيد شبكشي» رشحها ــ بموافقة الملك فهد بن عبدالعزيز ــ للإمساك بمنصب قيادي في الأمم المتحدة هو منصب وكيل الأمين العام والمدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للإسكان الذي بلغ عدد المترشحين له خمس شخصيات من دول مختلفة. وفي أعقاب مقابلات شخصية ومناقشات أجراها الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي عنان (ت: 2018) مع جميع الشخصيات المترشحة، وجد أن الأكفأ لشغل المنصب هي ثريا عبيد، فاختارها بناء على توصية لجنة متخصصة لتتولى مسؤوليات هذا المنصب الأممي الرفيع خلال السنوات من 2000 إلى 2010.
النهوض بالمرأةومما أنجزته خلال مشوارها الوظيفي الآنف تفصيله إيلاؤها اهتماما خاصا بمسألة النهوض بالمرأة السعودية والعربية والشرق أوسطية بصفة عامة. فقد كانت مساواة المرأة وتمكينها وتطوير قدراتها وتوعيتها بحقوقها وواجباتها وتوفير سبل الحياة الكريمة أمامها في صلب اهتماماتها حينما عملت في الألسكوا والأمم المتحدة، من خلال وضع أطر للتعاون ما بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية المعنية من جهة وبناء شراكات ما بين الأمم المتحدة وهذه الحكومات والمنظمات من جهة أخرى. كما أسست ورأست مجموعات العمل التابعة للأمم المتحدة المهتمة بقضايا النوع في العاصمة الأردنية في عام 1996. وفي نوفمبر 1997، كانت عضوا في بعثة الأمم المتحدة المهتمة بالنوع في أفغانستان. وكانت ما بين عامي 1984 و1985 عضوا في مجموعة العمل التابعة لجامعة الدول العربية لصياغة الإستراتيجية العربية للتنمية الاجتماعية. والحقيقة أن ثريا خطت لنفسها مبكرا مثل هذه الأدوار بدليل قولها وقت انتقالها للعمل نائباً للأمين العام للأمم المتحدة ومديرا تنفيذيا لصندوقها الخاص بالسكان: «أردت من دخولي هذا الصندوق أن أدخل البعد الثقافي والقيمي لقضية السكان، وأصبح ولله الحمد لدينا برنامج حول الثقافة ودور الثقافة المحلية في قضايا التنمية وأصبح فعالاً، وأدخلنا العقلانية إلى هذا البرنامج، وحصلنا على ثقة الدول التي تشعر أننا نحترم الثقافة ونحترم القيم الروحية والدينية ونعمل من أجلها».
دور أممي فاعل
ثمّن الكثيرون إنجازاتها ودورها الحيوي في أروقة الأمم المتحدة والوكالات المتفرعة منها. فقد قال عنها الأستاذ عبدالمقصود خوجة في كلمة تقديمها في إثنينيته بجدة: «إن علاقة ضيفتنا الكريمة بما تقوم به تجاه الإنسانية، لا يقتصر على الدور الإداري والتنسيق الذي تمليه مهام منصبها الرفيع، بل تسهم بقلمها وفكرها في إثراء الجانب الثقافي والعلمي المتعلق بواجباتها الجسمية، فتراها في جهات المعمورة محاضرة، ومشاركة في المؤتمرات والندوات، وكاتبة في كبريات الصحف بشفافية، وجرأة، بصدق التوجه، وخالص النية، لما فيه خير البشرية»، مضيفا: «شأنها شأن الكبار، وحال من يتصدى للعمل العام، نتفق ونختلف معها، لكنها تبقى صفحة ناصعة في تاريخ المرأة السعودية التي بدأت جهودها التعليمية والعملية من نقطة الصفر، وتوجتها بتسلم واحدة من أهم وكالات الأمم المتحدة.. صحيح أن تلقيها العلم خارج الوطن أتاح لها ما لم يكن متاحاً لكثيرات من بنات الوطن، إلا أن تمسكها بثوابت هذا الكيان الحبيب، لم يفصم عراها عن ينابيع الأصالة والمعاصرة التي تتصف بها رائدات جليلات قدمن الكثير لمسيرة العلم والعمل في بلادنا». وكتبت عنها الصحفيتان الألمانيتان «زيغريد ديتلوف» و«روناته بيرنهارد» في صحيفة دويتشه فيلله عام 2003 تحت عنوان «منصب قلما تتقلده امرأة، تكافح عبيد على كل المستويات من أجل تحسين وضع النساء والأطفال» قائلتين: «لا تبدو ثريا عبيد مثل امرأة مكافحة. إنها تبدو حميمة، منفتحة، وإلى حد ما أمومية. إلا أن الرئيس الأمريكي بوش وإدارته تعرفوا على المكافحة. فحين شطب بوش ببساطة الدفعة الأمريكية إلى صندوق الأمم المتحدة للسكان التي كانت قد جرت الموافقة عليها، واجهته ثريا عبيد بكلمات واضحة (بهذه الـ34 مليون دولار يمكن منع وقوع مليوني حالة حمل غير مرغوب فيه و77000 من الوفيات بين الأطفال الرضع. سيموت نساء وأطفال بسبب هذا القرار أيها السيد الرئيس). إلا أن بوش رضخ لضغط الدوائر المحافظة».
ثقة ثريا
وفي المقال نفسه تساءلت الكاتبتان قائلتين: «من أين استمدت (ثريا) هذه الثقة بالنفس في تفكيرها؟ من أين استمدت القوة لترتقي في سلم الوظائف؟» ثم وضعتا الإجابة على لسانها فكتبتا (بتصرف): «من والديّ، خاصة من والدي وتفسيره للقرآن تفسيرا منفتحا على العالم يليق بالإنسان.. كان لي أب ذو رؤية وأم ذات رؤية. ولكن لو أرادت أمي وحدها أن تفعل شيئا من أجلي ما كانت تستطيع ذلك دون إسناد من أبي. كان أبي رجلا ورعا جدا وملتزما بتطبيق الشريعة، وكان يرى أن التعليم جزء من العقيدة والعلم جانب من العقيدة، ولذلك يتعين على المرء أن يكون متعلما كي يكون مسلما جيدا. وهذا ما يقوله الناس أيضا.. وهكذا وفر لي ولأخي نفس التعليم، إلى الحد الذي أراده كل منا.. أدركتُ المسؤولية الكبيرة التي وضعتْ على عاتقي منذ ذلك الوقت، إذ كنت في السابعة عشرة من العمر، حين أصبحت بمساعدة والدي أول امرأة من المملكة العربية السعودية تحصل على منحة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وحين سافرت وحدي إلى بلاد الغربة، تعرض والدي للشتم لأنه ترك ابنته تسافر إلى بلد يعمه الفساد. بعد ذلك أصبحت المنح في متناول النساء أيضا. كنت منذ ذلك الحين طلائعية في ما يتعلق بتعليم النساء.. لا يزال أمامنا طريق طويل، وأنا أعتقد أن الكل في المملكة العربية السعودية يدرك أن ثمة الكثير مما ينبغي عمله.. لقد تزوجتُ مرتين. اخترتُ زوجي الأول بنفسي والثاني أيضا، واتخذتُ القرارات في ما يتعلق بأطفالي. لدي ابنتان. إنهما الآن راشدتان. تعيشان في إنجلترا، تدرسان هناك».
«الشطارة» كلمة السرأجرت صحيفة الشرق الأوسط (25/5/2009) مقابلة معها اختتمتها بالقول: «الأمم المتحدة من الناحية السياسية هي نتاج المفاوضات والعلاقات السياسية بين الدول سواء كانت كبرى أم صغرى، وهذا يتطلب ما أسميه (الشطارة) الخاصة من الدول العربية ليكون لها موقع يمكنها من أن تؤثر على مجريات الأمور وهو ليس بالضرورة الواقع الحالي. أما من النواحي الاجتماعية والتربوية فيمكنني القول بكل صراحة وثقة، إننا في الأمم المتحدة نخدم إنسانياً في مواقع كثيرة ونخدم الفئات الأقل حظاً في المجتمعات، والدول الأقل حظاً في العالم.. وأشير إلى نقطة مهمة وهي أن وجود دولنا من خلال مساهمتها المالية في الصناديق وخاصة دول الخليج ضعيفة جداً.. ونحن عندما نقول إن بعض الدول الغنية الأخرى تؤثر كثيراً، فذلك يعود إلى أن دعمها المالي كبير، بعكسنا.. وقد تكون العلاقات الثنائية قوية جداً، وعلى أساسها تدعم الدول الخليجية دولاً أخرى بمبالغ هائلة، لكن وجودها ضمن الصناديق ضعيف جداً.. فلماذا لا يتم ذلك ضمن صناديق الأمم المتحدة، لأن هذا يقوي مواقعها ضمن المنظمة العالمية؛ وما زلت أتمنى أن يكون دعم دول الخليج أكبر ضمن صناديق الأمم المتحدة».
ضمن قوائم الأكثر تأثيراًأما مجلة القافلة الآنف ذكرها فقد أوردت في عددها المشار إليه، ضمن أمور أخرى، أن ثريا اختيرت في كتاب «مسلمون مرموقون» ضمن قائمة المائة مسلم الأكثر تأثيرا في عالم اليوم، وأن اسمها أدرج من قبل مجلة فوربس ضمن أقوى 50 امرأة عربية كونها امرأة مكافحة تمكنت بنجاح من تخطي كافة العوائق الاجتماعية، وأنها نالت وسام «ديونيسيو دي هيرار» لخدمة البشرية لمساندتها برنامج دمج مواد دراسية حول حماية النساء ضحايا العنف العائلي في مناهج التدريس في أكاديمية الشرطة في هندوراس عام 2005، وشهادة الدكتوراه الفخرية في القانون عام 2004 من جامعة «كوانساي غاكوين كوبي» اليابانية، تقديراً لإسهاماتها في النهوض بالثقافة، وشهادة الدكتوراه الفخرية في القانون من كلية ميلز الأمريكية بولاية كاليفورنيا، تقديراً لالتزامها بخدمة الناس في البلدان النامية. كما لقبتْ بـ«سيدة القوى الناعمة والمفتاح الذهبي لفتيات السعودية».
بعد تقاعدها من العمل، استقرت بالمملكة، وكرمتها الدولة باختيارها ضمن 30 سيدة سعودية لعضوية مجلس الشورى، فشغلت في الفترة ما بين 2012 و2016 مقعدها الشوري وتولت عام 2015 منصب رئيس لجنة حقوق الإنسان فكانت أول امرأة ترأس لجنة من لجان مجلس الشورى. كما كرمتها الدولة بمنحها وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى خلال مهرجان الجنادرية لعام 2013.
من كلماتها: «تعلمتُ في حياتي أن الإنسان لا يحارب في كل القضايا حتى لا يشتت تركيزه، بل يختار قضية واحدة يعتقد أنها هدف حياته ويركز عليها ليصل إلى القمة».
وهكذا رأينا بروز العديد من الأسماء النسائية التي رفعت اسم المملكة عاليا في المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وأكسبتها السمعة اللائقة سياسيا واقتصاديا وعلميا وثقافيا ورياضيا. لكن المؤسف أن الإعلام قصر في إعطائهن حقهن من الحفاوة والتقدير إلا في ما ندر.
إحدى هؤلاء السيدات هي الدكتورة ثريا عبيد، التي لقبناها بـ«أول مبتعثة سعودية». على أن هذا، لئن كان صحيحا فإنه يبقى مجرد لقب محدود لا يغطي جوانب أخرى كثيرة من مسيرتها المقترنة بكلمة «أول». فهي إلى ذلك، أول سعودية تنال درجة الدكتوراه، وأول سعودية تتخصص في الإنثروبولوجيا الثقافية، وأول عربية وسعودية تقود إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وأول امرأة ترأس لجنة من لجان مجلس الشورى السعودي، وأول امرأة سعودية تكرم في مهرجان الجنادرية.
ولدت ثريا في بغداد في الثاني من مارس 1945 لأبوين حجازيين من المدينة المنورة. والدها هو الأديب والمثقف والصحفي والناشر المرحوم أحمد عبيد محمد عبيد المولود عام 1915 بالمدينة المنورة والمتوفى فيها عام 1994، الذي تقلب في وظائف رسمية عديدة في وزارة المالية ووزارة الزراعة وديوان الموظفين من بعد تخرجه من مدرسة اللاسلكي، قبل أن يتقاعد وينصرف إلى الأعمال الحرة، حيث يـُذكر له قيامه بتأسيس مؤسسة حديثة للطباعة والنشر بجدة، وإصداره عام 1953 مجلة «الرياض» المصورة بجدة ثم مجلة «صرخة العرب» الأسبوعية بالقاهرة، ومساهمته في تحرير مجلة المنهل، وكتابته مقالات ذات حس وطني وتنموي على مدى سنوات في صحف «الندوة» و«البلاد» وغيرهما تحت عنوان «رأي الشعب». أنجب الأب أحمد عبيد أربعة أولاد هم: طاهر (الوكيل الأسبق لوزارة الزراعة)، إبراهيم (الوكيل الأسبق لوزارة البرق والبريد والهاتف)، عصام، ومحمد. كما أنجب أربع بنات أكبرهن ثريا ثم فدوى وثناء وثروة.
عائلة تقدر العلم
كتب عن ثريا عبيد أستاذنا المؤرخ محمد بن عبدالرزاق القشعمي في الملحق الثقافي بجريدة الجزيرة السعودية ( 16/2/2019) فأخبرنا عن أسباب ميلادها في بغداد قائلا إن والدتها وقت حملها لها كانت في زيارة لشقيقها «درويش الخطيب» الذي كان مقيما بالعراق ويعمل تاجرا ما بين بغداد والمدينة المنورة، فوضعتها هناك.
ولأنها ولدت في عائلة منفتحة تقدر العلم، فقد ألحقها والدها في سن الثالثة بإحدى الكتاتيب التقليدية بمكة المكرمة. وفي سن السابعة عام 1952، ألحقها بالقسم الداخلي للبنات في الكلية الأمريكية بالقاهرة، حيث ترعرعت وفتحت عينيها على مظاهر الحياة العصرية وأنهت مراحل تعليمها الابتدائي والمتوسط، ثم المرحلة الثانوية التي أنهتها عام 1963. وقتها كانت تكاليف الدراسة باهظة ولم يكن بمقدور عائلتها تحملها، فتقدمت ثريا إلى الملك فيصل بطلب منحة دراسية، فجاءتها الموافقة المشروطة ضمن رسالة من الملك ورد فيها: «ستكونين الفتاة السعودية الوحيدة الحاصلة على منحة دراسية في أمريكا حتى تنتهي من التعليم الجامعي. فإذا نجحت فتحت الأبواب، وإذا فشلت أغلقتها» (طبقا لما ورد في مقال عنها بمجلة القافلة الشهرية الصادرة عن أرامكو السعودية لشهري يناير وفبراير 2010 تحت عنوان «من الكتــّاب في مكة المكرمة إلى الأمم المتحدة»). ما حدث بعد ذلك هو أن ثريا نجحت بتفوق وتقرر في عام 1965 منحها بعثة لإتمام دراستها الجامعية والعليا بالولايات المتحدة الأمريكية مع زميلاتها فاتنة أمين شاكر ومديحة درويش وبلقيس ناصر وهدى الدباغ (في قول آخر، إن جامعة الملك عبدالعزيز الوليدة هي التي ابتعثت هؤلاء الفتيات). وبهذا كانت ثريا على رأس قائمة الفتيات السعوديات اللواتي حصلن على منحة للدراسة في الخارج، في زمن كان الابتعاث مقتصرا على الذكور.
الدراسة في الخارج
وهكذا شقت طريقها في التعليم الجامعي عبر الالتحاق أولا بكلية ميلز للفتيات في أوكلاند بولاية كاليفورنيا عام 1966، التي منحتها ليسانس آداب اللغة الإنجليزية مع تخصص فرعي في علم الإنثروبولوجيا الثقافية (علم يرجع الفضل فيه إلى العالم إدوارد تايلور، وهو يهتم بدراسة الثقافة من جوانبها المختلفة ويركز تحديدا على دراسة الثقافات واللغات البشرية وأدائها لوظائفها في كل زمان، والكشف عن استجابات الناس نحو مشكلات الحياة والعمل وينقسم إلى فروع أهمها علم الأعراق وعلم الآثار وعلم اللغويات).
ثم نالت في عام 1968 درجة الماجستير في التخصصين ذاتهما من جامعة وين الحكومية في مدينة ديترويت بولاية ميتشيغان الأمريكية. بعد ذلك واصلت دراستها في الجامعة الأخيرة لتحصل في العام 1974 على درجة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي والإنثروبولوجيا الثقافية.
في عام 1975 بدأت ثريا رحلتها العملية. ففي تلك السنة تمّ تعيينها بهيئة الأمم المتحدة مسؤولة عن برامج المرأة والتنمية في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) التي كان مقرها آنذاك مدينة بيروت. واستمرت تعمل هناك حتى عام 1982، فعاصرت كل الأحداث الجسيمة التي مرت على لبنان مثل: أهوال الحرب الأهلية والاجتياح العسكري الإسرائيلي. وحينما تقرر نقل الأسكوا من بيروت إلى بغداد انتقلت ثريا وأسرتها الصغيرة معها إلى المدينة التي شهدت ميلادها، وظلت تقيم بها إلى تاريخ اجتياح القوات العراقية دولة الكويت سنة 1990.
العودة للوطنانشغال العالم بقضية الغزو العراق للكويت وتداعياتها الأمنية الخطيرة على عموم بلدان الشرق الأوسط أدى لتوقف أنشطة الأسكوا مؤقتا. فمنح ذلك ثريا فرصة للعودة إلى وطنها لتبقى بجانب والدها الذي كان قد تقدم به العمر آنذاك. وقتها حاولت أن تخطط للبقاء طويلا في السعودية عبر الحصول على وظيفة مناسبة، إلا أنها لم توفق لأن مؤهلاتها كانت أعلى من متطلبات أي وظيفة (كما قالت بنفسها في محاضرة لها في إثنينية عبدالمقصود خوجة بجدة عام 2009).
العمل في الأمم المتحدةولهذا السبب، معطوفا على إلحاح والدها عليها للعودة إلى العمل مع الأمم المتحدة، غادرت السعودية بعد أن قضت بها نحو عام ونصف العام، لتعمل مجددا مع الأسكوا بمقرها الجديد في العاصمة الأردنية، بوظيفة رئيسة شعبة التنمية الاجتماعية للسكان. وظلت ممسكة بهذا المنصب من عام 1992 حتى عام 1993. وما بين عامي 1993 و1998 شغلت منصب نائب الأمين العام التنفيذي للأسكوا. بعد ذلك انتقلت للعمل والإقامة بمدينة نيويورك. وكان السبب أن السفير السعودي لدى الأمم المتحدة وقتذاك «فوزي عبدالمجيد شبكشي» رشحها ــ بموافقة الملك فهد بن عبدالعزيز ــ للإمساك بمنصب قيادي في الأمم المتحدة هو منصب وكيل الأمين العام والمدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للإسكان الذي بلغ عدد المترشحين له خمس شخصيات من دول مختلفة. وفي أعقاب مقابلات شخصية ومناقشات أجراها الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي عنان (ت: 2018) مع جميع الشخصيات المترشحة، وجد أن الأكفأ لشغل المنصب هي ثريا عبيد، فاختارها بناء على توصية لجنة متخصصة لتتولى مسؤوليات هذا المنصب الأممي الرفيع خلال السنوات من 2000 إلى 2010.
النهوض بالمرأةومما أنجزته خلال مشوارها الوظيفي الآنف تفصيله إيلاؤها اهتماما خاصا بمسألة النهوض بالمرأة السعودية والعربية والشرق أوسطية بصفة عامة. فقد كانت مساواة المرأة وتمكينها وتطوير قدراتها وتوعيتها بحقوقها وواجباتها وتوفير سبل الحياة الكريمة أمامها في صلب اهتماماتها حينما عملت في الألسكوا والأمم المتحدة، من خلال وضع أطر للتعاون ما بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية المعنية من جهة وبناء شراكات ما بين الأمم المتحدة وهذه الحكومات والمنظمات من جهة أخرى. كما أسست ورأست مجموعات العمل التابعة للأمم المتحدة المهتمة بقضايا النوع في العاصمة الأردنية في عام 1996. وفي نوفمبر 1997، كانت عضوا في بعثة الأمم المتحدة المهتمة بالنوع في أفغانستان. وكانت ما بين عامي 1984 و1985 عضوا في مجموعة العمل التابعة لجامعة الدول العربية لصياغة الإستراتيجية العربية للتنمية الاجتماعية. والحقيقة أن ثريا خطت لنفسها مبكرا مثل هذه الأدوار بدليل قولها وقت انتقالها للعمل نائباً للأمين العام للأمم المتحدة ومديرا تنفيذيا لصندوقها الخاص بالسكان: «أردت من دخولي هذا الصندوق أن أدخل البعد الثقافي والقيمي لقضية السكان، وأصبح ولله الحمد لدينا برنامج حول الثقافة ودور الثقافة المحلية في قضايا التنمية وأصبح فعالاً، وأدخلنا العقلانية إلى هذا البرنامج، وحصلنا على ثقة الدول التي تشعر أننا نحترم الثقافة ونحترم القيم الروحية والدينية ونعمل من أجلها».
دور أممي فاعل
ثمّن الكثيرون إنجازاتها ودورها الحيوي في أروقة الأمم المتحدة والوكالات المتفرعة منها. فقد قال عنها الأستاذ عبدالمقصود خوجة في كلمة تقديمها في إثنينيته بجدة: «إن علاقة ضيفتنا الكريمة بما تقوم به تجاه الإنسانية، لا يقتصر على الدور الإداري والتنسيق الذي تمليه مهام منصبها الرفيع، بل تسهم بقلمها وفكرها في إثراء الجانب الثقافي والعلمي المتعلق بواجباتها الجسمية، فتراها في جهات المعمورة محاضرة، ومشاركة في المؤتمرات والندوات، وكاتبة في كبريات الصحف بشفافية، وجرأة، بصدق التوجه، وخالص النية، لما فيه خير البشرية»، مضيفا: «شأنها شأن الكبار، وحال من يتصدى للعمل العام، نتفق ونختلف معها، لكنها تبقى صفحة ناصعة في تاريخ المرأة السعودية التي بدأت جهودها التعليمية والعملية من نقطة الصفر، وتوجتها بتسلم واحدة من أهم وكالات الأمم المتحدة.. صحيح أن تلقيها العلم خارج الوطن أتاح لها ما لم يكن متاحاً لكثيرات من بنات الوطن، إلا أن تمسكها بثوابت هذا الكيان الحبيب، لم يفصم عراها عن ينابيع الأصالة والمعاصرة التي تتصف بها رائدات جليلات قدمن الكثير لمسيرة العلم والعمل في بلادنا». وكتبت عنها الصحفيتان الألمانيتان «زيغريد ديتلوف» و«روناته بيرنهارد» في صحيفة دويتشه فيلله عام 2003 تحت عنوان «منصب قلما تتقلده امرأة، تكافح عبيد على كل المستويات من أجل تحسين وضع النساء والأطفال» قائلتين: «لا تبدو ثريا عبيد مثل امرأة مكافحة. إنها تبدو حميمة، منفتحة، وإلى حد ما أمومية. إلا أن الرئيس الأمريكي بوش وإدارته تعرفوا على المكافحة. فحين شطب بوش ببساطة الدفعة الأمريكية إلى صندوق الأمم المتحدة للسكان التي كانت قد جرت الموافقة عليها، واجهته ثريا عبيد بكلمات واضحة (بهذه الـ34 مليون دولار يمكن منع وقوع مليوني حالة حمل غير مرغوب فيه و77000 من الوفيات بين الأطفال الرضع. سيموت نساء وأطفال بسبب هذا القرار أيها السيد الرئيس). إلا أن بوش رضخ لضغط الدوائر المحافظة».
ثقة ثريا
وفي المقال نفسه تساءلت الكاتبتان قائلتين: «من أين استمدت (ثريا) هذه الثقة بالنفس في تفكيرها؟ من أين استمدت القوة لترتقي في سلم الوظائف؟» ثم وضعتا الإجابة على لسانها فكتبتا (بتصرف): «من والديّ، خاصة من والدي وتفسيره للقرآن تفسيرا منفتحا على العالم يليق بالإنسان.. كان لي أب ذو رؤية وأم ذات رؤية. ولكن لو أرادت أمي وحدها أن تفعل شيئا من أجلي ما كانت تستطيع ذلك دون إسناد من أبي. كان أبي رجلا ورعا جدا وملتزما بتطبيق الشريعة، وكان يرى أن التعليم جزء من العقيدة والعلم جانب من العقيدة، ولذلك يتعين على المرء أن يكون متعلما كي يكون مسلما جيدا. وهذا ما يقوله الناس أيضا.. وهكذا وفر لي ولأخي نفس التعليم، إلى الحد الذي أراده كل منا.. أدركتُ المسؤولية الكبيرة التي وضعتْ على عاتقي منذ ذلك الوقت، إذ كنت في السابعة عشرة من العمر، حين أصبحت بمساعدة والدي أول امرأة من المملكة العربية السعودية تحصل على منحة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وحين سافرت وحدي إلى بلاد الغربة، تعرض والدي للشتم لأنه ترك ابنته تسافر إلى بلد يعمه الفساد. بعد ذلك أصبحت المنح في متناول النساء أيضا. كنت منذ ذلك الحين طلائعية في ما يتعلق بتعليم النساء.. لا يزال أمامنا طريق طويل، وأنا أعتقد أن الكل في المملكة العربية السعودية يدرك أن ثمة الكثير مما ينبغي عمله.. لقد تزوجتُ مرتين. اخترتُ زوجي الأول بنفسي والثاني أيضا، واتخذتُ القرارات في ما يتعلق بأطفالي. لدي ابنتان. إنهما الآن راشدتان. تعيشان في إنجلترا، تدرسان هناك».
«الشطارة» كلمة السرأجرت صحيفة الشرق الأوسط (25/5/2009) مقابلة معها اختتمتها بالقول: «الأمم المتحدة من الناحية السياسية هي نتاج المفاوضات والعلاقات السياسية بين الدول سواء كانت كبرى أم صغرى، وهذا يتطلب ما أسميه (الشطارة) الخاصة من الدول العربية ليكون لها موقع يمكنها من أن تؤثر على مجريات الأمور وهو ليس بالضرورة الواقع الحالي. أما من النواحي الاجتماعية والتربوية فيمكنني القول بكل صراحة وثقة، إننا في الأمم المتحدة نخدم إنسانياً في مواقع كثيرة ونخدم الفئات الأقل حظاً في المجتمعات، والدول الأقل حظاً في العالم.. وأشير إلى نقطة مهمة وهي أن وجود دولنا من خلال مساهمتها المالية في الصناديق وخاصة دول الخليج ضعيفة جداً.. ونحن عندما نقول إن بعض الدول الغنية الأخرى تؤثر كثيراً، فذلك يعود إلى أن دعمها المالي كبير، بعكسنا.. وقد تكون العلاقات الثنائية قوية جداً، وعلى أساسها تدعم الدول الخليجية دولاً أخرى بمبالغ هائلة، لكن وجودها ضمن الصناديق ضعيف جداً.. فلماذا لا يتم ذلك ضمن صناديق الأمم المتحدة، لأن هذا يقوي مواقعها ضمن المنظمة العالمية؛ وما زلت أتمنى أن يكون دعم دول الخليج أكبر ضمن صناديق الأمم المتحدة».
ضمن قوائم الأكثر تأثيراًأما مجلة القافلة الآنف ذكرها فقد أوردت في عددها المشار إليه، ضمن أمور أخرى، أن ثريا اختيرت في كتاب «مسلمون مرموقون» ضمن قائمة المائة مسلم الأكثر تأثيرا في عالم اليوم، وأن اسمها أدرج من قبل مجلة فوربس ضمن أقوى 50 امرأة عربية كونها امرأة مكافحة تمكنت بنجاح من تخطي كافة العوائق الاجتماعية، وأنها نالت وسام «ديونيسيو دي هيرار» لخدمة البشرية لمساندتها برنامج دمج مواد دراسية حول حماية النساء ضحايا العنف العائلي في مناهج التدريس في أكاديمية الشرطة في هندوراس عام 2005، وشهادة الدكتوراه الفخرية في القانون عام 2004 من جامعة «كوانساي غاكوين كوبي» اليابانية، تقديراً لإسهاماتها في النهوض بالثقافة، وشهادة الدكتوراه الفخرية في القانون من كلية ميلز الأمريكية بولاية كاليفورنيا، تقديراً لالتزامها بخدمة الناس في البلدان النامية. كما لقبتْ بـ«سيدة القوى الناعمة والمفتاح الذهبي لفتيات السعودية».
بعد تقاعدها من العمل، استقرت بالمملكة، وكرمتها الدولة باختيارها ضمن 30 سيدة سعودية لعضوية مجلس الشورى، فشغلت في الفترة ما بين 2012 و2016 مقعدها الشوري وتولت عام 2015 منصب رئيس لجنة حقوق الإنسان فكانت أول امرأة ترأس لجنة من لجان مجلس الشورى. كما كرمتها الدولة بمنحها وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى خلال مهرجان الجنادرية لعام 2013.
من كلماتها: «تعلمتُ في حياتي أن الإنسان لا يحارب في كل القضايا حتى لا يشتت تركيزه، بل يختار قضية واحدة يعتقد أنها هدف حياته ويركز عليها ليصل إلى القمة».