أسلمة العلوم وتقييد العقول
السبت / 19 / جمادى الآخرة / 1443 هـ السبت 22 يناير 2022 23:39
وفاء الرشيد
في محاضرته الأخيرة حول «بدعة الأدب الإسلامي»، في الملتقى الثقافي بجمعية الثقافة والفنون بالرياض، بين الناقد السعودي البارز الدكتور مرزوق بن تنباك، أن هذه المقولة من الخرافات التي سوقها الإسلام السياسي في المملكة خلال العقود الماضية، إلى حد أنها أصبحت من البديهيات المألوفة ومن المقررات التربوية الثابتة في حين أنها أسطورة زائفة.
لست أديبة ولا ناقدة، وليس من اهتمامي الحديث في هذا الموضوع الشائك... إلا أنني أود أن أوضح أن أسلمة المعارف والآداب والفنون والعلوم من الموضوعات التي شغلت الساحة الأكاديمية والثقافية السعودية طيلة سنوات طويلة، كانت فيها القبضة الإخوانية قوية في المدارس والجامعات والنوادي الثقافية والأوساط الإعلامية.
كانت البداية مع كتابات القيادي الإخواني عبد القادر عودة في الخمسينيات حول النظرية الإسلامية في القانون، التي نشر فيها عدة مؤلفات راجت على نطاق واسع، وبدأت بدعة القول إن الفقه الإسلامي هو البديل عن القوانين المسماة وضعية، في حين أن الأحكام الشرعية مقاصد وأخلاقيات وعلل ولا تتعرض للتفضيلات ولا تخضع لمبدأ التقنين الملزم الذي هو معيار القوانين الحديثة.
ولعل أخطر البدع هي ما سمي بالاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية... لا يعني الأمر هنا أن الإسلام ليست له ضوابط وأحكام في المعاملات المالية، فلا أحد يجهل تحريم الربا وبيع الغرر والغبن... إلا أن ما حدث هو التحايل على الإجراءات المالية الحديثة بما هو أسوأ من سلبياتها، بما أثر أسوأ التأثير على حقوق الناس ومصالحهم.
ثم جاءت بدعة «الإعجاز العلمي في القرآن الكريم»، الذي أصبحت له مؤسسات كبرى ونظمت له مؤتمرات حاشدة وغدا له رموزه وفرسانه.. وهو في حقيقته تجن على الله، ولي لأعناق الآيات المقدسة لكي تتلاءم مع نظريات علمية تخضع دوما للمراجعة والتعديل... وبالتالي فهو تلاعب بالنصوص الربانية المطلقة.
وفي التسعينيات ظهر مفهوم «أسلمة المعارف» وتخصص فيه معهد الفكر الإسلامي في واشنطن بفروعه العديدة في العالم العربي، ودخلت نظرية «التحيز» لدى عبد الوهاب المسيري، التي تعني البحث عن خلفيات عقدية وتصورية غير إسلامية في العلوم الإنسانية، مع البحث عن طرق ومناهج لصياغة علوم إنسانية إسلامية وفق مشروع محمد قطب، الذي حاول تطبيقه سنوات طويلة في جامعاتنا السعودية.
ومن أجل الدفاع عن الالتزام الأخلاقي في الأدب من منظور «الأدب الإسلامي» هوجم التراث الأدبي والشعري للأمة من شعر عمر ابن أبي ربيعة ومجنون ليلى إلى قصص ألف ليلة وليلة وأغاني الأصفهاني انتهاء بنصوص الإبداع السعودي الحديث مثل روايات المرحوم غازي القصيبي وتركي الحمد..
وهكذا تحول شعار أسلمة الأدب والثقافة إلى سيف مسلط على الإبداع والبحث، وإلى مقص للرقابة، بما أضعف قدرة ثقافتنا على الإبداع والتجدد وحرمنا سنوات طويلة من الانفتاح على الفكر العالمي والتفاعل الإيجابي معه.
من المكاسب الكبرى التي حصلنا عليها في السنوات الأخيرة كسر هذه الحواجز وكسر هذه القيود المعيقة للفكر والخلق.. فلقد علمنا الهدي النبوي الشريف أن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أين وجدت والعلم ينشد ولو في أقاصي البلاد.. أما تضييق صفة الإسلام في الكتابات المؤدلجة والأفكار المتشددة والمتحجرة فلا يؤدي إلا إلى التخلف والانحطاط.
لست أديبة ولا ناقدة، وليس من اهتمامي الحديث في هذا الموضوع الشائك... إلا أنني أود أن أوضح أن أسلمة المعارف والآداب والفنون والعلوم من الموضوعات التي شغلت الساحة الأكاديمية والثقافية السعودية طيلة سنوات طويلة، كانت فيها القبضة الإخوانية قوية في المدارس والجامعات والنوادي الثقافية والأوساط الإعلامية.
كانت البداية مع كتابات القيادي الإخواني عبد القادر عودة في الخمسينيات حول النظرية الإسلامية في القانون، التي نشر فيها عدة مؤلفات راجت على نطاق واسع، وبدأت بدعة القول إن الفقه الإسلامي هو البديل عن القوانين المسماة وضعية، في حين أن الأحكام الشرعية مقاصد وأخلاقيات وعلل ولا تتعرض للتفضيلات ولا تخضع لمبدأ التقنين الملزم الذي هو معيار القوانين الحديثة.
ولعل أخطر البدع هي ما سمي بالاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية... لا يعني الأمر هنا أن الإسلام ليست له ضوابط وأحكام في المعاملات المالية، فلا أحد يجهل تحريم الربا وبيع الغرر والغبن... إلا أن ما حدث هو التحايل على الإجراءات المالية الحديثة بما هو أسوأ من سلبياتها، بما أثر أسوأ التأثير على حقوق الناس ومصالحهم.
ثم جاءت بدعة «الإعجاز العلمي في القرآن الكريم»، الذي أصبحت له مؤسسات كبرى ونظمت له مؤتمرات حاشدة وغدا له رموزه وفرسانه.. وهو في حقيقته تجن على الله، ولي لأعناق الآيات المقدسة لكي تتلاءم مع نظريات علمية تخضع دوما للمراجعة والتعديل... وبالتالي فهو تلاعب بالنصوص الربانية المطلقة.
وفي التسعينيات ظهر مفهوم «أسلمة المعارف» وتخصص فيه معهد الفكر الإسلامي في واشنطن بفروعه العديدة في العالم العربي، ودخلت نظرية «التحيز» لدى عبد الوهاب المسيري، التي تعني البحث عن خلفيات عقدية وتصورية غير إسلامية في العلوم الإنسانية، مع البحث عن طرق ومناهج لصياغة علوم إنسانية إسلامية وفق مشروع محمد قطب، الذي حاول تطبيقه سنوات طويلة في جامعاتنا السعودية.
ومن أجل الدفاع عن الالتزام الأخلاقي في الأدب من منظور «الأدب الإسلامي» هوجم التراث الأدبي والشعري للأمة من شعر عمر ابن أبي ربيعة ومجنون ليلى إلى قصص ألف ليلة وليلة وأغاني الأصفهاني انتهاء بنصوص الإبداع السعودي الحديث مثل روايات المرحوم غازي القصيبي وتركي الحمد..
وهكذا تحول شعار أسلمة الأدب والثقافة إلى سيف مسلط على الإبداع والبحث، وإلى مقص للرقابة، بما أضعف قدرة ثقافتنا على الإبداع والتجدد وحرمنا سنوات طويلة من الانفتاح على الفكر العالمي والتفاعل الإيجابي معه.
من المكاسب الكبرى التي حصلنا عليها في السنوات الأخيرة كسر هذه الحواجز وكسر هذه القيود المعيقة للفكر والخلق.. فلقد علمنا الهدي النبوي الشريف أن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أين وجدت والعلم ينشد ولو في أقاصي البلاد.. أما تضييق صفة الإسلام في الكتابات المؤدلجة والأفكار المتشددة والمتحجرة فلا يؤدي إلا إلى التخلف والانحطاط.