كتاب ومقالات

الأحياء العشوائية وحتمية إزالتها

عقل العقل

منذ عقود مضت ونحن نسمع عن الأحياء العشوائية في بعض مدننا وخاصة في المدن الكبيرة، ومن ضمنها العاصمة الرياض. وأتذكر أنني وزملاء أعزاء كنا نسكن في السكن الجامعي لجامعة الملك عبدالعزيز في مدائن الفهد بمدينة جدة في فترة الثمانينات، كانت أغلب الأحياء المحيطة بالعمائر التي كنا نسكنها أحياء عشوائية ممتدة على طول النظر، ولا أعرف ما حل بها لاحقا، والأكيد أن أغلب سكان الأحياء العشوائية هم من الوافدين، وفي الغالب الذين لا يحملون أوراق دخول نظامية، والغريب أن تلك الأحياء تصلها الخدمات البلدية مثل الكهرباء والمياه ولا تعرف كيف يتم إيصالها وأغلب المنازل مبنية على أراضٍ مغتصبة أو مباعة لأشخاص عدة ولا يعرف أصحابها هل هي أراضٍ للدولة أو لأفراد أو لأصحاب نفوذ وضعاف نفوس استغلوا فترة الطفرة الاقتصادية في المملكة وكثرة الوافدين من الهجرات الداخلية للمدن الكبيرة أو من غير السعوديين، وأصبحنا نشهد أحياء الصفيح في البداية في أطراف المدن لدينا، البعض للأسف يبرر وجود الأحياء العشوائية بأنها ظاهرة عالمية توجد في أغلب المدن حتى في الدول المتقدمة، فمن عاش مثلا في لندن لا يمكن أن تجد مثل هذه الفوضى في التخطيط العمراني، وقد يكون هناك أحياء شعبية مكتظة بالسكان أو لجاليات محددة، ولكنها منظمة وواصلتها الخدمات ويدفع السكان مقابلها.

لدينا ومنذ سنين طويلة تعقد الندوات وتصدر الدراسات والتي تناقش هذه القضية الأزلية وتسطر النتائج والتوصيات للحلول الجذرية ولكن لم نشهد الجدية والإرادة في تنفيذ تلك التوصيات، أتذكر قبل سنوات قيام الجهات الأمنية بحملة أمنية ضد مخالفي الإقامة وشهدنا مناظر محزنة ضد قوات الأمن من بعض الجاليات في بعض الأحياء العشوائية في العاصمة مثلا، الكل يقرأ ويعرف الجميع أن هذه البؤر السكانية غير النظامية أصبحت مرتعا للمخدرات وأوكارا للجريمة تمثل قنابل موقوتة للمجتمع بأكمله، في ظل العهد الذي نعيش في ظله ومعه عهد الرؤية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تشهد المملكة حزما وقوة في التعاطي مع قضايا معلقة منذ عشرات السنين ومنها قضية الأحياء العشوائية في بعض مدننا، وللأسف البعض منا يتناقلون صورا ومقاطع لبعض المناطق العشوائية وهي تزال ويحاولون توظيفها ضد الجهود الرسمية التي تعمل على تطبيق الإجراءات والأنظمة، ولا أنسى أن الجهات الرسمية تقوم بإيجاد البدائل المناسبة لمن يملك أوراقا قانونية.

في مرحلتنا الحالية نعيش حالة تصحيح شاملة على جميع الصعد، فمثلا لا يمكن أن تشتمل برامج الرؤية على برنامج جودة الحياة، والذي يعنى بتنظيم مدن مثالية ومناسبة لجميع الفئات العمرية من شوارع فسيحة توفر ممرات آمنة وحدائق في الأحياء وغير ذلك من التحسينات الضرورية في مدننا، من غير المعقول أن نعمل على مثل هذه المشاريع ونهمل مثل هذه الأحياء العشوائية في أطراف بعض مدننا.

الملاحظ أنه بعد القرار القوي والشجاع بإزالة الأحياء العشوائية في بعض المدن، والتي تحولت إلى أوكار فساد وعصابات للمخالفين، أن هناك حملات مشبوهة وممنهجة في وسائل التواصل الاجتماعي لعرقلة هذه القرارات الشجاعة، في ظل دولتنا وقيادتنا تعودنا أن الحقوق مصانة ومحفوظة للجميع، وبحسب الأنظمة والقوانين ولحرمة المنازل مكانة خاصة لما يترتب عليها من آثار اجتماعية مهمة، لذا الدولة حريصة على تطبيق الأنظمة في هذا الخصوص، أما الحرامية والمجرمون وسارقو الأراضي فهم أساس هذه المشكلة المزمنة التي تعاني منها بعض مدننا.