كتاب ومقالات

هل تصلح المبادرة الكويتية ما تفسده المليشيات الإرهابية؟

رامي الخليفة العلي

كما هي عادة دولة الكويت فقد هبّت لنزع فتيل الأزمة المندلعة بين لبنان والدول العربية بشكل عام ودول الخليج العربي على وجه الخصوص، وكون القيادة الكويتية على علم بأسباب قلق الدول الخليجية وكونها على دراية ببواطن الأمور وحجم الخطر الذي تشكّله مليشيات حزب الله الإرهابية، خصوصا أن الكويت نفسها كانت قد تعرّضت لمحاولات إرهابية من جماعات مرتبطة بالمليشيات اللبنانية الإرهابية، لكل هذه الأسباب فقد قدّمت مبادرة لحل الأزمة نقلها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح لإدراك الكويت أن الأمر ليس اجتماعا يتم فيه تبادل المصافحات وينتهي هذا الخلاف، وإنما بحاجة إلى مجموعة من الإجراءات على بيروت اتخاذها لإعادة العلاقات اللبنانية ـ الخليجية إلى سكّتها. وبحسب التسريبات فإن المبادرة الكويتية تقوم على عدة نقاط لطالما أعلنتها دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وأهمها أن يكون لبنان عامل استقرار في المنطقة وليس عامل تهديد، وهذا لا يتم إلا من خلال نأي لبنان بنفسه عن أزمات المنطقة وصراعاتها. والالتزام باتفاق الطائف مما يضمن عدم تغوّل أي طرف سياسي على حساب الأطراف الأخرى، كما تطالب المبادرة بأن تقوم الحكومة اللبنانية بضبط حدودها البرية والبحرية والجوية وجميع المعابر غير الشرعية والقضاء على عمليات تصدير المخدرات، كما أن على الحكومة تنفيذ الإصلاحات المطلوبة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي بما في ذلك محاربة الفساد، والنقطة الحاسمة هي التزام لبنان بالشرعية الدولية وتنفيذ القرارات الدولية ١٧٠١ و١٦٨٠ و١٥٥٩، بما يعني حل المليشيات والتنظيمات المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية على المستوى الوطني وليس مقتصرا على فئة محددة. ما تطرحه المبادرة الكويتية ليس شروطا وإنما أسس لعودة لبنان لمعايير الدولة الحديثة، وما عدا ذلك لن تجد أي دولة أو جهة أو تجمع كيانا يمكن التعامل معه يسمى دولة. هناك ثلاث نقاط اعتبرت عوامل بناء الثقة على الجانب اللبناني اتخاذها قبل أن يأخذ الحوار طريقه بين الخليج ولبنان، وهي وقف تهريب المخدرات، ووقف تدخل حزب الله الإرهابي في حرب اليمن ودعمه للحوثيين. وبالفعل حمّل وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب الرد اللبناني قبيل الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية الدول العربية، وبغض النظر عن العبارات الدبلوماسية التي حاول الوزير اللبناني تغليف الرد بها، فإن الرد اللبناني من حيث المبدأ لا يحمل جديدا يذكر. صحيح أن وزير الخارجية الكويتي الشيخ الصباح قد أكد أن هذا الرد سوف يكون محل دراسة وتباحث على المستوى الكويتي وكذا الخليجي، إلا أن التسريبات تشي بأن النقاط الأساسية التي وردت في المبادرة الخليجية تم تجاهلها بمقابل كلمات عمومية عن استمرار التشاور وبدء حوار بين لبنان والخليج دون أفق أو معنى لهذا الحوار.

بالإضافة إلى كل تعقيدات العلاقات اللبنانية ـ الخليجية ووجود مليشيات إرهابية تهيمن على لبنان، فإن من الخطايا التي ترتكبها الحكومة اللبنانية هو اعتقادها أن الأمور يجب أن تعود إلى ما كانت عليه قبل سنوات عدة، عندما غضّت دول الخليج الطرف عن المليشيات الإرهابية، ما على الطبقة السياسية اللبنانية أن تفهمه أن هذا زمان قد مضى، والآن زمان آخر، حيث لبنان أمام امتحان أن يكون أو لا.