أخبار

المدلولات التاريخية للأمر الملكي بيوم التأسيس

الدكتور عبدالله بن حسين الشريف.. أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة بجامعة أم القرى

كلنا إيمان بالقيمة العظمى للأمر الملكي الكريم ‏القاضي بأن يكون يوم الثاني والعشرين من فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم ( ‏يوم التأسيس)، ‏الذي نستشعر فيه الأهمية التاريخية الكبرى لهذه المناسبة الغالية على قلب كل مواطن سعودي.

حيث إن التاريخ مرآة الدولة والوطن والأمة، ‏وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- المؤرخ العارف بتاريخ دولته ووطنه وشعبه، المشارك في جهود التأسيس والبناء والتطور وقائدها في عهده الميمون، ‏وهو المدرك ‏والعالم بمسيرة الدولة السعودية في أدوارها الثلاثة؛ الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية والدولة السعودية الثالثة المملكة العربية السعودية، والعارف بأن هذه الدولة المباركة يقوم كيانها المتنامي على ‏لبنة الأساس التي وضعها الإمام محمد بن سعود للدولة السعودية الأولى ‏واستمر الأئمة والملوك من آل سعود في ترسيخ الأركان وتعلية البنيان ‏والحفاظ على السيادة والاستقلال والبقاء، ‏يقودون شعبهم نحو العلياء ويصدون عنه الأعداء ويوفرون لوطنهم الوحدة والأمن والاستقرار والرخاء.

ومن هنا جاء الأمر الملكي بالاحتفال بيوم التأسيس، ‏ حيث نستنطق في هذه المناسبة مضامين الأمر الملكي الكريم ليوم التأسيس ومدلولاته التاريخية والوطنية والتربوية والثقافية، وأثرها البالغ في حفظ الهوية وتعزيز الروح الوطنية، ‏وتعريف الأجيال بالعمق التاريخي لدولتنا السعودية المباركة، وجذورها السياسية والحضارية منذ تأسيس الدولة ‏السعودية على يد الإمام محمد بن سعود رحمه الله عام ١١٣٩هـ، ‏والاعتزاز بمسيرتها التاريخية الملحمية، ‏التي أوصلت الوطن إلى ما نحن عليه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله وأيدهما بنصره-، ‏من الخير ‏والأمن ‏والعز والمنعة والتطور والتنمية والرخاء. ‏

ويوم التأسيس ٢٢ فبراير ١٧٢٧م الموافق لمنتصف عام ١١٣٩هـ، هو يوم تولى الإمام محمد بن سعود إمارة الدرعية، الذي استطاع بعبقريته السياسية وقيادته المتميزة وشجاعته وسمو أهدافه وجليل أعماله، أن يوحد الدرعية ويحصنها ويؤمنها وينميها، وأن يحقق الوحدة والأمن والاستقرار وتوحيد معظم أقطار الجزيرة العربية، وأن ينشر العلم والثقافة.

ويوم التأسيس من أيام الوطن يملؤنا اعتزازا بالدولة السعودية، نستذكر فيه الأسس الراسخة والمتينة لدولتنا المباركة وجذورها العريقة ومرتكزاتها الأصيلة عقيدة وشريعة وعروبة وقيما ووحدة وتوحيدا وأمنا واستقرارا، دولتنا الممتدة الجذور لأكثر من 300 عام بل ومنذ تأسيس الدرعية عام ٨٥٠ على ‏يد الأمير مانع المريدي بل وتمتد جذورها منذ نزول بني حنيفة في اليمامة وسيادتهم على اليمامة مطلع القرن الخامس ‏الميلادي.

وفي ظل قيادة حكامنا البررة من آل سعود ومسيرتهم السياسية الحكيمة المتسمة بالإصرار والصمود والثبات ومواجهة الأعداء، في ملحمة تاريخية التف فيها الشعب ‏مناصراً لقيادته بإخلاص وولاء وثبات، استطاعوا أن يقيموا دولتهم السعودية في أرض العرب‏، على الإسلام وشريعته وأخلاقياته، ومجد العروبة، والثقافة العربية والإسلامية.

ولقد حقق ‏الأئمة والملوك من آل سعود الأمل العربي في الوحدة والأمن والاستقرار وفي إقامة كيان عربي إسلامي مستقل ذي سيادة في جزيرة العرب أعاد لها مكانتها بعد قرون طويلة من الفرقة والشتات والتهميش الحضاري واستئثار بعض القوى الأجنبية بخيرات العرب. وإذا كان يوم ٢٢ فبراير يوم التأسيس هو يوم الإمام محمد بن سعود وتأسيس الدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية، فإن اليوم الوطني (٢٣ سبتمبر) هو ‏يوم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ‏الذي جمع فيه العباد ووحد البلاد باسم المملكة العربية السعودية وعاصمتها الرياض في ظل راية لا اله الا الله محمد رسول الله. وعلى يد أبنائه الأمجاد ملوك المملكة؛ سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وسلمان البررة بوطنهم وشعبهم شيد الكيان السعودي العظيم تطورا وازدهارا، وبالرؤية الوطنية يستشرف الشعب السعودي تطلعات قيادته ‏الرشيدة مستقبلا وطنيا عزيزا كما هو دوماً يحقق التنمية المستدامة والنماء، وسعادة المواطن وجودة الحياة والاقتصاد المتين والريادة العالمية.