استعرض خبير تجارة البيع بالتجزئة، خالد بن داود، مسيرته وخبرته بصفته خبيراً في تجارة البيع بالتجزئة، وتوقعاته الحالية والمستقبلية لقطاع التجزئة في السعودية.

وفيما يلي تفاصيل الحوار:

• تمثل مسيرة الشيخ خالد بن داود نموذجاً للطموح والسعي الجاد لتجاوز الصعوبات والبدء من الصفر باتجاه قمة النجاح. احكِ لنا عن بداياتك مع بن داود القابضة؟

•• امتلك جدي محلاً للهدايا في المنطقة الغربية، وكان إخواني الأكبر سناً يعملون هناك مع والدي. ولقد أشركوني في العمل معهم منذ سن مبكرة. كان لأشقائي عبدالله وإسماعيل- رحمة الله عليهم- دور كبير في تعزيز شغفي بالتجارة. افتتحنا أول سوبر ماركت لدينا في مكة في عام 1984م، وأتذكر بوضوح تلك اللحظة التي نفخر بها. لقد كانت بالفعل خطوة فارقة لنا. طوال فترات حياتي كنت منخرطًا بعمق في مجال العمل. إنه لأمر عظيم أن تكون جزءاً من رحلة الـ50 عامًا، وأن نشهد اكتتاب الشركة في سوق الأسهم السعودية العام الماضي، الذي يعتبر إنجازاً كبيراً لشركة بن داود القابضة.

• مهدّت رؤية المملكة 2030 الطريق أمام نقلة سعودية تنموية ضخمة تماشياً مع جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لجعل المملكة واحدة من أكبر دول العالم. فنياً واقتصادياً وثقافياً ماذا ترى في هذا الخصوص؟

•• تمر المملكة العربية السعودية بعملية إصلاح اجتماعي واقتصادي كبيرة جداً. إذ يهدف برنامج رؤية 2030 إلى تعزيز التكامل بين الجنسين، وتشجيع وتنمية قطاع الترفيه، وتعزيز الاستثمار الأجنبي وزيادة مساهمات الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد.

عندما يتعلق الأمر بقطاع التجزئة والشركات في قطاع التجزئة، فإن التحول في رؤية 2030 إيجابي للغاية. إذ يطالب المواطنون السعوديون والمقيمون والزوار بصفة متزايدة بتقديم منتجات وخدمات عالية الجودة مع خدمة عملاء مميزة، وهذه غالباً ما توفرها السبل التكنولوجية الحديثة.

إن طبيعة أعمالنا وسجلنا الحافل في شركة بن داود القابضة تضعنا في أفضل مكان لتقديم هذه المتطلبات بأفضل صورة وأداء.

• ريادة الأعمال مبادرة رائعة توافي تطلعات الشباب السعودي، ما طرق جعلها أكثر فعالية؟

•• من اللافت للانتباه أن نرى الكيفية التي يتطور بها الشباب السعودي من حيث مدى إصرارهم على أداء العمل على أكمل وجه وتفانيهم فيه.

وفي رأيي الشخصي لمستُ بوضوح مدى شغف الشباب السعودي بسوق العمل، وإرادتهم المتزايدة في أن تصبح وظائفهم مفيدة لهم ولمجتمعاتهم. وعندما يتعلق الأمر بريادة الأعمال، فإنه من الضروري دعم الشباب السعودي وتقديم الفرص الجيدة له.

فعلى سبيل المثال نحن في بن داود القابضة نحرص على الاستثمار في مشاريع و مجالات عدة مختلفة، مثل المشاريع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، نذكر منها «برنامج المبتكر»، المصمم لدعم المبتكرين ورواد الأعمال السعوديين، الذي صمم من أجل توفير مساحة للبيع بالتجزئة في متاجرنا للمبتكرين لعرض منتجاتهم وبيعها في متاجر الدانوب وتقديم الإرشاد حول أفضل السبل لتنمية أعمالهم. مع استمرارنا في تنمية أعمالنا عبر علامتنا التجارية «بن داود» و«الدانوب»، نخطط لمواصلة الاستثمار في هذا المجال ودعمه.

• ما التحديات التي واجهتك خلال مسيرتك المهنية مع بن داود القابضة؟

•• في البداية، يجب ربط جميع الأعمال التجارية بالتحديات والصعوبات التي قد تواجهها، فمن المعروف أن نشاط تجارة بيع التجزئة في المتاجر يمثل تحديّاً للنجاح، وبالفعل فقد تغلبنا على التحديات التي واجهتنا من خلال إنشاء ثقافة أعمال تتسم بالمرونة الكافية للاستجابة السريعة لتغيرات السوق وأذواق العملاء، وذلك من خلال ضمان تواجد الفريق المناسب في المكان المناسب لقيادة الأعمال مما يحقق التقدم إلى الأمام والنمو المستدام. نسعى دائماً إلى الوصول إلى المزيد من العملاء حتى يتمكنوا من تجربة عروض متاجر الدانوب وأسواق بن داود المتميزة. نحن متميزون لعدد من الأسباب، فنحن نمتلك علامتين تجاريتين فريدتين في حد ذاتهم للبيع بالتجزئة. بما أوجد العديد من التحديات خاصة عندما استحوذنا على علامة الدانوب في عام 2001 من خلال أربعة متاجر. هدفت استراتيجيتنا إلى توسيع بصمة العلامة التجارية «الدانوب» وبفضل الله لدينا الآن 51 فرعاً للدانوب في المملكة؛ لذلك يجب النظر إلى التحديات على أنها فرص، إذ يمكنك استنباط الكثير من الحكمة منها.

• خلال خبرتك الطويلة التي امتدت لأكثر من 40 عاماً في مجال بيع التجزئة، ما تقييمك لسوق التجزئة السعودية اليوم؟

•• لدينا نظرة إيجابية لمستقبل سوق التجزئة السعودية. من الواضح أنه خلال العام ونصف العام الماضيين، تسببت جائحة كوفيد-19 في العديد من التحديات لأعمالنا، التي بدأناها في المملكة منذ 50 عاماً، وما زالت التوقعات متفائلة للغاية على المدى الطويل.

لدى المملكة العربية السعودية عدد كبير من الشباب والأشخاص الذين يزيد عددهم عن 30 مليون نسمة؛ لذلك فمن المتوقع نمو قطاع البيع بالتجزئة للمواد الغذائية والكماليات أيضاً. لقد أعُلن، أخيراً، نقل علامتنا التجارية بن داود إلى منطقة الرياض، حيث نخطط لفتح 10 متاجر وربما أكثر حسب طلب السوق. مما يمكنك من فهم الأسباب التي تجعلنا متفائلين لمستقبل أفضل للسوق السعودية.

• ما أسعد اللحظات التي مررت بها أثناء عملك مع شركة بن داود القابضة؟

•• إن هناك العديد من الإنجازات التي تحققت، وأول تلك اللحظات المهمة عندما بدأنا التحرك خارج مكة وافتتاح أول متجر في جدة بمنطقة الحمراء، وهي من اللحظات التي لا تُنسى. والإنجاز الثاني عندما افتتحنا الفرع الرابع من متاجر الدانوب التي قفز عددها اليوم بدرجة كبيرة، أما الإنجاز الثالث فهو عندما قررنا أن نصبح شركة مساهمة عامة، حيث نجحنا في ذلك. واليوم يعمل في الشركة الجيل الثالث الطموح، والذين نقوم بمساعدتهم كي ينجحوا في مجال التجارة.

• بوصفك خبيراً في تجارة التجزئة، إلى أي مدى أثرت التجارة الإلكترونية على حركة التسويق وعلى قطاع التجزئة للمواد الغذائية وغير الغذائية في السلع الاستهلاكية؟

•• كنا أول من يتحرك في مجال المواد الغذائية وغير الغذائية في مجال التجارة الإلكترونية عندما أطلقنا منصة التسوق الإلكترونية «الدانوب أونلاين» الحائزة على جوائز في عام 2017م. من هذا المنطلق يتضح لكم أننا أدركنا مسبقاً أن البيع عبر الإنترنت لقطاع تجارة التجزئة للمواد الغذائية وغير الغذائية كان كبيراً وضخماً ومؤثراً.

خلال جائحة كوفيد-19 شهدنا ارتفاعاً في الطلب على التسوق عبر الإنترنت للمواد الغذائية والكماليات على منصات التجارة الإلكترونية الخاصة بنا، وكان لدينا فرق عمل تعمل على مدار الساعة لضمان عمل سلسلة التوريد والتسليم لدينا بأكبر قدر ممكن من السلاسة في ظل زيادة الطلب الإلكتروني على منصتنا للمواد الغذائية وغير الغذائية. لا تزال إمكانات النمو لدينا هائلة ومن المثير للاهتمام أننا نرى المزيد من العملاء يستخدمون تطبيقنا عبر الإنترنت للحصول على تجربة مطابقة لتجربة التسوق داخل المتجر، والتي تضمن: كيفية استخدام المنتج، ومزيد من المعلومات، وما هو متاح؛ وكذلك العروض وما إلى ذلك.

تمثل التجارة الإلكترونية فرصة جيدة لنا الآن لتعزيز استراتيجيتنا الشاملة (الخارجية والداخلية)، إذ إنها عملية مستمرة.

• ما التأثير الكبير الذي أفرزته جائحة كورونا على قطاع التجزئة السعودي؟

•• لقد كان عاماً مليئاً بالتحديات لتجار التجزئة في جميع أنحاء العالم، وبالطبع تأثرت التجارة بصفة عامة مع استمرار ظهور آثار الجائحة. ما جعله أمراً لم يكن في الحسبان.

في بن داود القابضة، اضطررنا إلى الحفاظ على التباعد الاجتماعي في متاجرنا، مع قلة الحملات الترويجية والمهرجانات الغذائية المعتادة وما إلى ذلك، وقد تم الشعور بهذا التأثير بدرجة كبيرة. ومع ذلك، نحن متفائلون بعودة الحياة طبيعية ونحن نتحرك خلال عام 2021م.

تحظى علامتنا التجارية على حد سواء «بن داود» و «الدانوب» بمستوى ولاء كبير وغير معهود من قبل عملائنا الحاليين، ونخطط لكسب عملاء جدد في جميع أنحاء المملكة، ونقل العلامات التجارية إلى مناطق جديدة في المملكة، وكذلك إلى الخارج، في البحرين، على سبيل المثال، حيث سنفتح أول فرع دولي للدانوب أوائل العام المقبل.

ستكون السنوات الخمس المقبلة واعدة ومؤثرة وناجحة بإذن الله تعالى لشركة بن داود القابضة.