نعم للتأجيل.. «مرهم الانتخابات» لا يعالج دولة فاشلة
«حزب الله» صاغ قانونها وألف لوائحها
الثلاثاء / 12 / شعبان / 1443 هـ الثلاثاء 15 مارس 2022 17:21
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@
أنا لا أخشى العقوبات الدولية بكل جنسياتها، أمريكية فرنسية أو أوروبية، حساباتي المصرفية في الخارج معدومة، أما في الداخل فما فيها لا يستاهل أن أخشى عليه، لا بل تكفلت به جماعة المصرف والمنظومة السياسية.
أنا لا أهاب العقوبات مهما كان نوعها، فساداً، إرهاباً أو ما شابه ذلك، سفراتي في السنة إلى خارج لبنان لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وأبعد رحلة مسافة مقتصرة على الداخل اللبناني عندما أتوجه إلى طرابلس أو البقاع للقاء بعض الأصدقاء.
بناء على كل ما تقدّم واستناداً إلى هذه الوقائع وبكل شجاعة سأقول ما يخشى كل ساسة لبنان أن يقولوه: «نعم لتأجيل الانتخابات النيابية»..هذا الكلام ليس لأن لدي رغبة بالترشح ولم يسعفني الوقت بذلك، وليس لأن هناك مرشحاً ما أؤيده وأرغب بترشحه، بل لأن العملية الانتخابية إن فقدت جدواها السياسية فما حاجتنا إليها؟!.. وما حاجتنا إلى كلفتها المالية واللوجستية والشعب اللبناني يبحث عن كيس طحين أو قارورة غاز؟!
ما حاجتنا إلى انتخابات صاغ نصرالله وحزبه قانونها وها هو اليوم يؤلف هو وحزبه لوائحها على قاعدة أغنية فيروز «قصقص ورق ساويهن ناس» وما حاجة اللبنانيين إلى انتخابات ليس فيها مشروع سياسي يمكن المراهنة عليه، فصوت اللبنانيين مخطوف من عكار أقصى الشمال إلى كفرشوبا في أقصى الجنوب، ومن بيروت العاصمة التي فُجّرت في 4 أغسطس إلى عرسال المخطوفة المسلوبة القرار؟!
ما حاجة اللبنانيين إلى انتخابات برلمانية ستنتج طبقة سياسية هي استنساخ عن الطبقة السياسية القديمة، الفاسد فيها نجم، والسارق فيها محل تقدير، والإرهابي فيها صاحب الكلمة الطولى؟!
نعم بكل جرأة ودون خشية من العقوبات الدولية إن وجدت، أنا أؤيد تأجيل الانتخابات النيابية. عندما يصبح وطني دولة فاشلة لا يمكن إصلاحه بصندوق انتخابات، بل بقرار دولي يؤمن اقتلاع الإرهابي من أرضي، ومن الشارع الذي أسكن به، ومن مجلس النواب الذي من المفترض أن يَنتخبَ رئيساً للجمهورية بعد أشهر، ومن المقرات الرسمية التي من المفترض أن تعمل من أجلي أنا المواطن الذي يلتزم بكل الموجبات التي يفرضها القانون.
السياسيون يخشون قول ذلك ليس لأن الجدوى السياسية مفقودة في الانتخابات، بل يخشون قول ذلك لأنهم يخشون من العقوبات. الانتخابات بالنسبة لهذه الطبقة السياسية مضيعة للمال لزوم الترشح والدعاية وحفلات الاستقبال. أما نتيجتها مضمونة أو كما يُقال في لبنان «في الجَيْب».
لبنان الدولة الفاشلة لا يمكن معالجة أمراضه بمرهم الانتخابات، فحالة الالتهاب المزرية لا تعالج بقرص مسكن أو بضمادات مياه باردة. الأمر أكبر من ذلك، الأمر يحتاج إلى عملية جراحية دقيقة، نجاة المريض منها غير مضمونة لكن استمراره من دونها أمر مستحيل.