منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، تسمرتُ أمام شاشات القنوات الإخبارية، ألاحق أدق تفاصيل هذا الحدث التاريخي المتسارع الذي شغل عقل الكوكب قاطبة، وتحركت معه قباب المؤسسات والحكومات الأوروبية بكل قطاعاتها، وجلس الرياضيون والاقتصاديون في ركن التفكير والتنبؤ، يقيسون أبعاد الحرب على ملاعب وأسواق هذا العالم.

ومنذ الأيام الأولى للحرب، سعيت للوصول إلى قائد في رياضة أوكرانيا، ومجتمعها، يروي القصة لـ «عكاظ» بلسان موجوع، وعين مُتعبة، لم تعرف النوم منذ فجر الرابع والعشرين من فبراير، وكان ذاك، تحدثت إلى أندري بياتوف، كابتن منتخب أوكرانيا وفريق شاختار، وأحد رموز اللعبة والرياضة قاطبة في بلاده، وواحد من الأوكرانيين النادرين الذين دخلوا نادي المئوية في الفيفا بخوضه أكثر من 100 مباراة دولية.

بياتوف تحدث لـ«عكاظ» حول تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الرياضة، في الحوار الآتي:

•• أندري.. أرحب بك في صحيفتنا «عكاظ»..

أعلم أن التعبير عن المشاعر أمر صعب في مثل هذه الظروف التي تمر بها بلادكم أوكرانيا.. لكن يجب على الرموز والشخصيات العامة أن يتحدثوا للعالم في مثل هذه اللحظات.. فما أبعاد هذه الحرب على الرياضة الأوكرانية؟! • أشكرك، نعم، من المؤكد أن الرياضة الأوكرانية، لا سيما كرة القدم، ستعاني من آثار هذه الحرب طويلا، لكن كل رياضة تتكون من أفراد وعناصر.. لذلك، بصفتي مواطنًا في بلدي، أولاً وقبل كل شيء، وبعد، كلاعب كرة قدم محترف، فأنا أهتم بالخير والرفاهية والسلام لجميع إخوتي وأخواتي. آمل حقًا أن يأتي السلام، أنا أؤمن بمدافعينا وجنودنا المنخرطين في الحرب حاليًا، وأتمنى أن تدور المعارك فقط في ملاعب كرة القدم في المستقبل القريب. أتمنى لكم كل السلام.

•• كواحد من أعظم الشخصيات الرياضية في أوكرانيا. صف لنا مدى الضرر اللاحق بقطاع الشباب والرياضة، ومعاناة وتأثيرات الحرب على جميع اللاعبين والملاعب والفرق المحلية والمنشآت الرياضية للمحترفين أو الهواة، • نعم، الدمار كبير جدا، المطارات والجسور والملاعب والمنازل تتعرض للدمار، كل الناس يجلسون في الأقبية والملاجئ.. اللاعبون الأجانب هم فقط كانوا قادرين على مغادرة البلاد في بداية الحرب.. وكانوا خائفين حقا.. لا توجد رياضة الآن.. فقط هناك حرب ودفاع عن بلادنا!

•• هل هناك لاعبون أو رياضيون مفقودون أو مصابون نتيجة الحرب؟ أو حملوا السلاح مع الجيش للدفاع عن أوكرانيا؟!

• نعم.. هناك العديد من الرياضيين انضموا إلى قوات الدفاع الإقليمي والشعبي.. تركوا الكرة.. وتركوا رياضاتهم.. وحملوا السلاح.. وهناك لاعب واحد من نادي كارباتي لفيف مات!

•• أندري.. كيف ترى الإجراءات والعقوبات التي اتخذها الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) ضد روسيا؟ كيف ترى هذا الأمر، وما تعليقك ورسالتك إلى الفيفا واليويفا معًا؟

• إنني أؤيد وأدعم بالكامل عزل روسيا عن كل المشاركات في كل الرياضات، بسبب الإبادة الجماعية للشعب الأوكراني، فهم يقتلون المدنيين. هناك رعب كامل في خاركوف، الروس يطلقون النار على الأحياء السكنية، الناس يموتون، وأعتقد أنهم يستحقون أقسى عقوبة في جميع المجالات، بما في ذلك عالم الرياضة.

•• الرياضيون واللاعبون الدوليون هم كنز وطني في أي بلد.. من منظور رياضي، برأيك، ما الحلول والإجراءات التي يتخذها الاتحاد الأوكراني بالتعاون مع وزارة الرياضة المحلية ووزارات الرياضة واتحادات الدول الحليفة والداعمة لأوكرانيا؟ خاصة إذا كانت الحرب ستستغرق وقتًا طويلاً، ومع اقتراب موعد كأس العالم هذا العام، ومباراتكم المهمة والتاريخية ضد أسكتلندا؟• بصفتي رياضيًا، لا يمكنني التفكير في أي مباراة كرة قدم الآن، أو حول مباراتنا ضد منتخب أسكتلندا.. أو حتى في بطولة كأس العالم.

لأنه في الوقت الحالي يموت أطفالنا وأمهاتنا وزوجاتنا والأبرياء... وإلى حين أن يتوقف كل شيء، وتعود الحياة لطبيعتها، لا يمكننا حتى التفكير الآن في أي مباريات كرة قدم أو رياضة من الرياضات، الآن كل أفكارنا تتعلق بشعبنا وبلدنا.. فقط.

•• أندري، ليس هناك شك في أنكم كلاعبين وزملاء في الدوري المحلي وفي المنتخب الوطني الأوكراني.. على اتصال دائم عبر الهاتف وتطبيقات التواصل الاجتماعي مثل الواتساب.. ما دورك كقائد مخضرم في التواصل مع زملائك في الفريق أو حتى مع اللاعبين غير الدوليين لطمأنتهم والتأكد من أنهم جميعًا طيبون وعائلاتهم؟

• نحن نتواصل في جميع برامج وتطبيقات التراسل والاتصال، ونحرص على إنشاء مجموعات بهدف أن نساعد جميع زملائنا الرياضيين.. وليس فقط لاصطحاب عائلاتهم وزوجاتهم وأطفالهم إلى مكان آمن. بل أيضًا، إذا احتاج أي شخص إلى أغراض البقالة.. نقوم بتوفيرها.. أو احتاج أحدهم مساعدة مباشرة إذا علق في الأماكن الصعبة كمناطق الصراع الحربي.. أو للعثور على مكان للعيش لأحدهم مع عائلته، فنحن نحاول حل المشكلات الاجتماعية قدر الإمكان.

•• أندري.. هذا دور كبير تلعبه كقائد للمنتخب.. وكواحد من أهم الرياضيين في تاريخ أوكرانيا.

• شكرا! المجد لأوكرانيا.

•• لقد قرأنا في الصحف أنه قد جرى منع الرجال الأوكرانيين من مغادرة البلاد بين سن 18 و60 عاما.. قبل صدور هذا القرار.. هل فكر أحدكم (اللاعبين) في المغادرة؟ وماذا عن أسرتك؟

• جلسنا لمدة يومين تحت القصف، ثم ظهر ممر إنساني، وبالطبع قمنا بنقل عائلاتنا إلى مكان آمن في غرب أوكرانيا.