نظام الأحوال الشخصية.. الأصالة والمواكبة
الأحد / 17 / شعبان / 1443 هـ الاحد 20 مارس 2022 23:51
نجيب يماني
لا تكاد أمّة منذ تاريخ الإنسانية الغابر تبرأ من نزعة التوجّس من أيّ أمر جديد يستهدف تغيير ما ألفت، وترتيب حياتها على نسق جديد، ورؤى مخالفة لما توارثت عن سلفها، ولنا في قصص القرآن شواهد لما جوبه به كلّ نبي مرسل، مِن إنكار وازورار عن دعوته الجديدة، من قبل قومه، وقولتهم المتناقلة: «هذا ما وجدنا عليه آباءنا»، وكأنها «جين» في دماء البشرية تتناقله جيلاً عن جيل، فلا تقبل كل مُحدث أو جديد يطرأ عليها إلا بعد لأي ومشقة وعنت، ولا تذعن إليه إلا بعد أن ترى ثماره اليانعة قد آتت أكلها، وثبت جدواها، وصحّ منها ما بشّرت به..
وليس مجتمعنا بدعًا من الأمم، فلقد ظلت طائفة منه تقف بمصداتها حيال كل أمر جديد يبحث عن موطئ قدم في بنية المجتمع لينقل النّاس من حرج التقليد والاتباع إلى براح المواكبة واستشراف متغيرات الحياة، على قاعدة راسخة من الثوابت، ومراعاة بصيرة بفوارق الأزمان، وضرورات الحياة المعاصرة، ولا يزال في خاطري صدى تلك المعارك الشعواء حيال حركة الحداثة الأدبية التي قابلها «المحافظون» بخطاب راديكالي، بلغ من سطوته وعنفه حد الرمي بالكفر والزندقة، والدعوة للتغريب وهدم الإسلام، وما إلى ذلك من القاموس «الصحوي» المتشنج البائس الذي صك أسماعنا على مدى ثلاثين عامًا.
إن البنية الفكرية التي ناصبت الحداثة الأدبية العداء آنذاك، ونصبت لها منصات تفتيش النوايا، وختمت لها بالويل والثبور، وجدت لها في عهد سلمان الحزم والعزم، وولي عهده الأمين، الترياق الناجع، فجفت معاطنها الآسنة، وانقطع لسانها المخاتل، وانهدمت منابرها الناعقة بالباطل ولم تعد تقف عثرة أمام استشراف المجتمع لغده على إيقاع رؤيته المباركة،
وها هي «الرؤية» تعيد ترتيب أحوال المجتمع بصدور نظام الأحوال الشخصية ضمن منظومة التشريعات المتخصصة التي أعلن عنها ولي العهد الأمين.
إنّ كافة أسباب النجاح تتضافر وتتكامل لنجاح هذا النظام، رغم أنه يمسّ بنية المجتمع، ويهزّ قناعات كثيرة سار عليها ردحًا من الزمن، ولو أنه صدر في غير هذا العهد الموسوم بـ«الحزم والعزم» والمتوثب بـ«الرؤية» لانسدت معاطس الأجواء بزفير أنفاس «الصحويين» اللاهثة رفضًا، ولضجت أبواقها الناعقة جهلاً وتجييشًا وتلغيمًا للأجواء.. لكن هيهات!
نظام الأحوال الشخصية الجديد يطلّ علينا في أبهى صور المواكبة والتحديث، ومن غير عرّابه؛ ولي العهد الأمين، قمين بأن يبثّ البشارة به، والتنويه بمشتملاته الوضيئة، يقول سموّه: ..(مشروع نظام الأحوال الشخصية استمد من أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وروعي في إعداده أحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ومواكبة مستجدات الواقع ومتغيراته. وسيُسهم في الحفاظ على الأسرة واستقرارها باعتبارها المكون الأساسي للمجتمع، كما سيعمل على تحسين وضع الأسرة والطفل، وضبط السلطة التقديرية للقاضي للحد من تباين الأحكام القضائية في هذا الشأن).
من نافلة القول إن الاستمداد من الشريعة الإسلامية لا يتصادم مع الاستئناس بالتوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ومواكبة مستجدات الواقع. ولنا في سيرة الخليفة عمر بن الخطاب الشاهد المُغني، والمثل المعضد، فقد سنّ العديد من التشريعات المنظمة لحال الأسرة، والأحوال الشخصية، كما في قصة المرأة التي أعجلت طفلها على الفطام، ومدة غيبة المحارب عن زوجته وتحديد المهور، ومنع الزواج من الكتابيات خشية الإعراض عن المسلمات وعدم بيع الجارية أم الولد وغيرها مما وضع له القوانين المتسقة مع الواقع تماشيًا مع المتغيرات، دون أن يخلّ بميزان الشريعة، ولا يطفف منها ثابتًا، أو يخرج عن إطارها،
إن مواكبة الممارسات القضائية الدولية الحديثة أمر مطلوب متى ما كان في أقضياتهم أمر محمود، وفي تشريعاتهم ما يحقق روح العدالة، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها.
أن مجتمعنا كان في مسيس الحاجة لمثل هذا النظام الضابط، بالنّظر إلى ما كانت تشهده جلسات المحاكم من أحكام متفاوتة في القضية المتشابهة، لاختلاف تقديرات القضاة فيها، في ظل غياب النص التشريعي المحكم، وغير القابل للتأويل ومساحة التقدير لدى القاضي، فمن حسنات هذا النظام الجديد أنه حل كثيرًا من الاختلافات في مسائل الأسرة على المستوى القضائي، ونظم قوانين الأحوال الشخصية، كما أنه ضبط أحوال الوصية والتركة وغيرها ضمن منظومة إجراءات واضحة وشفافة ودقيقة، مبتغيًا الوصول للعدالة المنشودة، والأهم؛ أنه ضبط السلطة التقديرية للقاضي، بتحديد واستقرار مرجعيته، بما يحد من التفاوت في الأحكام القضائية، ويضمن سرعة الفصل في النزاعات المتعلقة بالأسرة.
كل ذلك يعزز شعور المجتمع بعدالة ناجزة، ويرفع من ثقته بالمنظومة العدلية كلها، كما أنه يرفع الحرج عن القضاة أنفسهم ويزيح عنهم ثقل البحث عن أحكام تقديرية وفق تصوراتهم الشخصية، مما سيرسخ مبادئ العدالة والشفافية، ويحمي حقوق المواطن، ويهيئ البيئة المناسبة لتحقيق التنمية الشاملة، في مجتمع معافى وسليم وموفور القيم، ومحروس بنظام يوائم بين الأصول الثابتة ومواكبة العالم ومتغيراته الكثيرة.
وليس مجتمعنا بدعًا من الأمم، فلقد ظلت طائفة منه تقف بمصداتها حيال كل أمر جديد يبحث عن موطئ قدم في بنية المجتمع لينقل النّاس من حرج التقليد والاتباع إلى براح المواكبة واستشراف متغيرات الحياة، على قاعدة راسخة من الثوابت، ومراعاة بصيرة بفوارق الأزمان، وضرورات الحياة المعاصرة، ولا يزال في خاطري صدى تلك المعارك الشعواء حيال حركة الحداثة الأدبية التي قابلها «المحافظون» بخطاب راديكالي، بلغ من سطوته وعنفه حد الرمي بالكفر والزندقة، والدعوة للتغريب وهدم الإسلام، وما إلى ذلك من القاموس «الصحوي» المتشنج البائس الذي صك أسماعنا على مدى ثلاثين عامًا.
إن البنية الفكرية التي ناصبت الحداثة الأدبية العداء آنذاك، ونصبت لها منصات تفتيش النوايا، وختمت لها بالويل والثبور، وجدت لها في عهد سلمان الحزم والعزم، وولي عهده الأمين، الترياق الناجع، فجفت معاطنها الآسنة، وانقطع لسانها المخاتل، وانهدمت منابرها الناعقة بالباطل ولم تعد تقف عثرة أمام استشراف المجتمع لغده على إيقاع رؤيته المباركة،
وها هي «الرؤية» تعيد ترتيب أحوال المجتمع بصدور نظام الأحوال الشخصية ضمن منظومة التشريعات المتخصصة التي أعلن عنها ولي العهد الأمين.
إنّ كافة أسباب النجاح تتضافر وتتكامل لنجاح هذا النظام، رغم أنه يمسّ بنية المجتمع، ويهزّ قناعات كثيرة سار عليها ردحًا من الزمن، ولو أنه صدر في غير هذا العهد الموسوم بـ«الحزم والعزم» والمتوثب بـ«الرؤية» لانسدت معاطس الأجواء بزفير أنفاس «الصحويين» اللاهثة رفضًا، ولضجت أبواقها الناعقة جهلاً وتجييشًا وتلغيمًا للأجواء.. لكن هيهات!
نظام الأحوال الشخصية الجديد يطلّ علينا في أبهى صور المواكبة والتحديث، ومن غير عرّابه؛ ولي العهد الأمين، قمين بأن يبثّ البشارة به، والتنويه بمشتملاته الوضيئة، يقول سموّه: ..(مشروع نظام الأحوال الشخصية استمد من أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وروعي في إعداده أحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ومواكبة مستجدات الواقع ومتغيراته. وسيُسهم في الحفاظ على الأسرة واستقرارها باعتبارها المكون الأساسي للمجتمع، كما سيعمل على تحسين وضع الأسرة والطفل، وضبط السلطة التقديرية للقاضي للحد من تباين الأحكام القضائية في هذا الشأن).
من نافلة القول إن الاستمداد من الشريعة الإسلامية لا يتصادم مع الاستئناس بالتوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ومواكبة مستجدات الواقع. ولنا في سيرة الخليفة عمر بن الخطاب الشاهد المُغني، والمثل المعضد، فقد سنّ العديد من التشريعات المنظمة لحال الأسرة، والأحوال الشخصية، كما في قصة المرأة التي أعجلت طفلها على الفطام، ومدة غيبة المحارب عن زوجته وتحديد المهور، ومنع الزواج من الكتابيات خشية الإعراض عن المسلمات وعدم بيع الجارية أم الولد وغيرها مما وضع له القوانين المتسقة مع الواقع تماشيًا مع المتغيرات، دون أن يخلّ بميزان الشريعة، ولا يطفف منها ثابتًا، أو يخرج عن إطارها،
إن مواكبة الممارسات القضائية الدولية الحديثة أمر مطلوب متى ما كان في أقضياتهم أمر محمود، وفي تشريعاتهم ما يحقق روح العدالة، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها.
أن مجتمعنا كان في مسيس الحاجة لمثل هذا النظام الضابط، بالنّظر إلى ما كانت تشهده جلسات المحاكم من أحكام متفاوتة في القضية المتشابهة، لاختلاف تقديرات القضاة فيها، في ظل غياب النص التشريعي المحكم، وغير القابل للتأويل ومساحة التقدير لدى القاضي، فمن حسنات هذا النظام الجديد أنه حل كثيرًا من الاختلافات في مسائل الأسرة على المستوى القضائي، ونظم قوانين الأحوال الشخصية، كما أنه ضبط أحوال الوصية والتركة وغيرها ضمن منظومة إجراءات واضحة وشفافة ودقيقة، مبتغيًا الوصول للعدالة المنشودة، والأهم؛ أنه ضبط السلطة التقديرية للقاضي، بتحديد واستقرار مرجعيته، بما يحد من التفاوت في الأحكام القضائية، ويضمن سرعة الفصل في النزاعات المتعلقة بالأسرة.
كل ذلك يعزز شعور المجتمع بعدالة ناجزة، ويرفع من ثقته بالمنظومة العدلية كلها، كما أنه يرفع الحرج عن القضاة أنفسهم ويزيح عنهم ثقل البحث عن أحكام تقديرية وفق تصوراتهم الشخصية، مما سيرسخ مبادئ العدالة والشفافية، ويحمي حقوق المواطن، ويهيئ البيئة المناسبة لتحقيق التنمية الشاملة، في مجتمع معافى وسليم وموفور القيم، ومحروس بنظام يوائم بين الأصول الثابتة ومواكبة العالم ومتغيراته الكثيرة.