كتاب ومقالات

حق سياسي سكتنا عنه كثيراً..

عبده خال

في كل أزمة عالمية تميل دول العالم على السعودية كي تقوم بدور المعين في ضخ أنواع الطاقة (وأهمها البترول)، وعبر تاريخ الأزمات السياسية المختلفة، كانت السعودية تستجيب لتلك النداءات وتتحمل مغبة عبث الآخرين من غير فائدة تجنيها، اللهم كتأكيد أنها دولة تسعى إلى استقرار العالم سواء سياسياً أو اقتصادياً، أو تزويد العالم بالطاقة حتى وإن كان ضخها لا يميل مع إستراتيجيتها الإنتاجية.. كم، وكم حدثت تلك المبادرة ليس نتيجة ضغط، وإنما سعي لاتزان ميزان العالم.. في كل مرة نظن أن تلك (الفزعات) سوف يقدّرها العالم، ويحملونها جميلة لدولة تشارك في المساعدات الدولية من غير اشتراط.. وللأسف لا تحمل ذاكرة دول العالم هذا الصنيع..

ومع إعلان وزارة الخارجية السعودية أن بلادنا (لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات النفط بالأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها من مليشيات الحوثي)، وهو إعلان حقيقي لما نجابهه من مليشيات استبد بها العبث ببلادها منذ زمن (الرئيس علي عبدالله صالح دخل معهم في ست حروب)، ومع التغيرات السياسية في اليمن، قفزت هذه المليشيات إلى واجهة الأحداث واستغلال الظروف اليمنية، فزاد عبثها، فاستنجدت الشرعية اليمنية بالسعودية لإنقاذ البلد، ودخول التحالف العربي بقيادة السعودية كان (فزعة) أيضاً، فقط من أجل إحقاق حق اليمن بتمكين (الشرعية) من حكم البلد. وفي ميزان الحروب، لا يمكن للتحالف الذي تقوده السعودية محاربة عصابة، ففي هذه الحرب لم يستطع التحالف إهالة الحمم على رؤوس الشعب اليمني كون عصابة الحوثيين تتمترس بالشعب، أو أنها تخندقت بالشعب اليمني، وفي آخر مناداة للشرعية اليمنية بعقد مؤتمر يجمع الأطياف اليمنية لإيقاف هذه الحرب، وجدنا الحوثيين يستهدفون المدن السعودية، وخاصة مواقع الطاقة (البترول).. كم صبرت السعودية على هذا الاعتداء، وخلال سنوات الحرب التي طالت، لكن الظرف العالمي اختلف بالحرب بين الروس وأوكرانيا، واحتياج العالم لضخ البترول؛ لذلك أعلنت السعودية أنها غير ملامة لو أنها لم تستطع الإيفاء (بفزعتها) الدائمة في الأزمات العالمية، فهي تتعرض لعدوان مباشر من قبل عصابة صمتت عن أفعالها دول الغرب، وفي مقدمتها أمريكا التي رفضت اعتبار الحوثيين جماعة إرهابية.

فإذا كان العالم يسعى لمصالحه، ويتلفت مطالباً الأصدقاء بزيادة إنتاج النفط، كان من الواجب قبل وبعد وأثناء هذه المطالبة رعاية وحماية الدول المنتجة أو المصدِّرة، وأهمها السعودية حين تكفلت عبر الزمن بأن تكون يدها ممدودة للمساعدة.. إذن إعلان الخارجية السعودية هو حق صمت عنه الغرب سنوات؛ لذا إن طلبت أمريكا المساندة بضخ أو زيادة إنتاجية البترول، فمن الأولى حماية مصدِّري هذه الطاقة.

وإعلان السعودية ليس استغلالاً، بل تذكير أن بلادها تتعرض لعدوان عصابة تسير وفق أجندة لا يعنيها سلامة اليمن أو إنهاء مأساة حرب طويلة.

وكمواطن أرى في إعلان السعودية حقاً، صمتنا عنه كثيراً، سواء كان الصمت حياء أو مساعدة عالمية انتظرنا كثيراً أن تثمّن تلك المساعدات لدولة بادرت كثيراً في نزع أشواك دول العالم، ولم يلتفت إليها أحد منهم عندما وجدت شوكة الحوثيين تغرس بقدميها من أجل عداء إيراني.