.. نحو يمن جديد
الأحد / 09 / رمضان / 1443 هـ الاحد 10 أبريل 2022 00:02
جميل الذيابي
من دون شك، سيذكر التاريخ تضحيات الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي من أجل وطنه، وشعبه. فقد تحمَّل تتابع أهوال اليمن من حروب أهلية، وفجور في الخصومات السياسية، حتى انتهى به المطاف حبيساً في مقره الرئاسي في صنعاء، على أيدي طُغمة الانقلاب الحوثي. ومعروف أن السعودية نجحت في إنقاذ الرئيس السابق، حتى وصل إلى الرياض. واليوم، هادي يُقدِم على تضحية أخرى من أجل اليمن، وسلامة شعبه، واستقرار بلاده، وتصالح مكوناتها السياسية والقبلية؛ باستخدام الدستور، مفوضاً صلاحياته إلى مجلس رئاسي، تتمثل فيه تلك المكوّنات كافة. وهي خطوة يجب أن تُحسب أيضاً باعتبارها نجاحاً كبيراً لحوار الرياض اليمني-اليمني، الذي تم برعاية مجلس التعاون الخليجي. وهو حوار شمل الأطياف اليمنية كافة، إلا الحوثي الذي استثنى نفسه وفق الإملاءات التي يخضع لها من داعميه ومموليه ومحرضيه الإيرانيين. والمأمول أن يؤدي التفويض الدستوري الذي أصدره الرئيس السابق عبد ربه هادي إلى التكامل المنشود بين الفصائل اليمنية، والقوى السياسية. وهو طموح يجب أن ينتهي بتحقيق سلام اليمن، وانتعاش اقتصاده، وعودة حياة أهله لطبيعتها. وسيدرك الحوثي بعد فوات الأوان أنه بات منبوذاً، يقف وحيداً في مواجهة جميع المكونات الفاعلة على الأرض اليمنية. ولن يكون أمامه من مخرج سوى الامتثال للإرادة الشعبية اليمنية الداعية إلى السلام، والمجهود الجماعي لإعادة البناء والإعمار؛ وإلا فإنه سيواجه كل تلك المكونات في وقفة موحدة ضده، هدفها إزاحة كل من يعرقل إرادة الشعب اليمني. وسيظل اليمنيون والمحبون لليمن يرقبون في اهتمام بالغ ما ستسفر عنه مشاورات الوفد القانوني اليمني الذي أوكلت إليه مهمة تحديد ضوابط وصلاحيات أعمال المجلس الرئاسي، بما يضمن حوكمة هذا الكيان، الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ اليمن.
ويدرك اليمنيون أن السعودية لن تكون في أي مكان سوى بجانبهم، في كل المنعطفات الخطرة، ومصداقاً لذلك أعلنت المملكة دعم الشعب اليمني بملياري دولار. وستتولى الرياض حشد المجتمع الدولي لعقد مؤتمر اقتصادي شامل لتعزيز اقتصاد اليمن. ولا يهم السعودية اليوم، أكثر من أن يغادر اليمن حالة الحرب والتشظي والبؤس المعيشي إلى السلام، والتضامن، والحياة الآمنة. وهو مطمح تتقاسمه السعودية مع دولة الإمارات والقوى الدولية المحبة للسلام، التي تعتبر التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية السبيل الأوحد لبلوغ غايات السلام المنشود.
الأكيد أن أضحت لليمن آلية قيادية جماعية جديدة مرنة، وممثلة لجميع قطاعاته الفاعلة؛ من المفترض أن تسعى إلى الدخول في حوار جاد وبنَّاء مع كل اليمنيين بلا استثناء بمن فيهم الحوثي، تحت إشراف مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة، لإنجاز الحل السياسي والأمني الذي كلما اقترب قام الحوثي بتبديد فرص تحققه، بتعليمات من إيران، التي يمثل مشروعها الشيطاني أكبر كارثة حلت بأرض اليمن منذ تاريخه وحتى اليوم.