تساءلت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن السيناريوهات التي سيتخذها الهجوم الروسي المرتقب على إقليم دونباس، والخيارات العسكرية، وما هي احتمالات المقاومة الأوكرانية؟

وأفادت في تحليل عسكري لها بأن أوكرانيا تعيش على وقع انتظار الهجوم الروسي على شرق البلاد، معتبرة أن موسكو اضطرت بعد شهر ونصف من الحرب إلى مراجعة إستراتيجيتها والتركيز على هدف محدد وهو الاستيلاء الكامل على إقليم دونباس الذي تتقاسمه القوات الأوكرانية مع الانفصاليين الموالين لروسيا منذ 2014.

وأكدت أن القوات الروسية باتت منهكة وأن بعض الوحدات في خيرسون أو بالقرب من خاركيف لم يعد بإمكانها أن تغادر مواقعها، إذ تتشبث بالمكاسب التي حققتها ضد الأوكرانيين ما جعلها تعاني الكثير من الخسائر البشرية والمادية.

ويعتقد محللون أن الرئيس فلاديمير بوتين يريد تحقيق مكاسب قبل العرض العسكري في 9 مايو القادم بمناسبة الانتصار السوفياتي على النازيين في عام 1945.

وبحسب خبيرين فرنسيين فإن أمام بوتين واحد من 3 سيناريوهات: الأول: تنفيذ روسيا خطتها الأصلية التي تعتمد على التطويق من أجل الاستيلاء على جزء من منطقة دونيتسك لا يزال تحت السيطرة الأوكرانية، ولو كانت قوات موسكو لا تزال تمتلك قدراتها القصوى لأمكنها شن هجوم مزدوج لتنفيذ «تطويق كبير لدونباس» من خلال الاستيلاء على خاركيف في الشمال وزاباروجيا في الجنوب، ثم على طول نهر الدنيبر، لكن الأمر «أصبح الآن مستحيلا، إذ لم تعد لديهم الوسائل.

لذا سيتعين على روسيا الهجوم بقوة ضعيفة، وستضطر إلى استخدام وحدات لا يمكنها تجديدها، وكلما اتسع نطاق التطويق كان أكثر خطورة، ناهيك عن التضاريس الصعبة للمنطقة.

فيما يرجح السيناريو الثاني وهو الهجوم المباشر أن روسيا تستعد لهجوم أكثر انضباطا ويمكنها أن تشن هجوما مزدوجا من مدينة دونيتسك في جنوب دونباس، والتي هي بالفعل في أيدي الموالين لروسيا، ومن منطقة إيزيوم في الشمال، و«هذا هو المكان الذي يوجد فيه مركز ثقل القوات الروسية الآن، وسيكون عليه الجهد العسكري الرئيسي في هذه المنطقة»، كما يتنبأ هذا الخبير الذي يراقب تحركات القوات الروسية على الأرض.

ومن إيزيوم يمكن للروس أن يتوجهوا مباشرة إلى سلافيانسك وكراماتورسك، وهما مدينتان كبيرتان في منطقة دونيتسك، ويبلغ عدد سكانهما على التوالي 111 ألفا و157 ألفا، أو يتجهون إلى الغرب عبر بلدتي بارفينكوف وبوكروفسك، للانضمام إلى الجبهة الجنوبية وتطويق المنطقة. وتوقعت أن يواجه الروس وقتا عصيبا في القتال بالمدن، وأن يمثل حصار هذه المدن إنشاء ماريوبول جديدة.

أما السيناريو الأخير وهو التطويق المتدرج، فتؤكد لوموند أن سلافيانسك وكراماتورسك ليستا ماريوبول، فهما معزولتان في منطقة خاضعة للسيطرة الروسية ويسهل تطويقهما، لكن الروس إذا تمكنوا من إجراء تطويق أولي فستكون لذلك تداعيات على النظام الأوكراني بأكمله في دونباس، فكلما زاد تقطيع أواصر هذه المنطقة زاد عدم تنظيم القوات الأوكرانية وضعفت مقاومتها، إلا أن أن النصر يبدو بعيد المنال بالنسبة لموسكو.

وتؤكد الصحيفة أن الدعم الدولي بالأسلحة والاستخبارات يمكن أن يكون أمرا حاسما، وأن الأوكرانيين لهم معرفة أكثر من خصومهم بميدان المعركة، ولفتت إلى أنه أيا كان شكل الهجوم الروسي في دونباس فإنه سيكون عنيفا للغاية، لكن يمكن إيقافه بسرعة.