أخبار

سامي كليب: «الديلفري» يعوّض فشل بعض طبخاتي

سامي كليب

علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@

من إذاعة (مونت كارلو) استثار صوته وجداننا، وعبر برنامج (زيارة خاصة) دخل بيوتنا وقلوبنا، ومن خلال برامجه الحوارية ارتقى بذائقتنا، ووعينا؛ ويظل المذيع الراقي سامي كليب محل تقدير وإعزاز كافة الأطياف بحكم تنوّع مشاربه وتعدد ينابيعه الأولى، وفي ظل اللياقة واللباقة لا يجد الملل إلى قلوب متابعيه طريقاً؛ وهنا نص مسامرتنا الرمضانية معه.

فقدنا عاداتنا

• هل تُعد برنامجا رمضانيا؟

•• ليس عندي برنامج خاص للشهر الفضيل، وإنما اخترنا هذا العام دعم المُرشحات السيدات في لبنان للانتخابات النيابية، وأقدم برنامجا معهن ولأجلهن على شاشة إل بي سي طيلة الشهر، ذلك أن لبنان صار في أسفل الدول في سياق الحضور النسائي في البرلمان (5%)، بالإضافة إلى بعض الحلقات عن المسلمين في العالم عبر قناة يوتيوب، وكانت الحلقة الأخيرة عن مسلمي الصين. أما على المستوى الشخصي، فهذا الشهر هو لراحة الروح، وصفاء العقل والقلب، وتأمل هذا الكون دون الغرق بتفاصيل يومياته التي جعلت بني البشر يغرقون بالقشور ويبتعدون عن الجوهر.

• ما الذكريات الأثيرة من رمضانات مضت؟

•• لعل أجمل الذكريات هي التي أمضيتها في المملكة المغربية، حيث تزامن شهر رمضان مع دورة تدريبية أقمتها في الدار البيضاء مبعوثا من إذاعتي فرنسا الدولية ومونت كارلو لتأسيس إذاعة أتلانتيك المغربي، وجمال الذكرى ينبع من أن أهل المغرب يحافظون على تقاليد الشهر الفضيل بالصوم والصلاة، ولكن أيضا بالملبوس التقليدي والمأكول المتنوّع والأحاديث والحوارات التي تمتد حتى ساعة متأخرة من الليل، وفي ذلك الحين أجرت معي صحيفة الصباح العريقة سلسلة حوارات لمدة 30 يوما نَشَرتها طيلة الشهر، وكنت أروي فيها كل يوم قصة من قصص رحلاتي عبر العالم. أعتقد أني عشت شهرا جميلا وعميقا لا تُنسى ذكراه بين أهلنا في المغرب. ربما زاد تعلّقي بتلك الذكرى، لأننا يا للأسف في المشرق فقدنا الكثير من عاداتنا، ما يجعل شهر رمضان في بعض العواصم كأي شهر عادي.

تقاليد الشعوب

• متى بدأت الصيام، وهل تذكر كم رمضان صمته خارج الوطن؟

•• بدأته صغيرا جدا، لكني أستطيع القول إني عشته في معظم دول العالم، لأن الله أكرمني بمهنة جعلتني أطوف الدُنيا وأتعرف على عادات وتقاليد الشعوب، وأعيش يومياتهم كما لو أني واحد منهم، وكنت في معظم السنوات أختار أن تكون رحلاتي في هذا الشهر الفضيل إلى حيث رمضان مُصانٌ، أي إلى معظم الدول الإسلامية بشكل عام، وفي إحدى السنوات أمضيته في قرية مسلمة في تايلند عائمة على المياه، ومرة ثانية في أفريقيا، حيث كنتُ مع أحد الدُعاة الكويتيين وكان رجل خير وتقوى أمضينا أياما عديدة مع قبيلة أفريقية كان قد ساعدها وأهداها. لكن الأصعب كان حيث تكون الحروب، فأنا كنتُ مُراسلا حربيا غطّيت معظم حروب أواخر القرن الماضي، وفي بعضها كان يهلّ علينا رمضان، وكذلك القذائف من كل حدب وصوب. فلا نعرف هل سنفطر تحت خيمة، أم سنُصبح خبرا عابرا في نشرة أخبار.

• أين تفضّل قضاء شهر الصيام؟

•• في الدول التي تعيش كل تقاليدها وتحافظ على عراقتها ولا تتصنّع من خلاله عادات غريبة.

• ما هي الوجبات التي تُفضّلها حين تُدعى إلى الإفطار؟

•• لا شيء يتقدّم بداية على التمور والشوربات والخضار، ثم الباقي يختلف حسب مكان وجودي، فلو كنت في موريتانيا أو جنوب الجزائر لأكلت الضان المشوي، وفي المغرب العربي الكُسكسي، وفي لبنان وسورية المحاشي (ورق العنب والكوسة والباذنجان)، وفي الإمارات الأسماك البحرية.. إلخ. أما السعودية فزرتها مرتين ولم تتزامن مع شهر رمضان، وفي إحداهما كنت في عداد الوفد الإعلامي للرئيس جاك شيراك. لكني بعد التغييرات الكُبرى التي حدثت في السنوات القليلة الماضية على أكثر من صعيد، متشوّق لزيارتها.

الطبخ مغامرة • ما الذي تجيده من طبخات؟

•• بما أنني سافرت إلى معظم دول العالم، وعشت فترة لا بأس بها من عمري عازبا، وأمضيت معظم عمري أيضا في فرنسا والغرب، فلا شك أجيد طهو معظم الأطباق المعروفة العربية والغربية، منها يكون شهيا، ومنها يصبح مغامرة غير معروفة النتائج، وقد يليها طلبُ طبق ديلفري، للتعويض على سوء فعلتي وغريب اختراعي.

• ما برنامجك التلفزيوني في شهر رمضان؟

•• بشكل عام لا أشاهد التلفاز وأفضّل القراءة، وفي شهر رمضان الفضيل تنعدم تماما مشاهدتي للتلفاز. وغالبا ما التقي بممثل شهير أو فنان معروف ولا أعرفه، ويستغرب أصدقائي ويقولون هذا فلان اشتهر بمسلسل فلان، لكني بطبعي لا أحب المسلسلات ولا طاقة لي للتسمّر أمام الشاشة ساعات طويلة اعتبرها هدرا للوقت لمشاهدة مسلسل يُحدّثني عن أجدادي، أٌفضِّل قراءة شيء يتعلق بالمستقبل وبالتطور التكنولوجي والعلمي والفكري، أو مشاهدة وثائقي على نتفليكس وغيرها.حين يحين أجلي • كيف تقضي يوم الصيام؟

•• في القراءة والكتابة وبعض النوم والرياضة إذا كان الجسدُ جاهزا والعقلُ صاحيا والقلبُ راغبا. كما أني استمر حاليا في تأليف الجزء الثاني من كتابي «الرحّالة» وأنهي كتاباً آخر بالفرنسية عن الأسباب الدينية في حروب الشرق الأوسط، ناهيك عن أني أخصص بعض الساعات لتعليم مادة تحليل الخطاب السياسي والإعلامي في الجامعة.

• كم ساعة تقرأ؟

•• ربما لو كان السؤال كم ساعة لا تقرأ كان جوابه أكثر سهولة عليّ. أعتقد أنه حين يحين أجلي، سيكون الكتاب نائما على صدري، ونرحل سويا.

• ما أبرز الكتب المفضّلة؟

•• غالبا ما أقرأ كتبا أجنبية أكثر من العربية، لأنها تزخر بالمعلومات ولها هوامش ومراجع ولا تسرق أفكارا من الغير وتفتح لنا نوافذ جديدة حتى حين تتحدث عن واقعنا رغم تحيّز بعضها، ومع ذلك أقرأ أيضا كُتُبا عربية، وكتابين قرأتهما كان أحدهما فرنسيا أثار ضجة كبيرة في باريس بعنوان: «الله، العلم، والبراهين»، لكني انتقدته لأنه لم يذكر الإعجاز القرآني، والثاني قبل أيام للسفير الروسي السابق في لبنان والعراق ومصر فاسيلي كولوتوشا قدّم روايات مثيرة ووثائق غير معروفة عن وقائع لبنانية وعربية.

• قارئ تؤثر سماع تلاوته؟

•• رافقني الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (رحمة الله عليه) طويلا في غربتي، وكنت أستمع إليه تقريبا كل ليلة قبل النوم، (أعتقد أن صوته بسورة التكوير يتفوق على كل تقييم بشري)، وفي نهاية الألفية الماضية تعرّفت على عدد من قارئي موريتانيا الذين حافظوا على صفاء نادر في أصواتهم وطريقة تجويدهم القرآن الكريم، وكذلك على عدد من أئمة الخليج ذوي الأصوات التي تبعث الطمأنينة في القلوب، مثل الشيخ عبدالرحمن السديس والشيخ سعد الغامدي وغيرهما، واستمعت أخيرا إلى مؤذن تُركي شاب اسمه مُحسن كارا ممتاز.

• كاتب تحب أن تقرأ له؟

•• ليس عندي كاتب واحد وإنما العشرات الذين اشتري كل مؤلفاتهم، منهم مثلا نوام شومسكي، أو بوب وودورد، أو إيمانويل تولد أو فنسان نوزي وغيرهم.

• ما هي أمنيتك في خواتيم رمضان؟

•• أتمنى لكم وللمملكة العربية السعودية وأهلها الكرام وللبشرية شهرا زاخرا بالخير، وراشحا بالسلام، وعابقا بالمحبة والتقوى والتألق والنجاح.