كتاب ومقالات

حتى فايز المالكي لم يسلم

بدر بن سعود

في بداية العام الميلادي الحالي تم تطبيق نظام مكافحة التسول السعودي، بشكليه التقليدي والإلكتروني، وفيه غرامات تتراوح ما بين 13 و25 ألف دولار، والحبس من ستة أشهر إلى عام، والعقوبة تتم مضاعفتها في حالات التكرار، علاوة على مصادرة الأموال والترحيل، وإذا ترتب على التسول جريمة معاقب عليها في نظام آخر يكون العمل بالعقوبة الأشد، وهو أمر جيد من حيث المبدأ، وربما احتاج المشرع إلى تحميل جزء من المسؤولية لمن يتعاطف مع المتسول، لأنه يدخل في حكم من يحرّض ويساعد المتسول على الاستمرار في تسوله.

إحصاءات 2017 تشير إلى أن عصابات التسول في المملكة تجمع ما قيمته 40 مليون دولار، وهذا في شهر رمضان وحده، وأن هناك أكثر من 50 ألف متسول داخل الأراضي السعودية، والمكاسب الشهرية للمتسولين تقدر بحوالى 3 ملايين دولار، ومعظم هذه الأموال تذهب لخدمة أنشطة معادية، أو تستغل في جرائم غسل الأموال وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر، وفي أسوأ الأحوال، قد تجد طريقها لجماعات الإرهاب حول العالم، وبعض الناس يفوته وجود جهات معتمدة لمساعدة المحتاجين، كمنصة إحسان وخدمة فرجت والجمعيات الخيرية والضمان الاجتماعي وغيرها، ويفضل عليها الدعم المباشر والمشبوه.

النسبة الفعلية للمتسولين المحتاجين حول العالم لا تتجاوز 30%، والبقية من نوع البريطاني سايمون رايت الذي وصل دخله السنوي من التسول إلى 200 ألف دولار، ومليونيرة جدة المعروفة بالعمة عائشة، التي كوّنت ثروة تجاوزت المليون دولار من ممارسة التسول، بالإضافة لامتلاكها عقارات سكنية، ومعها اللبنانية فاطمة عثمان، صاحبة المركز الأول في قائمة متسولي العالم، وقد قدرت ثروتها بخمسة ملايين ونصف المليون دولار، والمصري العم كامل، الذي امتهن التسول وكوّن ثروة قاربت المليون ونصف المليون دولار، وبجانبها عمارتان سكنيتان، وسجلت الأمريكية كارين بوزناك نفسها كأول متسـولة إلكترونية في 2003، عندما أطلقت حملة مفبركة تطلب فيها دولاراً واحداً من عشرين ألف شخص، لعملية والدتها ولإصلاح منزلها، واتضح فيما بعد أن المبلغ المطلوب كان لسداد دين على بطاقتها الائتمانية.

المتسولون الإلكترونيون سبق وأن استغلوا عاطفة السعوديين تجاه أبطال الحد الجنوبي، بادعاء إيقاف الخدمات عليهم، واستخدموه كذريعة للتسول، واستثمروا في قضايا العنف الأسري المفبركة والطلاق والمرض والإعاقة لذات الغرض، ودعموها بصور ومقاطع ووثائق غير صحيحة لتأكيد ادعاءاتهم، وكلنا يتذكر الطفلة سارة إبراهيم صاحبة الشخصية الوهمية، وما حدث مع الفنان فايز المالكي من قبل متسولي السوشيال ميديا، والعجيب أن وزارة الموارد البشرية والأمن العام والنيابة العامة، وكلها جهات معنية بتطبيق النظام وضبط المتسولين والتحقيق معم، لا تتعامل مع الظاهرة بالجدية الكافية، وكأنها قضية هامشية أو أقل أهمية من غيرها، ولا تذكر بها إلا قبل رمضان أو في الأعياد والمناسبات الموسمية.