نهاية «سعد»
راهن بكل أوراقه وخرج خالي الوفاض..
الاثنين / 08 / شوال / 1443 هـ الاثنين 09 مايو 2022 23:09
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@
حقيقة واحدة يتجاهلها الكثيرون في الداخل والخارج اللبناني، مفادها بأن حقبة سعد الحريري السياسية قد انتهت صلاحيتها. الرجل خاض كل رهاناته واستعمل كل أوراقه والنتيجة كانت بائنة. خرج من بيروت خالي الوفاض من التحالفات الداخلية القديمة منها مع قوى 14 آذار، والجديدة مع الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، بعد أن سبق له أن خسر حلفاءه العرب لتكون خاتمة الأحزان مع خسارته الدعم الفرنسي من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي وجد في رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بديلاً يمكن المراهنة عليه.
لم يُجد سعد العمل السياسي، فشل في نسج التحالفات كما فشل تماماً في مواجهة الخصوم. لم يثبت قدرته على القيادة السياسية في اتخاذ القرارات في اللحظة المناسبة، وعلى الشكل المناسب ومع الأشخاص المناسبين، تخلّى عن أعمدة العمل السياسي لوالده، فكان تباعاً قوة طاردة للصقور من الرجال، ومحبطاً للأتباع والمناصرين، وجذاباً فقط للمستفيدين والمتزلفين.
آخر إرهاصات سعد كانت تعليق العمل السياسي، وهو أمر كان يمكن الاستثمار عليه إن نفذه بدقة، إلا أنه تعامل مع هذا التعليق وكأنه لا يريده وغير مقتنع به، فذرف الدمع لحظة الإعلان، وها هو اليوم يمارس المقاطعة للانتخابات ويدعو إليها، المقاطعة للانتخابات هي نفسها المشاركة فيها لجهة ممارسة السياسة، هي عمل سياسي لا يختلف مطلقاً عن الترشح والاقتراع. أفرغ سعد مصطلح تعليق عمله السياسي من مضمونه، فحصد الغُرم من التعليق وبدّد الغُنم، تماماً كما فعل في كل أموره الخاصة منها والعامة، في الثروة والأعمال، وفي السياسة والإرث الكبير الذي ناله برحيل والده.
حقبة سعد السياسية التي بدأت عام 2005 انتهت بشكل رسمي عام 2022، الرجل بإمكانه الاستسلام لهذه النهاية، وبإمكانه إعادة إنتاج نفسه إلا أنه فقد الرغبة والأدوات الصالحة لهذا الإنتاج، فلا يمكن لأحد في الداخل أو الخارج إعادة إنتاجه.
(الأحد) القادم سيتوجه اللبنانيون، وعلى رأسهم سُنّة لبنان، إلى صناديق الاقتراع ليختاروا ممثليهم في البرلمان بعيداً عن هرطقة النسب والأرقام، فهي لن تختلف بشيء عن كل الدورات الانتخابية السابقة. لكن ما ستنتجه هذه الصناديق من نواب جُدد سيدخلون إلى مبنى البرلمان ويجلسون على المقاعد المخصصة للنواب، سيشاركون في تسمية رئيس الحكومة القادم، كما سيصوّتون لرئيس الجمهورية الجديد، سيشرّعون منهم من يوالي ومنهم من يعارض، لكن من المؤكّد أن «سعد» ومن بقي من تياره هم خارج هذه المعادلة بأكملها.
دعا سعد إلى تعليق العمل السياسي من دون رؤية إستراتيجية أو حتى من دون أن يقول لأنصاره ماذا سيفعل غداً؟ وهو اليوم يدفعهم باتجاه مقاطعة الانتخابات، من دون هكذا رؤية أو من دون أن يشرح لناسه ولمن ما زال يراهن عليه وماذا سيحقق من هذه المقاطعة؟ رفع أنصاره شعار المقاطعة لمنع منح «حزب الله» الغطاء السياسي. وهنا السؤال الذي يفرض نفسه ألم يمنح سعد في 2005 هذا الغطاء لحزب الله بالتحالف الرباعي؟ ألم يمنح حزب السلاح الغطاء السياسي بعد انتخابات 2009 تحت شعار «أمدُّ يدي»؟ ألم يمنح هذا الحزب المليشياوي الغطاء السياسي عام 2016 عندما انتخب ميشال عون رئيساً للجمهورية، وفي الانتخابات النيابية عام 2018، عندما قال لأنصاره: «انتخبوا صديقي جبران»؟ أم أن سعد اليوم بدعوته للمقاطعة يقول: «أنا وحدي من أمنح حزب الله الغطاء، وممنوع على غيري فعل ذلك». إنها رغبة في الاستثئار بقرار سُنّة لبنان، وليس البحث عن مصلحة السُنّة ولا عن بلادهم وأرزاقهم.
لم يُجد سعد العمل السياسي، فشل في نسج التحالفات كما فشل تماماً في مواجهة الخصوم. لم يثبت قدرته على القيادة السياسية في اتخاذ القرارات في اللحظة المناسبة، وعلى الشكل المناسب ومع الأشخاص المناسبين، تخلّى عن أعمدة العمل السياسي لوالده، فكان تباعاً قوة طاردة للصقور من الرجال، ومحبطاً للأتباع والمناصرين، وجذاباً فقط للمستفيدين والمتزلفين.
آخر إرهاصات سعد كانت تعليق العمل السياسي، وهو أمر كان يمكن الاستثمار عليه إن نفذه بدقة، إلا أنه تعامل مع هذا التعليق وكأنه لا يريده وغير مقتنع به، فذرف الدمع لحظة الإعلان، وها هو اليوم يمارس المقاطعة للانتخابات ويدعو إليها، المقاطعة للانتخابات هي نفسها المشاركة فيها لجهة ممارسة السياسة، هي عمل سياسي لا يختلف مطلقاً عن الترشح والاقتراع. أفرغ سعد مصطلح تعليق عمله السياسي من مضمونه، فحصد الغُرم من التعليق وبدّد الغُنم، تماماً كما فعل في كل أموره الخاصة منها والعامة، في الثروة والأعمال، وفي السياسة والإرث الكبير الذي ناله برحيل والده.
حقبة سعد السياسية التي بدأت عام 2005 انتهت بشكل رسمي عام 2022، الرجل بإمكانه الاستسلام لهذه النهاية، وبإمكانه إعادة إنتاج نفسه إلا أنه فقد الرغبة والأدوات الصالحة لهذا الإنتاج، فلا يمكن لأحد في الداخل أو الخارج إعادة إنتاجه.
(الأحد) القادم سيتوجه اللبنانيون، وعلى رأسهم سُنّة لبنان، إلى صناديق الاقتراع ليختاروا ممثليهم في البرلمان بعيداً عن هرطقة النسب والأرقام، فهي لن تختلف بشيء عن كل الدورات الانتخابية السابقة. لكن ما ستنتجه هذه الصناديق من نواب جُدد سيدخلون إلى مبنى البرلمان ويجلسون على المقاعد المخصصة للنواب، سيشاركون في تسمية رئيس الحكومة القادم، كما سيصوّتون لرئيس الجمهورية الجديد، سيشرّعون منهم من يوالي ومنهم من يعارض، لكن من المؤكّد أن «سعد» ومن بقي من تياره هم خارج هذه المعادلة بأكملها.
دعا سعد إلى تعليق العمل السياسي من دون رؤية إستراتيجية أو حتى من دون أن يقول لأنصاره ماذا سيفعل غداً؟ وهو اليوم يدفعهم باتجاه مقاطعة الانتخابات، من دون هكذا رؤية أو من دون أن يشرح لناسه ولمن ما زال يراهن عليه وماذا سيحقق من هذه المقاطعة؟ رفع أنصاره شعار المقاطعة لمنع منح «حزب الله» الغطاء السياسي. وهنا السؤال الذي يفرض نفسه ألم يمنح سعد في 2005 هذا الغطاء لحزب الله بالتحالف الرباعي؟ ألم يمنح حزب السلاح الغطاء السياسي بعد انتخابات 2009 تحت شعار «أمدُّ يدي»؟ ألم يمنح هذا الحزب المليشياوي الغطاء السياسي عام 2016 عندما انتخب ميشال عون رئيساً للجمهورية، وفي الانتخابات النيابية عام 2018، عندما قال لأنصاره: «انتخبوا صديقي جبران»؟ أم أن سعد اليوم بدعوته للمقاطعة يقول: «أنا وحدي من أمنح حزب الله الغطاء، وممنوع على غيري فعل ذلك». إنها رغبة في الاستثئار بقرار سُنّة لبنان، وليس البحث عن مصلحة السُنّة ولا عن بلادهم وأرزاقهم.