كتاب ومقالات

هل فشلنا في السياحة الداخلية ؟

عقل العقل

في موسم الإجازات والأعياد يسافر الآلاف من المواطنين والمقيمين لقضاء إجازاتهم القصيرة في دول الجوار وخاصة دول الخليج القريبة وبالذات إلى مملكة البحرين من خلال جسر الملك فهد. الصور المتداولة للزحام على الجسر تدل على أن هناك خللاً ما في مسألة السياحة الداخلية وتهيئة البيئة الجاذبة لقضاء الناس إجازاتهم داخل المملكة من حيث مستوى الفنادق والشقق المفروشة في أغلب مناطق المملكة من حيث الجودة ومستوى الأسعار، إضافة إلى حقوق العميل الذي يقصد تلك الفنادق والمنتجعات، قد تكون بعض دول الخليج لديها هذه الميزة في فنادقها ومنتجعاتها من حيث جودة المستوى والأسعار المعقولة التي تلبي رغبات كل الشرائح، للأسف عندنا تجد أسعار الشقق والفنادق في المواسم تتضاعف بشكل جنوني دون حسيب ورقيب، فالأكيد أن البعض سوف يفضل أن يقضي إجازته في بعض الدول الأوروبية التي قد تتساوى تكلفتها مع الرحلات السياحية داخل المملكة، مثلاً الاستراحات في العاصمة الرياض قبل الإجازة كانت الأسعار نوعاً ما معقولة بعد بدء الإجازة تتضاعف الأسعار بشكل غير معقول، فالمواطن بهذا المبلغ قد يسافر ويغير المكان في دولة خليجية وعربية له ولعائلته بالمبلغ الذي يدفعه لاستراحة في الرياض. في العموم وفي أغلب دول العالم تعتبر السياحة الخارجية نمطاً ثابتاً بين الدول الغربية مثلاً، طبيعة الإنسان هي حب تغيير المكان والناس الذين من حوله والتحرر من ثقافته أو بعض من قيودها عندما يغادر وطنه، وليس معنى هذا العبث والفوضى، ولكنها نمط حياة يحبه ويعشقه الإنسان خارج بيئته المعتادة التي قد تصل إلى مرحلة الجمود والملل، البعض يسافر للثقافة والمعرفة وخوض تجارب جديدة بكل الأشكال في تلك الدول وهذا مستمر وسيظل مستمراً طول الزمن.

لكن الغريب أن تشاهد آلاف السيارات على جسر الملك فهد لمغادرين للبحرين، ويقضون الساعات هناك لإنهاء إجراءات السفر، بل إن البعض عاد للسعودية ولم يواصل رحلة العذاب تلك، التي يعزوها البعض لأسباب كثيرة منها قلة المسارات في الجوازات، التي يفترض أن تعمل في مثل هذه المواسم، لكن بالنسبة لي التساؤل المهم هو لماذا هذا الهجوم والرحيل الجماعي من هنا إلى هناك؟ وما الأسباب الحقيقية التي تدفع البعض للسفر لدولة طقسها الجغرافي قد يكون مماثلاً للمنطقة الشرقية؟

الأكيد أن هناك خللاً في السياسات لدينا في قطاع السياحة ويجب أن تصحح، لا يعقل أن تصرف المليارات في دول مجاورة ويحرم منها الاقتصاد الوطني بسبب ادعاءات خصوصية لا وجود لها على أرض الواقع، فإذا كنا نخطط ونعمل على جذب ملايين السياح الأجانب للداخل وجذب الشركات الأجنبية لتكون مقراتها الإقليمية في مدننا، فالأولى أن نعمل على توفير بيئة اجتماعية ثقافية جاذبة للمواطن والأجنبي تجعله يتمتع بالحياة وجودتها بداخل الوطن.