كتاب ومقالات

مسيرة ومسارات

أريج الجهني

لا يمكن الحديث عن النماء المعرفي بالمملكة دون أن نمر بمسيرة التعليم العطرة والخالدة لقادتنا العظماء الذين آمنوا بالعلم والعمل وأي قراءة متأنية في تاريخ التعليم، خاصة المرحلة الثانوية ١٩٢٧ حتى ٢٠٢٢، سنجد أن التطوير والتحديث لم ولن يتوقف، وهذا انعكاس للعقول الوطنية النيرة والقلوب الحكيمة التي تسعى للنهوض بالفرد والمجتمع. ما بين المعهد العلمي السعودي مرورا بالثانويات التقليدية العلمي والأدبي، ووصولا للمسارات، ترى نقلة وتحولات نوعية جميعها تصب في مصلحة الطالب. ١٤٤٤ العام الدراسي الجديد سيشهد وبشكل رسمي بداية نظام المسارات (المسار العام، مسار علوم الحاسب والهندسة، مسار الصحة والحياة، مسار إدارة الأعمال، المسار الشرعي)، ونستطيع رؤية كيف تتناظر المسارات مع المسارات الدولية والعالمية ليكون الطالب أمام اختيارات تخدمه وتناسبه.

تعليم ثانوي متنوع ومتميز ومعد للحياة ومنافس عالميا هذه هي رؤية النظام، ورؤية تتوافق مع رؤيتنا الوطنية. بلا شك أن هذا النظام سيكرس بمشيئة الله المزيد من الجودة والتنظيم والتركيز. فالتفاعل المستمر مع المستجدات العالمية أمر أساسي تقوده وزارة التعليم وتسعى سعياً حثيثاً لتطوير وتحسين العمليات التعليمية. راعت الوزارة بشكل مباشر الجوانب السلبية في الأنظمة القديمة والمخاطر المتوقعه بالمستقبل إن ظل الحال كما هو عليه، لذا نشاهد جميعاً القرارات الاستثنائية لمعالي وزير التعليم د. حمد آل الشيخ في رفضه للعادي والممكن وتعزيزه للتفوق والتميز والأفضل لتحقيق أقصى درجة ممكنة من العدالة المجتمعية وتخريج الطلبة من المدارس الحكومية بوتيرة معرفية لا تقل عن نظرائهم في المدارس الدولية.

مهارات التعلم والإبداع، مهارات المعلومات والإعلام والتقنية والمهارات الحياتية والمهنية، ثلاث مهارات أساسية تم التركيز عليها ليعمل بها نظام المسيرات لإكسابها لطالب المستقبل، الطالب السعودي اليوم طالب منافس يحتاج لأن يعرف كيف يسوق لنفسه وكيف يفكر ويحلل ويربط. وحتى ينتقل الطلبة بسلاسة من المهم توفير إرشاد أكاديمي متميز ورفع نسبة الشراكة المجتمعية. وهنا تأتي ضرورة التهيئة من قبل الأهالي والمدارس للأبناء من الآن ومن هم في المرحلة المتوسطة، حيث يتم وضع نقاشات وتجارب ليتمكن الطالب من انتقاء المسار ويكمل مسيرته بطمأنينة.

مثقف ومبدع ومبتكر هذا هو المنتج النهائي المتوقع لمخرجات النظام الجديد، والسؤال الآن هل الجامعات استعدت للتطوير الأخير؟ وهل ستكون هناك غربلة وورشة عمل مشتركة لتجنيب الطلبة للتكرار والحشو؟ فلا يعقل أن يتخرج الطالب من مسار الحاسب والهندسة ويجد نفسه لم يقبل في كلية الهندسة!. هذه نقاط تشغل بال الأهالي بل شاهدت السؤال يتكرر حينما يتخرج طالب الثانوي من مسار ما، فما آلية القبول في الجامعات مستقبلاً؟ بلا شك أن الدفعة الأولى ستكون محكاً لفعالية القرار، وعلينا توفير معابر آمنة للطلبة وإجابة تساؤلات الأهالي التي بالغالب تخص الجانب الجامعي.