خلطات تبييض
الخميس / 10 / ذو القعدة / 1443 هـ الخميس 09 يونيو 2022 01:20
أريج الجهني
يحتل طب الجلدية المرتبة الثانية في (الهبد) بعد الطب النفسي، ويليه طب الأسرة، ويعرف الهبد بالإفراط والنهم في التحدث بيقين مطلق عن موضوع من غير المختصين فيه؛ وهي مفردة دارجة في اللهجة السعودية والمصرية أيضاً، وتكثر بين أوساط الشباب، وأصلها هبد يهبد هبداً. بكل حال كمواطنة سعودية تمّت معايرتها لسنوات لا تقل عن عشرين عاماً بـ«أم ركبة سودا» والتنمر عليها محلياً وعالمياً، بل تشبيه الكثير من فتياتنا بالباذنجان والفقع، وتم تشويه (صورة الجسد) بنجاح حتى وجدنا أنفسنا أمام طوفان (خلطة بياض الثلج) وبراكين الكورتيزون والتقشيرات الكيميائية والفيزيائية والوقوع في الكثير من تبعات (انسحاب وعدم أمان نفسي) أو حتى تنمر واكتئاب بسبب تنميطات جسدية وقوالب افتراضية متوارثة.
مع ظهور تطبيقات التواصل الاجتماعي ازداد الوعي قليلاً، خاصة في ظل الحضور المهني للأطباء والطبيبات السعوديات الكرماء في وقتهم وعلمهم، ومساهمتهم العالية في نشر الوعي حول خطورة التعاطي العشوائي للكريمات أو حتى تغيير اللون بالتان أو الإبر، لكن تظل معضلة التشوه النفسي والنظرة المتدنية من قبل بعض الأفراد رجالاً ونساءً، بل أتذكر إلى وقت قريب حض بعض الأمهات عن حسن نية لفتياتهن للحصول على بشرة بيضاء والإسراف في المنتجات. مهم أن نقف هنا ونعيد قراءة المشهد وأبعاده، خاصة أنها تركة ثقيلة والحقيقة أنني كنت أتصور أن هذه الممارسات تقلصت، لكن تفاجأت بوجود معرفات خاصة في سناب شات تحمل اسم العنوان (خلطات تبييض)!.
بل بعض الحسابات تروج لمنتجات معبأة يدوياً، واستغرب من جرأتهم خاصة في ظل يقظة وزارة التجارة من جهة، وملاحقتها لهذه الممارسات غير المهنية، ومن جهة جرأتهم على تجاوز معايير هيئة الغذاء والدواء واستمرارهم في تكريس هذا العفن الثقافي الذي كان لسنوات مصدر رزق سواء للحمامات المغربية التي دمرت أسطح جلود النساء أو حتى اعتبار هذه التصبغات سبباً كافياً لإهانة مشاعرهن وهجرهن وحرمانهن من حقوقهن والذهاب لعرقيات لديها ذات المشاكل لكنها تبرع في تسويق نفسها بالثقة بالنفس والغنج والبهرجة التي لو مارستها أي فتاة سعودية لأصبحت «ترند» واتهمت في شرفها وأخلاقها.
نعم هي عقدة، وتراكمات ودورنا اليوم كأمهات بالدرجة الأولى وأصحاب رأي أن نمنع أي خطابات سلبية ضد أي لون وأي مظهر، نريد لبناتنا أن يكبرن في بيئة صحية تهتم بعقولهن ونشاطهن وفرحتهن بعيداً عن التسليع الرخيص أو مقاييس جسدية معينة، بل الرعب الجديد هو هوس الفلاتر وقص الأنف ونشر هذه التجارب غير الإنسانية التي تحرض العقل اللاواعي للصغيرات لعدم الرضا عن أنوفهن التي خلقت لأن يتنفسن وأن يعلونها عالياً ولا ينظرن لسفاسف الأمور. نعم سأكون صريحة وأقول إن الفتيات اليوم بحاجة للثقة وللوعي والدعم، وواجبنا جميعاً أن نستوعب خطورة الوضع؛ كي لا تجد الفتاه نفسها ضحية للحروق أو القلق والرهاب.
أخيراً فإن التفلسف في الشؤون النفسية والتجميلية دون علم ثقافة بالية، بل لا يليق أن نمررها ونحن لدينا قامات وعقول من خيرة الحكماء والمختصين، المملكة اليوم محور الحراك العلمي والعملي، والتخصصية مسألة لا تتقبل قسمة على اثنين. والله الموفق.
مع ظهور تطبيقات التواصل الاجتماعي ازداد الوعي قليلاً، خاصة في ظل الحضور المهني للأطباء والطبيبات السعوديات الكرماء في وقتهم وعلمهم، ومساهمتهم العالية في نشر الوعي حول خطورة التعاطي العشوائي للكريمات أو حتى تغيير اللون بالتان أو الإبر، لكن تظل معضلة التشوه النفسي والنظرة المتدنية من قبل بعض الأفراد رجالاً ونساءً، بل أتذكر إلى وقت قريب حض بعض الأمهات عن حسن نية لفتياتهن للحصول على بشرة بيضاء والإسراف في المنتجات. مهم أن نقف هنا ونعيد قراءة المشهد وأبعاده، خاصة أنها تركة ثقيلة والحقيقة أنني كنت أتصور أن هذه الممارسات تقلصت، لكن تفاجأت بوجود معرفات خاصة في سناب شات تحمل اسم العنوان (خلطات تبييض)!.
بل بعض الحسابات تروج لمنتجات معبأة يدوياً، واستغرب من جرأتهم خاصة في ظل يقظة وزارة التجارة من جهة، وملاحقتها لهذه الممارسات غير المهنية، ومن جهة جرأتهم على تجاوز معايير هيئة الغذاء والدواء واستمرارهم في تكريس هذا العفن الثقافي الذي كان لسنوات مصدر رزق سواء للحمامات المغربية التي دمرت أسطح جلود النساء أو حتى اعتبار هذه التصبغات سبباً كافياً لإهانة مشاعرهن وهجرهن وحرمانهن من حقوقهن والذهاب لعرقيات لديها ذات المشاكل لكنها تبرع في تسويق نفسها بالثقة بالنفس والغنج والبهرجة التي لو مارستها أي فتاة سعودية لأصبحت «ترند» واتهمت في شرفها وأخلاقها.
نعم هي عقدة، وتراكمات ودورنا اليوم كأمهات بالدرجة الأولى وأصحاب رأي أن نمنع أي خطابات سلبية ضد أي لون وأي مظهر، نريد لبناتنا أن يكبرن في بيئة صحية تهتم بعقولهن ونشاطهن وفرحتهن بعيداً عن التسليع الرخيص أو مقاييس جسدية معينة، بل الرعب الجديد هو هوس الفلاتر وقص الأنف ونشر هذه التجارب غير الإنسانية التي تحرض العقل اللاواعي للصغيرات لعدم الرضا عن أنوفهن التي خلقت لأن يتنفسن وأن يعلونها عالياً ولا ينظرن لسفاسف الأمور. نعم سأكون صريحة وأقول إن الفتيات اليوم بحاجة للثقة وللوعي والدعم، وواجبنا جميعاً أن نستوعب خطورة الوضع؛ كي لا تجد الفتاه نفسها ضحية للحروق أو القلق والرهاب.
أخيراً فإن التفلسف في الشؤون النفسية والتجميلية دون علم ثقافة بالية، بل لا يليق أن نمررها ونحن لدينا قامات وعقول من خيرة الحكماء والمختصين، المملكة اليوم محور الحراك العلمي والعملي، والتخصصية مسألة لا تتقبل قسمة على اثنين. والله الموفق.