الهوية الوطنية.. من نحن ؟
الأحد / 13 / ذو القعدة / 1443 هـ الاحد 12 يونيو 2022 01:39
وفاء الرشيد
لماذا الهوية مهمة بالأوطان؟ وهل يمكن أن تبنى حضارة لشعب بلا هوية وبلا استرجاع لقدسية المراجع؟ هل يمكن أن نبني تحولاً بلا برنامج وطني تصاغ به الهوية لتصبح مادة معاشة ووعياً لمجتمع حقيقي؟ وهل سنبني أمة بهوية مرتبكة هشة؟
المؤسسون منذ الإمام محمد بن سعود والملك عبدالعزيز وخلفائهما من قادة الدولة السعودية الحديثة، بدأوا في تأسيس هذه الهوية الوطنية على محددات، أهمها كانت برأيي ثلاثة أساسية: وحدة الحيز الجغرافي والمجتمعي في تنوعه وتكامله، ومقومات الثقافة الجامعة في تركيبتها اللغوية والمعرفية والتراثية، وفكرة المساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز أو إقصاء.
ولكن أين نحن اليوم من هذه الأطر العامة؟ وهل اختلفنا في أطرنا عن الدول العربية المجاورة؟
قام مشروع الدولة في السعودية على أرضية جغرافية وبشرية صلبة، تعبر عنها الصلات العضوية الكثيفة بين بلاد الحجاز وإقليم نجد في امتداداتهما في الجزيرة العربية والخليج. ولا شك أن عبقرية البناء السياسي لمؤسسي الدولة تكمن في إدراك حقيقة وحدة المصير والترابط بين هذه المكونات المتداخلة، التي تشكل عناصر لا انفصام بينها ولا سبيل للنجاح دون وحدتها.. السني أو الشيعي، الحجاز أو نجد، الشمال أو الجنوب، الذكر أو الأنثى.. الأمير أو الغفير كلنا نقف سواء أمام الدولة وقانونها.
فوحدة الانتماء الديني والثقافي تشكل اليوم قاعدة صلبة للانتماء الوطني بيننا ولا سبيل للمغامرة فيها، فلا يمكن للدولة الوطنية أن تقوم إلا على أساس الأمة المنسجمة حضارياً وثقافياً بلا مجاملات ومشغلات، فالقاعدة الثقافية المشتركة بالسعودية هي اليوم مرتكز الوعي الوطني؛ لأنها تعيش حالة متحررة وناضجة دون أي استغلال إيديولوجي وطبقي.. فاليوم نحن نقف بعكس ما شاهدناه ونشاهده يحدث بالأنظمة القومية العروبية المجاورة التي أضعفت الولاء للدولة باسم الأمة الموحدة.
فبعد شيوع نظريته الشهيرة في «نهاية التاريخ» التي تعني انتصار الليبرالية الديمقراطية الغربية في كل مكان، ها هو المفكر فوكوياما في كتابه الأخير «الهوية: مطلب الكرامة وسياسات الاستياء»
Identity: The Demand for Dignity and the Politics of Resentment، يعترف بأن أفكار المساواة الفردية لا يمكن أن تفضي وحدها إلى الوعي بالهوية، بل على العكس فقد تكون المساواة المطلقة هادمة لخصوصية الشعوب التي تبني هويتهم في مقوماتها الثقافية والمجتمعية المشتركة التي يؤدي إنكارها وتجاهلها إلى تقويض الكيان الوطني والأمة الواحدة ومن ثم مسخ الهوية.
ففي عالمنا العربي، ظهر مفهومان متصادمان للهوية، يستند أحدهما إلى السمات القومية والحضارية الجامعة ويبني عليها مقاربة سياسية للأمة في مواجهة فكرة الخصوصية الوطنية، في حين يذهب المفهوم الآخر إلى معاييرالمواطنة ضمن الولاء للدولة الضامنة للرابطة المدنية الشاملة.
الاتجاه الأول، هو الذي سيطر على الإيديولوجيا القومية العربية التي حاربت الدولة الوطنية من حيث كونها دولة قطرية تقوم على التجزئة، والاتجاه الثاني، هو الذي اعتمدته العديد من الدول الأخرى التي ترى في الرصيد القومي والحضاري أرضية انتماء حقيقي لكنه ليس إطاراً للمواطنة بالمفهوم السياسي الحديث.
مشروع الإصلاح الجوهري الذي تعيشه بلادنا منذ سنوات برؤية 2030، ينطلق بوضوح من هدف تدعيم الهوية
الوطنية، وتوطيد ولاء المواطن للدولة، والهوية رحلة وعي مجتمعي حقيقي لا يمكن تحقيقها بعنوان بلا خطة متكاملة تبنيها لنبني معاً هذا الوطن.
المؤسسون منذ الإمام محمد بن سعود والملك عبدالعزيز وخلفائهما من قادة الدولة السعودية الحديثة، بدأوا في تأسيس هذه الهوية الوطنية على محددات، أهمها كانت برأيي ثلاثة أساسية: وحدة الحيز الجغرافي والمجتمعي في تنوعه وتكامله، ومقومات الثقافة الجامعة في تركيبتها اللغوية والمعرفية والتراثية، وفكرة المساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز أو إقصاء.
ولكن أين نحن اليوم من هذه الأطر العامة؟ وهل اختلفنا في أطرنا عن الدول العربية المجاورة؟
قام مشروع الدولة في السعودية على أرضية جغرافية وبشرية صلبة، تعبر عنها الصلات العضوية الكثيفة بين بلاد الحجاز وإقليم نجد في امتداداتهما في الجزيرة العربية والخليج. ولا شك أن عبقرية البناء السياسي لمؤسسي الدولة تكمن في إدراك حقيقة وحدة المصير والترابط بين هذه المكونات المتداخلة، التي تشكل عناصر لا انفصام بينها ولا سبيل للنجاح دون وحدتها.. السني أو الشيعي، الحجاز أو نجد، الشمال أو الجنوب، الذكر أو الأنثى.. الأمير أو الغفير كلنا نقف سواء أمام الدولة وقانونها.
فوحدة الانتماء الديني والثقافي تشكل اليوم قاعدة صلبة للانتماء الوطني بيننا ولا سبيل للمغامرة فيها، فلا يمكن للدولة الوطنية أن تقوم إلا على أساس الأمة المنسجمة حضارياً وثقافياً بلا مجاملات ومشغلات، فالقاعدة الثقافية المشتركة بالسعودية هي اليوم مرتكز الوعي الوطني؛ لأنها تعيش حالة متحررة وناضجة دون أي استغلال إيديولوجي وطبقي.. فاليوم نحن نقف بعكس ما شاهدناه ونشاهده يحدث بالأنظمة القومية العروبية المجاورة التي أضعفت الولاء للدولة باسم الأمة الموحدة.
فبعد شيوع نظريته الشهيرة في «نهاية التاريخ» التي تعني انتصار الليبرالية الديمقراطية الغربية في كل مكان، ها هو المفكر فوكوياما في كتابه الأخير «الهوية: مطلب الكرامة وسياسات الاستياء»
Identity: The Demand for Dignity and the Politics of Resentment، يعترف بأن أفكار المساواة الفردية لا يمكن أن تفضي وحدها إلى الوعي بالهوية، بل على العكس فقد تكون المساواة المطلقة هادمة لخصوصية الشعوب التي تبني هويتهم في مقوماتها الثقافية والمجتمعية المشتركة التي يؤدي إنكارها وتجاهلها إلى تقويض الكيان الوطني والأمة الواحدة ومن ثم مسخ الهوية.
ففي عالمنا العربي، ظهر مفهومان متصادمان للهوية، يستند أحدهما إلى السمات القومية والحضارية الجامعة ويبني عليها مقاربة سياسية للأمة في مواجهة فكرة الخصوصية الوطنية، في حين يذهب المفهوم الآخر إلى معاييرالمواطنة ضمن الولاء للدولة الضامنة للرابطة المدنية الشاملة.
الاتجاه الأول، هو الذي سيطر على الإيديولوجيا القومية العربية التي حاربت الدولة الوطنية من حيث كونها دولة قطرية تقوم على التجزئة، والاتجاه الثاني، هو الذي اعتمدته العديد من الدول الأخرى التي ترى في الرصيد القومي والحضاري أرضية انتماء حقيقي لكنه ليس إطاراً للمواطنة بالمفهوم السياسي الحديث.
مشروع الإصلاح الجوهري الذي تعيشه بلادنا منذ سنوات برؤية 2030، ينطلق بوضوح من هدف تدعيم الهوية
الوطنية، وتوطيد ولاء المواطن للدولة، والهوية رحلة وعي مجتمعي حقيقي لا يمكن تحقيقها بعنوان بلا خطة متكاملة تبنيها لنبني معاً هذا الوطن.