سلطات أم وظائف ؟
الثلاثاء / 29 / ذو القعدة / 1443 هـ الثلاثاء 28 يونيو 2022 00:12
طلال صالح بنان
الديمقراطية من الناحية النظرية والممارسة هي: توكيد السيادة للشعب. ولصعوبة ممارسة الشعب لسلطاته، بصورة مباشرة، عَكس ما كانت عليه تجربة دولة المدينة في اليونان القديمة، تطورت ما تسمى بالديمقراطية النيابية. في الديمقراطية النيابية يختار الشعب رموزه السياسية، ليتقلدوا المناصب السياسية الرفيعة، من خلال مؤسسات رسمية، تتقاسم بينها موارد السلطة (الحكم)، بصورة مؤقتة.. وتحت رقابة شعبية مشددة.. ولفترة زمنية محددة دستورياً، لتبقى السيادة، طوال الوقت، في يدِ الشعب.
وحتى تتأكد السيادة المطلقة للإرادة العامة، تقوم الممارسة الديمقراطية (النيابية) على معادلة الفصل بين السلطات، فلا تتغول سلطة منتخبة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على أي سلطة منتخبة أخرى، دعك من تصور سيطرة سلطة بعينها، من السلطات الرسمية الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) على كامل السلطة السياسية، ومن ثَمّ، التفرد بالحكم، وربما الجنوح للاستبداد.
فنواب الشعب، في أيٍ من السلطات الثلاث، يمارسون الحكم ويتمتعون بحصانة وامتيازات مناصبهم السيادية، طالما أنهم يمثلون إرادة الشعب الحرة، وتزول عنهم هذه السيادة وتُسحب منهم امتيازات وحصانات السلطة التي يتقلدونها، عندما يقرر الشعب تغييرهم واستبدالهم بنخب سياسية جديدة، عن طريق آلية الانتخاب.
إذن: الرموز المنتخبة، في الممارسة الديمقراطية، هم في حقيقةِ الأمر يمارسون سلطات سيادية، موكلة إليهم من قبل صاحب السيادة الأول (الشعب)، وليسوا مجرد موظفين عموميين يؤدون وظائفهم، حتى ولو جرى تعيينهم من قبل رموز سيادية منتخبة. رموز السلطات الرسمية المنتخبة مسؤولون أمام الشعب ويعبرون عن إرادته العامة، لذا هم يتمتعون بحصانات وامتيازات تتيح لهم مرونة عملية لأداء مسؤولياتهم السيادية، لحمايتهم قانونياً وسياسياً من السلطات الأخرى، حتى يتمكنوا من القيام بمهماتهم السيادية الموكلة إليهم، توكيداً لسيادة الشعب.
أي محاولة للنظر إلى رموز السلطة المنتخبين، وكأنهم موظفون عموميون، فيه إخلال دستوري وسياسي وأخلاقي كبير، لا يمت بصلة للممارسة الديمقراطية ويُعَدُ انحرافاً عن قيم الديمقراطية، بهدف شرعنة الاستبداد واستغلال آلية الممارسة الديمقراطية، لتبرير الحكم خارج الإرادة العامة، وتفرد سلطة بعينها بالحكم، حتى لو كانت منتخبة.
النائب في البرلمان يمارس سلطة التشريع والرقابة.. ورأس الدولة أو رئيس الحكومة يمارس السلطة التنفيذية، والقضاةُ بكافة درجاتهم، عند اختيارهم من السلطات السيادية المختصة، يمارسون القضاء، طوال حياتهم، طالما أنهم قادرون على مواصلة عملهم، دون أية وصاية، حتى من قِبَلِ سلطة منتخبة. صيغة الفصل بين السلطات هذه تنتج، في النهاية، حكومة ضعيفة، في مواجهة حريات الناس وحقوقهم الطبيعية والمكتسبة، تنحصر ممارستها للحكم في ما انتخبت من أجله تحقيقاً لغايةِ قيام الكيان السياسي نفسه (حماية حقوق وحريات الناس)، توكيداً لسيادة الشعب المطلقة.
في بعض المجتمعات، التي تزعم بأنها ديمقراطية نراها تأخذ من الديمقراطية شكلياتها وطقوسها السطحية، فقط، بينما تتنكر لمضمونها وجوهرها وحقيقة منطقها. في مثل تلك المجتمعات كثيراً ما يُثار لغطٌ سفسطائيٌ يُتلاعب فيه بالمصطلحات والمفاهيم الهدف منه شرعنة الاستبداد تحت شعار ديمقراطية زائفة، تدعي ظلماً توكيد سيادة الشعب.
باختصار: نوابُ الشعب، الذين يمارسون السيادة بالوكالةِ عنه ليسوا موظفين عموميين، هم رموز منتخبة يمارسون سلطات سيادية رفيعة، نيابة عن صاحب السيادة الأول (الشعب). بينما الموظفون العموميون، هم مسؤولون تنفيذيون، لا يمارسون سلطات، بل يضطلعون بمهمات مهما بلغت رفعتها، هم في النهاية خاضعون لسلطات نواب الشعب المنتخبين. هذا هو الفرق الرئيس بين الديمقراطية والبيروقراطية.
الديمقراطية تُنْتِجُ سلطات، بينما البيروقراطية تتولد منها وظائف.
وحتى تتأكد السيادة المطلقة للإرادة العامة، تقوم الممارسة الديمقراطية (النيابية) على معادلة الفصل بين السلطات، فلا تتغول سلطة منتخبة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على أي سلطة منتخبة أخرى، دعك من تصور سيطرة سلطة بعينها، من السلطات الرسمية الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) على كامل السلطة السياسية، ومن ثَمّ، التفرد بالحكم، وربما الجنوح للاستبداد.
فنواب الشعب، في أيٍ من السلطات الثلاث، يمارسون الحكم ويتمتعون بحصانة وامتيازات مناصبهم السيادية، طالما أنهم يمثلون إرادة الشعب الحرة، وتزول عنهم هذه السيادة وتُسحب منهم امتيازات وحصانات السلطة التي يتقلدونها، عندما يقرر الشعب تغييرهم واستبدالهم بنخب سياسية جديدة، عن طريق آلية الانتخاب.
إذن: الرموز المنتخبة، في الممارسة الديمقراطية، هم في حقيقةِ الأمر يمارسون سلطات سيادية، موكلة إليهم من قبل صاحب السيادة الأول (الشعب)، وليسوا مجرد موظفين عموميين يؤدون وظائفهم، حتى ولو جرى تعيينهم من قبل رموز سيادية منتخبة. رموز السلطات الرسمية المنتخبة مسؤولون أمام الشعب ويعبرون عن إرادته العامة، لذا هم يتمتعون بحصانات وامتيازات تتيح لهم مرونة عملية لأداء مسؤولياتهم السيادية، لحمايتهم قانونياً وسياسياً من السلطات الأخرى، حتى يتمكنوا من القيام بمهماتهم السيادية الموكلة إليهم، توكيداً لسيادة الشعب.
أي محاولة للنظر إلى رموز السلطة المنتخبين، وكأنهم موظفون عموميون، فيه إخلال دستوري وسياسي وأخلاقي كبير، لا يمت بصلة للممارسة الديمقراطية ويُعَدُ انحرافاً عن قيم الديمقراطية، بهدف شرعنة الاستبداد واستغلال آلية الممارسة الديمقراطية، لتبرير الحكم خارج الإرادة العامة، وتفرد سلطة بعينها بالحكم، حتى لو كانت منتخبة.
النائب في البرلمان يمارس سلطة التشريع والرقابة.. ورأس الدولة أو رئيس الحكومة يمارس السلطة التنفيذية، والقضاةُ بكافة درجاتهم، عند اختيارهم من السلطات السيادية المختصة، يمارسون القضاء، طوال حياتهم، طالما أنهم قادرون على مواصلة عملهم، دون أية وصاية، حتى من قِبَلِ سلطة منتخبة. صيغة الفصل بين السلطات هذه تنتج، في النهاية، حكومة ضعيفة، في مواجهة حريات الناس وحقوقهم الطبيعية والمكتسبة، تنحصر ممارستها للحكم في ما انتخبت من أجله تحقيقاً لغايةِ قيام الكيان السياسي نفسه (حماية حقوق وحريات الناس)، توكيداً لسيادة الشعب المطلقة.
في بعض المجتمعات، التي تزعم بأنها ديمقراطية نراها تأخذ من الديمقراطية شكلياتها وطقوسها السطحية، فقط، بينما تتنكر لمضمونها وجوهرها وحقيقة منطقها. في مثل تلك المجتمعات كثيراً ما يُثار لغطٌ سفسطائيٌ يُتلاعب فيه بالمصطلحات والمفاهيم الهدف منه شرعنة الاستبداد تحت شعار ديمقراطية زائفة، تدعي ظلماً توكيد سيادة الشعب.
باختصار: نوابُ الشعب، الذين يمارسون السيادة بالوكالةِ عنه ليسوا موظفين عموميين، هم رموز منتخبة يمارسون سلطات سيادية رفيعة، نيابة عن صاحب السيادة الأول (الشعب). بينما الموظفون العموميون، هم مسؤولون تنفيذيون، لا يمارسون سلطات، بل يضطلعون بمهمات مهما بلغت رفعتها، هم في النهاية خاضعون لسلطات نواب الشعب المنتخبين. هذا هو الفرق الرئيس بين الديمقراطية والبيروقراطية.
الديمقراطية تُنْتِجُ سلطات، بينما البيروقراطية تتولد منها وظائف.