كتاب ومقالات

المفارقة الإنتاجية

مي خالد

ماذا لو كان بالإمكان أن تقوم بعمل أسبوع كامل في أقل من ساعة؟!

أو ماذا لو كان بالإمكان أن تنتج خمسين ضعفاً أكثر مما ينتج أي موظف آخر؟!

ألن تحظى بوقت فراغ أكبر وتزيد ثقتك بنفسك وثقة العاملين معك.

هذا هو الحلم في كل المجتمعات لأنه وعبر التاريخ

إذا انخفضت الإنتاجية لفترة طويلة في أي مجتمع، قامت الثورات. وإذا ارتفعت الإنتاجية، فإن النظام يبقى لأن العمال يتمتعون بدخل أعلى ووقت فراغ أطول وبالتالي حياة أسعد.

يعتقد بيتر دراكر، وهو كاتب اقتصادي أمريكي، أنه لو لم تحدث ثورة الإنتاجية لربما سقطت الرأسمالية في أيدي الشيوعية خلال فترة الكساد الكبير. وهذه مسألة تاريخية لا يمكنني التصديق عليها أو تكذيبها لكنها أثارت انتباهي.

ومن المنعطفات التاريخية أيضاً ويمكننا تصورها الآن بسهولة وهي أن شخصاً يجلس أمام كمبيوتره المحمول يستطيع أن ينتج أكثر بكثير من مكتب مليء بالموظفين في ستينات القرن الماضي.

لكن كيف تحدث واحدة من أهم التحولات في التاريخ ولا نرى نتائج كبيرة؟

تعرف هذه الظاهرة المدهشة بمفارقة الإنتاجية

كانت أهم مساهمة، وفريدة من نوعها حقاً، للإدارة في أواخر القرن العشرين هي زيادة تعادل خمسين ضعفاً في إنتاجية العامل اليدوي في التصنيع، ومع ذلك يجب ألا ننخدع فالتطور التكنولوجي لا يعني بالضرورة زيادة في الإنتاجية. بل على العكس من ذلك أحياناً، يحدث هناك انخفاض في الإنتاجية، حيث تصبح الأجهزة أسرع وأسرع، وهنا يأتي دور «مفارقة الإنتاجية».

أظهر استطلاع أجرته ميكروسوفت أن التكنولوجيا الرقمية الجديدة في ظل ظروف معينة قد تؤدي إلى ركود أو خفض الإنتاجية. حضر الاستطلاع 20.000 موظف في الاتحاد الأوروبي.

ولقد كشف هذا الاستطلاع عن العديد من المواقف التي يتشتت فيها انتباه الموظفين. أحدها هو التدفق المستمر لرسائل البريد الإلكتروني (خاصة الإعلانات)، ومقاطع الفيديو المضحكة. يمكن أن تحدث الإنتاجية المنخفضة أيضاً في الحالات التي لا يتم فيها تدريب الموظفين على استخدام التكنولوجيا الجديدة بشكل فعال. وهنا تحدث المفارقة.