وزير الخارجية: «قمة جدة للأمن والتنمية» لم تبحث التعاون العسكري مع إسرائيل بتاتاً
أكد أن يد السعودية ممدودة لإيران.. ولا وجود لما يسمى «الناتو العربي»
السبت / 17 / ذو الحجة / 1443 هـ السبت 16 يوليو 2022 18:04
يوسف عبدالله (جدة) Yosef_abdullah@
أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، أن قمة جدة للأمن والتنمية، لم يتم يُطرح فيها بتاتا أي نوع من التعاون العسكري أو التقني مع إسرائيل، كما أنه لم يتم الحديث عما يسمى «الناتو العربي» ولا يوجد شيء بهذا الاسم وهو أمر غير مطروح.
وقال وزير الخارجية في مؤتمر صحفي في ختام قمة جدة للأمن والتنمية، إن السعودية السعودية طرحت منذ 5 أعوام فكرة تكوين منظومة دفاع عربي مشترك لرفع مستوى التنسيق العربي في ما يتعلق بالأمن والدفاع، إلا أن هذا الأمر لم يكن مكان بحث في القمة، كما أن من الأولويات لدى السعودية تطوير التنسيق العسكري والدفاع العربي المشترك ورفعه إلى مستوى أعلى مما هو قائم الآن.
وشدد وزير الخارجية على أن القمة تضمنت عددا من المخرجات التي من المؤمل أن يكون لها انعكاس إيجابي كبير على إرساء الأمن ودعم التنمية في المنطقة، مؤكدا أن يد السعودية مازالت ممدودة إلى إيران، وقال: «حريصون على إيجاد مسار للوصول إلى علاقات طبيعية معها وهذا يرتبط بإيجاد تفاهمات تعالج مصادر القلق لدى السعودية ودول المنطقة في ما يتعلق ببعض الأنشطة الإيرانية».
وأضاف: «المحادثات التي تمت مع إيران حتى الآن إيجابية.. لكنها لم تصل إلى النتائج المرجوة بعد، وكان للعراق دور مهم وأساسي في دفعها إلى الأمام بشكل يجعلنا نستطيع أن نستمر في المحادثات، ونأمل أن نشهد بعض التطورات الإيجابية في المحادثات مع إيران مستقبلا.. ونحن في السعودية ملتزمون بالبحث عن تفاهمات مناسبة ونتطلع إلى أن تكون إيران بنفس الروح.. ونتفاءل بذلك».
وأفاد وزير الخارجية بأن العراق منخرط في تيسير الحوار القائم بين السعودية وإيران، ولم يكن في ما يتعلق بـ «قمة جدة للأمن والتنمية» أي رسائل تم تحميلها رئيس الوزراء العراقي إلى إيران أو حملها الكاظمي إلى القمة.
وأشار إلى أن إنتاج النفط بالتحديد لم تتم مناقشته في القمة، ولم يكن موضوعا، و«أوبك+» أفادت أخيرا بأنها مستمرة في تقييم أوضاع السوق وستعمل كل ما هو ضروري لتحقيق التوازن في الأسواق.
وأكد أن المنطقة نضجت، وهذا يعني أننا طورنا علاقات إستراتيجية مع عدة شركاء، والولايات المتحدة تبقى الشريك الإستراتيجي الأساسي، وقمة جدة للأمن والتنمية أوضحت بشكل جلي قيمة هذه الشراكة ليس فقط بين السعودية والولايات المتحدة بل بين دول المنطقة والولايات المتحدة، وهذه الشراكة قدمت فوائد جمة ونتائج كبيرة لدول المنطقة والدول خارجها، ولكن هذا لا يعني أننا لسنا قادرين على عقد شراكات وعلاقات قوية مع شركاء آخرين حول العالم.
وشدد على أن الشراكة مع أمريكا قديمة وقائمة ومستمرة، وشواهد استمرار الشراكة وتنميتها حاضرة، والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها أمس لم تأت في يوم وليلة، بل تم العمل عليها منذ أشهر وبتعاون وتنسيق مع الولايات المتحدة، وهذه الشراكة قدمت للبلدين مصالح وفوائد كبرى، والسعودية بأهميتها في المنطقة ودورها في مجموعة العشرين وأهميتها في المنظومة الاقتصادية العالمية لا يوجد لاعب فاعل إلا ويحتاج التعامل والعمل معها، وكان هذا قائما مع الإدارة الأمريكية الحالية والإدارات السابقة، فالعلاقة مع أمريكا مستمرة ومطّردة، ومجالات التنسيق الإستراتيجية قائمة، ونتطلع لأن نبني على الـ80 عاما الماضية إلى 80 عاما أخرى من التعاون المستمر معها.
وقال وزير الخارجية: لا يوجد أي نقاش مع دول الخليج حول التحالف الدفاعي بين دول مجلس التعاون وإسرائيل، والسعودية لم تكن ضمن أي من تلك المناقشات، ولو تمت لكنت علمت بذلك، أما في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي فالمسار المفضل هو الحوار والحل الدبلوماسي، وبالنسبة لنا هذا الحل الوحيد، والأمر يعود إلى إيران لتقرر ما إذا كانت ستختار المسار الدبلوماسي أم لا، ونتمنى أن تختار ذلك، وحسب فهمنا هناك اتفاق على الطاولة ونشعر أنه عاجز ببعض فقراته، وهذا الاتفاق مطروح على الطاولة بين الأطراف، ونحن لسنا طرفا فيه، ويمكن أن يُستخدم للبناء عليه لمعالجة المسائل الأخرى في ما يخص برنامج إيران النووي وتهديداته ونشاطاتها الأخرى، ومستمرون في دعم الحوار والدبلوماسية لمعالجة برنامج إيران النووي.
وأشار إلى أن السعودية تؤمن بقوة في منظومة العمل الدولي والعمل المتعدد، وتدعم استمرار التوجه لحل كافة النزاعات والخلافات من خلال المنظومات القائمة.
وحول تصريح الأمير محمد بن سلمان بأن السعودية زادت مستوى الإنتاج إلى 13 مليون برميل يوميا، قال: ما ذكره ولي العهد هو الطاقة الإنتاجية القصوى التي ستصل إليها السعودية، وولي العهد أشار إلى أهمية أن يكون هناك استثمار مستمر في توفر مصادر الطاقة الأحفورية ريثما نصل إلى مصادر كافية من الطاقة المتجددة في المستقبل لنصل إلى تخفيف الاعتماد على الطاقة الأحفورية.
وتابع الأمير فيصل بن فرحان: نحتاج نهجا متوازنا في تطوير منظومة الطاقة العالمية للوصول إلى الحياد الصفري، فالتغير المناخي يؤثر علينا ويشكل تهديدا على اقتصاداتنا ومجتمعاتنا، لكن لا نستطيع أن نضحي بالنمو الاقتصادي للدول، خصوصا الدول النامية التي تعتمد اقتصادياتها على النفط، فكثير من الدول الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية والآسيوية لا تستطيع التحول السريع إلى الطاقة المتجددة، ومسارها التنموي يتطلب الحصول على طاقة أحفورية بأسعار مقبولة، ولن يكون هذا متاحا إذا لم نستمر في المديين القصير والمتوسط بالاستثمار في مصادر الطاقة الأحفورية، وفي نفس الوقت تطوير آليات الاستفادة من مصادر الطاقة الأحفورية بطرق نظيفة تخفف العبء على الكوكب والبيئة، لكن إذا لم نستثمر بذلك الآن سنرى ارتفاعا كبيرا مستقبلا في أسعار الطاقة، لأنه لن تكون هناك طاقة كافية متوفرة.
واستطرد: المملكة تستطيع إنتاج 13 مليون برميل يوميا، ولكن بعد عدة سنوات لن يكون هذا كافيا لأنه لن تكون هناك طاقة أحفورية كافية، ولن تكون هناك أيضا طاقة متجددة كافية، وهذا سيترتب عليه تضخم كبير وأزمات اقتصادية يعود أثره بالمقام الأول على الدول الأقل نموا، وهذه كانت رسالة السعودية على لسان ولي العهد بأن المملكة تعمل ما تستطيع وتتصرف بمسؤولية، وتستثمر بشكل كبير في ظل رؤية 2030 في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر ووسائل نقل الطاقة المتجددة، فالمملكة تعمل ما عليها، وكان هذا نداء من الأمير محمد بن سلمان بأن على العالم أن يعمل على ذلك، فهناك سياسات متبعة من بعض الدول تحد من الاستثمار في الطاقة الأحفورية بل تضغط على من يوفر لها رؤوس الأموال، وهذا يدق ناقوس الخطر بأنه إذا استمرت هذه السياسات فقد نصل في وقت ما إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة، لأن السعة الاحتياطية لن تكون متوفرة، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي نخشاه، ونأمل أن لا نصل إلى هذه المرحلة ولكن لا بد أن نحذّر منها.
يظهر جليا نضوج منظومة العمل العربي المشترك في هذه القمة، الدول العربية أصبحت الآن تتعامل مع ملفاتها وتضع أجندتها بنفسها، وتحاور الجميع من هذا المنطلق، وكلمات القادة أوضحت أننا نعرف ما نريد وكيف نحققه ولدينا طموحات كبيرة، وسمعنا هذا النهج في كلمات القادة في القمة، بأننا مسؤولون لتوفير مسارات الازدهار لمجتمعاتنا وأن لا ننتظر أحدا ليحققه لنا، ونحاور العالم على هذا الأساس، فالدول العربية قامت بمبادرات استشعارا منها بأن مستقبلها في يدها، وهذا أهم ما أبرزته القمة وهو نضوج دولنا ووصولها إلى مرحلة ليس فقط وضع أجندة المنطقة ولكن المساهمة في وضع الأجندة العالمية حفاظا على مصالحها ومصالح شعوبها.
وأكد وزير الخارجية أنه لا علاقة بإعلان السعودية السماح بفتح أجوائها لجميع الناقلات الجوية وربط هذه الخطوة بإنشاء علاقات دبلوماسية مع أي دولة، مشددا على أن هذا الأمر ليس له أي علاقة بالعلاقات الدبلوماسية، وقال: «هذا القرار اتخذناه وفقا لالتزاماتنا وفق اتفاقية شيكاغو ضمن مصلحة توفير التواصل والاتصال والربط بين دول العالم، ونأمل أن يسهم ذلك في تسهيل حياة المسافرين، ولكن هذا القرار لا يمهد بأي شكل الأشكال لأي خطوات مستقبلية»، مضيفا: «كل الطائرات من كل الدول سيُسمح لها بالطيران في المجال الجوي السعودي بشرط استيفاء كل الدول للشروط».
وحول الملف اليمني، قال: السعودية تعمل بخطوات جادة ليس للوصول إلى تمديد للهدنة في اليمن فحسب، بل إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار، يفتح الباب لمحادثات سياسية يمنية - يمنية تنهي الصراع، وهذا يتطلب أن يستوعب الحوثيون أن مصلحة اليمن في السلام والحوار وجعل اليمن أولا، وليس الأجندات الإقليمية. مشيرا إلى ضرورة التعاون الدولي لوقف استمرار تدفق السلاح الإيراني إلى اليمن، وهذا عامل مهم، لأنه جزء كبير من تأجيج الصراع واستمرار الاقتتال، «ونأمل أن يتكاتف المجتمع الدولي لمنع استمرار تدفق هذه الأسلحة إلى اليمن، بما يسهم في الوصول إلى حل دائم».
وأكد وزير الخارجية أن هناك تناغما كاملا في الأهداف وتنسيقا كبيرا بين السعودية والإدارة الأمريكية في ما يتعلق بالتعامل مع الملف الإيراني، الملف النووي أو النشاط الإقليمي، والمهم أن هناك تناغما عربيا كبيراً في هذا الجانب، وأهمية التعامل مع التهديدات بجدية، وأصبح واضحا لكل من أراد أن تكون له أجندة في المنطقة أن يتعامل مع السعودية والدول الحاضرة في القمة، ومن أراد أن تكون له أجندة عالمية لا بد أن يتحدث مع السعودية والدول الحاضرة في القمة، لأن الترابط الاقتصادي العالمي والأدوار الموجودة سواء للسعودية أو الدول الأخرى تفرض أن تصبح المنطقة شريكا أساسيا لكل طرف، لذلك نرى دولا كثيرة تأتي إلى المنطقة للحوار وعقد الشراكات الإستراتيجية، وهذا أتى نتيجة ما وصلت إليه المنطقة من نضج في منظومة العمل العربي، وخصوصا الدول الفاعلة في العالم العربي، إذ أصبحت تنسق بشكل عالي المستوى بين بعضها البعض لتوحيد النظرة والأجندة بشكل يجعل لها قوة ومنعة، وكلمة ولي العهد أكدت بوضوح هذه المضامين، وأن صوتنا مهم ويعادل أي دولة في العالم ولنا مسؤولية بأن نسهم في وضع أجندة عالمية تخدم منطقتنا وكافة الدول، وهذه المسؤولية نستشعرها بشكل كبير، ونبني عليها.