«مشرحة بغداد».. جثث ناطقة بآلام العراقيين
الجمعة / 23 / ذو الحجة / 1443 هـ الجمعة 22 يوليو 2022 03:14
«عكاظ»(جدة) Okaz_online@
مشرحة بغداد.. رواية للكاتب برهان شاوي، تعد واحدة من الروايات التي تنتمى إلى أدب الديستوبيا العربية؛ وهو الأدب الذي يُعرف أيضاً بأدب المدينة الفاسدة، إذ جعلنا الكاتب (برهان الشاوي) نشاهد ما يحدث من سفك للدماء ومجازر للقتل والخيانات والرياء بأرجاء الوطن المذبوح كل لحظة.
حيث يستخدم الكاتب خياله وفقاً لما يعايشه أو يتوقعه فيرسم تلك المدينة التي تسودها الفوضىٰ، ويحكمها الشر المطلق.
شخصية آدم الحارس غريبة نوعاً ما وتدعو للتساؤل، فهو من جانب يقرأ بنهم الكتب الفلسفية والروايات ويتوق لمعرفة حقيقة التكوين رغم تعثره بالدراسة وهجرها قبل أن يحصل على شهادة الإعدادية، واضطراره للعمل كحارس لهذه المشرحة حتى يعين أمه الوحيدة التي تفارق الحياة فيما بعد، ويضبطه مساعد الطبيب ذات ليلة يضاجع جثة امرأة ذبيحة ميتة.
نرى آدم الحارس يهيم بعشق جثة فتاة قتلها شقيقها غسلاً للعار، ثم يتضح بعد تشريحها أنها لم تزل عذراء، وأن حملها الذي خدع عائلتها لم يكن إلاّ ورماً نتيجة اضطراب جهازها التناسلي.
علاقته مع جثث المشرحة تتصف بالعاطفة وبالإنسانية، فقد يقوم بتعديل وضع جثة التوى عنقها حتى يدعها تغفو براحة في نومتها الأبدية، فهو يرى أن تلك الجثث تتنفس الحياة ولذا نجده يمعن النظر، ويسمع الجثث تتحدث فيما بينها كلما حلّ الظلام على المشرحة.
جعلنا نستمع إلى قصص النساء الأربع معهن جثة الطفل الصغير التي سيقت ذلك اليوم إلى المشرحة بعد دوي الانفجار، قصصها تثير الدهشة واعترافاتها التي يقشعر من صدقها البدن.
قصص وحكايات تكشف عن بشاعة وحيوانية الكائن البشري وشغفه الأعمى بهذه الحياة الخادعة.
الموتى يتحدثون.. أجل بصدق مثير. ثم إن آدم الحارس يكتشف أن هذه المشرحة تضم في أحد طوابقها معتقلاً لجثث أعدمت.
يستدرجنا الكاتب إلى واقعية مخيفة جداً في البداية، ثم يباغتنا بعوالم غريبة تدهشنا وتجعلنا في حيرة، ثم نرى الجثث الذبيحة تهرب من المشرحة، وأن مجموعة من الحرس الوطني أبصرت تلك الجثث تسير على الجسر المفضي إلى المدينة، فرار جماعي للجثث من ثلاجات الموتى وقاعات التشريح بعد أن حكت قصصها الغريبة والمخيفة واعترافاتها، ويحرص الكاتب على تلك الحبكة والعقدة والغموض السحري في سرده الأدبي حتى السطر الأخير من الرواية بعد هروب الجثث.
تدور أحداث رواية «مشرحة بغداد» حول العراق، بين الأمس واليوم، وكيف أصبح الإنسان بمثابة مشروع جثة، وليس مشروع حياة، وهو ما تجسد عبر شخصيات الرواية التي أتت على هيئة جثث تجتمع في مشرحة بغداد الكبرى، لتحكي كل واحدة منها بشاعة موتها؛ منها من قضى في انفجار، ومنها من قضى في التعذيب، ومنها من أعدم تحت جنح الظلام.
«كانت كل جثة قد جلست على سريرها النقال، وكانت الجثث ممزقة من الخلف. بعضها في الرأس وبعضها في الصدر. رأس إحداها قد بدت مهشمة من الخلف، وعند أخرى كان نصف القفص الصدري قد اقتلع في الانفجار...».
من خلال ذلك، تبدو الرواية شديدة الكابوسية، وهي تناقش قضية الإنسان والوجودية وتناقضات وجوده وتعقيداتها، حتى يبدو وكأن الموت هو الحياة الحقيقية، وما الحياة سوى كابوس طويل. نستمع إلى إحدى الجثث: «... إن الذي أعرفه هو أننا نبقى لفترة قليلة جداً في هذا العالم ثم ننتقل إلى عالم الأرواح. غداً سنفترق. بعد أن يمزقوا أجسادنا، باحثين عن سبب موتنا. وربما لن يقوموا بذلك. فقط سيأتي أهلنا لأخذنا من هنا لتدفن أجسادنا...».
«مشرحة بغداد» رواية تعبر عن أكثر حالات الإحباط البشري والشعور بعبثية الفعل الإنساني أمام مصيره المحتوم بأساه وتراجيدياه الأزلية الأبدية، وعلاقته بفعل الموت.
حيث يستخدم الكاتب خياله وفقاً لما يعايشه أو يتوقعه فيرسم تلك المدينة التي تسودها الفوضىٰ، ويحكمها الشر المطلق.
شخصية آدم الحارس غريبة نوعاً ما وتدعو للتساؤل، فهو من جانب يقرأ بنهم الكتب الفلسفية والروايات ويتوق لمعرفة حقيقة التكوين رغم تعثره بالدراسة وهجرها قبل أن يحصل على شهادة الإعدادية، واضطراره للعمل كحارس لهذه المشرحة حتى يعين أمه الوحيدة التي تفارق الحياة فيما بعد، ويضبطه مساعد الطبيب ذات ليلة يضاجع جثة امرأة ذبيحة ميتة.
نرى آدم الحارس يهيم بعشق جثة فتاة قتلها شقيقها غسلاً للعار، ثم يتضح بعد تشريحها أنها لم تزل عذراء، وأن حملها الذي خدع عائلتها لم يكن إلاّ ورماً نتيجة اضطراب جهازها التناسلي.
علاقته مع جثث المشرحة تتصف بالعاطفة وبالإنسانية، فقد يقوم بتعديل وضع جثة التوى عنقها حتى يدعها تغفو براحة في نومتها الأبدية، فهو يرى أن تلك الجثث تتنفس الحياة ولذا نجده يمعن النظر، ويسمع الجثث تتحدث فيما بينها كلما حلّ الظلام على المشرحة.
جعلنا نستمع إلى قصص النساء الأربع معهن جثة الطفل الصغير التي سيقت ذلك اليوم إلى المشرحة بعد دوي الانفجار، قصصها تثير الدهشة واعترافاتها التي يقشعر من صدقها البدن.
قصص وحكايات تكشف عن بشاعة وحيوانية الكائن البشري وشغفه الأعمى بهذه الحياة الخادعة.
الموتى يتحدثون.. أجل بصدق مثير. ثم إن آدم الحارس يكتشف أن هذه المشرحة تضم في أحد طوابقها معتقلاً لجثث أعدمت.
يستدرجنا الكاتب إلى واقعية مخيفة جداً في البداية، ثم يباغتنا بعوالم غريبة تدهشنا وتجعلنا في حيرة، ثم نرى الجثث الذبيحة تهرب من المشرحة، وأن مجموعة من الحرس الوطني أبصرت تلك الجثث تسير على الجسر المفضي إلى المدينة، فرار جماعي للجثث من ثلاجات الموتى وقاعات التشريح بعد أن حكت قصصها الغريبة والمخيفة واعترافاتها، ويحرص الكاتب على تلك الحبكة والعقدة والغموض السحري في سرده الأدبي حتى السطر الأخير من الرواية بعد هروب الجثث.
تدور أحداث رواية «مشرحة بغداد» حول العراق، بين الأمس واليوم، وكيف أصبح الإنسان بمثابة مشروع جثة، وليس مشروع حياة، وهو ما تجسد عبر شخصيات الرواية التي أتت على هيئة جثث تجتمع في مشرحة بغداد الكبرى، لتحكي كل واحدة منها بشاعة موتها؛ منها من قضى في انفجار، ومنها من قضى في التعذيب، ومنها من أعدم تحت جنح الظلام.
«كانت كل جثة قد جلست على سريرها النقال، وكانت الجثث ممزقة من الخلف. بعضها في الرأس وبعضها في الصدر. رأس إحداها قد بدت مهشمة من الخلف، وعند أخرى كان نصف القفص الصدري قد اقتلع في الانفجار...».
من خلال ذلك، تبدو الرواية شديدة الكابوسية، وهي تناقش قضية الإنسان والوجودية وتناقضات وجوده وتعقيداتها، حتى يبدو وكأن الموت هو الحياة الحقيقية، وما الحياة سوى كابوس طويل. نستمع إلى إحدى الجثث: «... إن الذي أعرفه هو أننا نبقى لفترة قليلة جداً في هذا العالم ثم ننتقل إلى عالم الأرواح. غداً سنفترق. بعد أن يمزقوا أجسادنا، باحثين عن سبب موتنا. وربما لن يقوموا بذلك. فقط سيأتي أهلنا لأخذنا من هنا لتدفن أجسادنا...».
«مشرحة بغداد» رواية تعبر عن أكثر حالات الإحباط البشري والشعور بعبثية الفعل الإنساني أمام مصيره المحتوم بأساه وتراجيدياه الأزلية الأبدية، وعلاقته بفعل الموت.