كتاب ومقالات

يا تعليم انذبحنا

عبده خال

كل ما يحدث في التعليم هو استعارة تجارب من دول مختلفة، والإسراع بتطبيق المستعار من غير الدراسة المستفيضة لما سيتم تطبيقه في المملكة، وغياب وزارة التعليم عن واقعها أو الوعاء الذي تتحرك فيه يجعلها متشوقة للنجاح بأي صورة كانت. وعشرات التجارب استعارتها الوزارة.. وعشرات الإخفاقات أحدثتها في الواقع.. أنا ابن التعليم ظللت معلماً 26 عاماً.. وفي كل عام يتم إقرار نهج بعينه، والعام الذي يليه تتراجع الوزارة عن القرار السابق.. وبح صوتي (معلماً وكاتباً) أن ذلك النظام يعتبر شاحنة دهست أجيالاً وأجيالاً.. في تجربتي التعليمية وقفت على نتائج التقويم المستمر، وأبرز مساوئ هذا النظام تكوين جيل لا يقرأ ولا يكتب في الغالب الأعم. جيل يعتمد على الملخصات.. ويطالب المدرسين بها وكأنها إرث. جيل ضمن النجاح.. وإذا تعثر الطالب جيء بالمعلم في محاكمة لوم.. واتهامه أنه لم يكن المعلم الذي يعتمد عليه.

ملاحظات كثيرة يكفي ما ذكرته.. وكنت أدعو الله أن أخرج من هذه المهنة قبل أن أتهاوى داخل فصل من الفصول (والحمد لله تهاويت في مكان آخر).. ولأن الزمار يموت ويداه تلعب.. بقيت أتابع سقطات التعليم.. كل هذه السنوات ولا يزال فرس التعليم (من حفرة لدحديرة).. آخر (عبقرة) تطبيق نظام الفصول الثلاثة في الجامعات.. وكالعادة نظام تمّت استعارته، وشمرت وزارة التعليم عن ساعديها لتطبيقه من غير دراسة واقع المجتمع في القبول أو الرفض أو المشورة.. وكنت أشتكي بصفتي (كاتباً ومعلماً) أن الوزارة في اعتماد أي قرار تعليمي لا تؤمن بالمشورة، فهي لا تدخل رجل الميدان في اتخاذ قراراتها القادمة، ولا تشرك أصحاب الخبرة في المجال التعليمي.. ولا تشرك الكتاب ولا تشرك أحداً.. اللهم يتم أخذ القرارات من قبل موظفين في الوزارة.. ويتم إرسال القرارات ليتم تنفيذها على أرض الواقع. وتكون النتيجة مخيبة بعد أن يمضي تطبيق القرار سنة أو سنتين.. إن التراجع جميل عن الأخطاء التي يخبرنا عنها الواقع، وجميل التراجع عن خسارة الوقت الذي يسكب في عملية تعليمية فاشلة.

الآن، ومع تناول مجلس الشورى قرار تطبيق نظام الفصول الثلاثة، المجلس والناس والطلاب لا يريدون شيئاً سوى إعادة النظر في فكرة النظام الذي لا يتماشى مع واقعنا.. وبدلاً من التصريح أن النظام سيستمر كان الأفضل الصمت وأخذ الملاحظات ودراستها.. وبعد ذلك يكون التصريح.

على أية حال (أنا مغسل يدي).. واللي يصير يصير.. انذبحت معلماً ولا أريد أن انذبح كاتباً.