كتاب ومقالات

أرجوكم (اسكتوا) !

ريهام زامكه

هاي (قايز) منذُ نصف ساعة وأنا أكتب وأمسح، وأمسح وأكتب، ولسان حالي يقول يا بنت: «إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب»، وبما إن (ما عندي سالفة) فهذا سبب قوي يدعوني لأسألكم: كم سعر الذهب هذه الفترة بالله؟

وقبل أن تجاوبوني اسمحوا لي أن أخبركم عن فوائد الصمت، أو ما سيعود عليك في حال كان الموقف لا يستدعي الكلام وآثرت أنت أن (تنطم) !

فالسكوت قد يعطيك الفرصة كي تفكر بالأمر كثيراً قبل أن تتسرع بالرد والجواب ثم تندم على حديثك خصوصاً لو كان مع المدام لأنها (حتطلّع عينك)، كما أنه من الممكن أن ينقذك من التعرض للكثير من المشاكل والنقاشات العقيمة خصوصاً مع أصحاب (العقول المتحجرة) التي أكل عليها الزمان ثم شرب بعدها (مشروب غازي).

وبما أنني قلت من البداية «إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب» دعوني أحكي لكم قصة حقيقية وراء هذا المثل، يقال إن هناك رجلاً كان وحيداً، لا يعيش معه أحد، ولا يؤنس وحدته ووحشته إلا (العفاريت) !

ضاقت به الدنيا من وحدته فلجأ إلى شخص (حكواتي) حتى يتحدث معه، وكان دائماً يطلب منه أن يأتي إليه ويجلس معه حتى يشعر بالألفة والمحبة ولا يكلم نفسه، وبالفعل نشأت صداقة بينهما وأصبح هذا الحكواتي يزور الرجل كل يوم ليتحدث معه ويقصص عليه القصص، وقد كان الرجل كريماً معه ويعطيه مالاً مقابل كل جلسة.

ولكن في يوم من الأيام، شعر الرجل بالملل وعدم الرغبة في الكلام أو الاستماع للقصص، وعندها أتى إليه الشخص «الحكواتي» في موعده طلب منه السكوت، وقال له: لا تخف ! سوف أعطيك مالاً أكثر بكثير من المال الذي أعطيتك عندما جئتني لتسرد عليّ القصص، فصمت الرجل طوال اليوم وظل (منطماً) ولم يتفوه بأي كلمة !

وبعد أن انتهى اليوم، قام الرجل ووفى بوعده للحكواتي وأعطاه مالاً كثيراً ففرح وقال في نفسه: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب».

ثم سأل صاحب البيت: هل آتي لك غداً في موعدي؟

فرد عليه الرجل قائلاً: هيّا (اذلف) ولا أشوف وجهك مرة ثانية، ضارباً بالباب والذهب والفضة عرض الحائط.

وقبل أن يسألوني جماعة «ما يستفاد من القصة» أقول لهم: أرجوكم (انطموا)، فأنا مثلي مثل طلال مداح، كنت أهرج والكل حولي سكوت، صرت أتلام وأسكت وأحسب حساب كل صوت.

ولكن على أية حال يا عزيزي القارئ؛ إذا أردت أن تتكلم خصوصاً لو كان كلامك مع سيدة مثقفة، ورزينة، وجميلة، خليك (جنتل مان) وقل لها قولاً حسناً، أو غني لها، وجيب لها هدية، ودلعها و(هشكها وبشكها) أو رجاءً.. (انطم).