«الورطة النووية» القاتلة.. ؟!
الأحد / 02 / محرم / 1444 هـ الاحد 31 يوليو 2022 01:34
صدقة يحيى فاضل
بعد فترة قصيرة من تطوير تقنية استغلال القوة النووية للأغراض الحربية، وتمكن الإنسان من التحكم في عملية الانشطار النووي، وأيضاً الالتحام النووي، استطاع العلماء أن يوجدوا طرقاً وأساليب لاستخدام القوة النووية للأغراض السلمية. فبعد الاستخدام العسكري الناجح لهذه الطاقة، اتضحت إمكانية استخدام تلك القوة الهائلة من أجل البناء والرفاه البشري، وليس من أجل القتل والتدمير. وأصبحت القوة النووية كمصدر للطاقة، وغيره من الاستخدامات السلمية العديدة، رفاه الحاضر وأمل المستقبل. أدى كل ذلك إلى تزايد الاهتمام بالطاقة النووية، وانتشار المعرفة والتقنية والمنشآت النووية في معظم أرجاء العالم المعاصر.
إن الارتباط الوثيق بين منشآت الطاقة النووية «السلمية»، ومشاريع صناعة أسلحة نووية هو ارتباط عضوي وثيق و«مقلق» جداً للأطراف والدول التي يهمها استتباب الأمن والسلم الدوليين، وعدم انتشار الأسلحة النووية، أفقياً بخاصة. وهو يحد من التوسع في هذه الاستخدامات. إن كلا من المشاريع النووية السلمية والمشاريع النووية العسكرية يعتمد (تقريباً) على نفس المنشآت، ونفس التقنية. يتم الحصول على الطاقة النووية من المفاعلات النووية المصممة خصيصاً لتوليد الكهرباء. ولكن تلك المفاعلات تنتج أيضاً مادة «البلوتونيوم».. وهي عنصر أساسي لصناعة الأسلحة النووية تنتجه المفاعلات النووية كـ«فضلات نووية» (Nuclear Waste) نتيجة تشغيلها.
ويمكن صناعة أسلحة (قنابل) نووية بسهولة، إذا توفر البلوتونيوم هذا، أو اليورانيوم المخصب، بالقدر المناسب. ومن ناحية أخرى، فإن نفس مادة الوقود التي تستعمل غالباً لتشغيل المفاعلات النووية (اليورانيوم-235) يمكن تحويلها لإنتاج قنابل نووية، مع وجوب تخصيب اليورانيوم-235 إلى 90% على الأقل، لرفع درجة تخصيبه من 4 أو 5%، (وهي درجة التخصيب الأدنى عند استعمال ذلك النوع من اليورانيوم كوقود للمفاعلات النووية).
****
وباختصار، هناك (تقنياً) طريقتان لصنع متفجرات (قنابل) نووية هما:
(أ) طريق اليورانيوم: حيث تصنع القنبلة النووية من اليورانيوم عالي الخصوبة (U-235). توجد في اليورانيوم الطبيعي (U-238) نسبة ضئيلة جداً من اليورانيوم (U-235) تقدر بـ0.7% فقط. وبذلك، لا بد من إجراء عملية «تخصيب» تتم على اليورانيوم الطبيعي لرفع نسبة محتوياته من اليورانيوم-235 (U-235) إلى درجة 80% على الأقل، أو 90%، حتى يمكن استخدام المستحضر الجديد في صنع القنابل النووية. وهذه العملية تستلزم إقامة منشآت تخصيب بالغة التكلفة والتعقيد.
(ب) طريق البلوتونيوم: يتم استخلاص معدن «البلوتونيوم-239» (Pu-239) من الوقود المستهلك للمفاعلات النووية العادية. فهذا المعدن بالذات لا يوجد في الطبيعة.. ويكون «البلوتونيوم» المستخرج بهذه الطريقة جاهزاً لاستخدامه (مباشرة) في صنع القنابل النووية. وعملية الاستخلاص هذه تحتاج، هي الأخرى، لمعامل استخلاص ذات تقنية عالية.
****
لقد أصبحت المعلومات والتقنية النووية اللازمة لاستغلال القوة النووية للاستخدامات السلمية، وأيضاً العسكرية، متوفرة بشكل واسع. وذلك يمكن أن يؤدي لانتشار السلاح النووي (Nuclear Proliferation) الذي يشكل خطراً فادحاً على السلام والأمن الدوليين. فتلك مشكلة بالغة الخطورة يشار إليها بـ«مشكلة إن» (Nth Problem)، أو «الورطة النوويــــة» (Nuclear Dilemma). ووجود هذه الإشكالية أدى إلى وجود المحاولات الدولية الحثيثة لرصد أي نشاط نووي خارج إطار الدول الكبرى، ومنعه وعرقلته.
فمن أشد ما يخشاه المجتمع الدولي، ممثلاً بالدول الكبرى النووية، هو انتشار التقنية النووية، ومن ثم انتشار السلاح النووي في عدد متزايد من الدول، وهو ما يشار إليه بـ«الانتشار الأفقي». أما «الانتشار الرأسي» فالمقصود به انتشار وتطور الأسلحة النووية في الدول النووية أصلاً. وأكثر ما يخشاه هذا المجتمع الآن هو تملك جماعات إرهابية أسلحة نووية، حتى ولو في هيئة قنابل نووية بدائية، أي غير مكتملة الصنع. فوقوع هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل في يد الإرهابيين الأشرار سيعني إيقاع كوارث بشرية هائلة. وقد بدأت المحاولات الدولية لحظر انتشار السلاح النووي، عبر حظر تداول المعلومات والمنشآت والتقنيات النووية الخطيرة.
وتعود محاولات نزع التسلح النووي إلى عام 1946. غير أن أهم الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، حتى الآن، هي«اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية» (NPT) كما أشرنا، التي بادر بطرحها كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا في العام 1968. وهي الاتفاقية التي تحرم على الدول غير النووية عندئذ امتلاك سلاح نووي، ولكنها تتيح الاستخدام السلمي للطاقة النووية تحت رقابة دولية مشددة من «وكالة الطاقة الذرية الدولية» (IAEA). وقد وقعت معظم دول العالم هذه الاتفاقية، وصادقت عليها.
****
في هذا الإطار، وعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بإعطاء موضوع حظر التسلح النووي أهمية قصوى خلال فترة رئاسته التي شهدت الكثير من التحركات في هذا الصدد، ومن ذلك: عقد قمم الأمن النووي، مرة كل سنتين، والتي تهدف إلى: توسيع نطاق الأمن النووي، وتشديد الرقابة على النشاط النووي في العالم. علما بأن هذه المؤتمرات تتجاهل دائما - تحت ضغوط من واشنطن - النشاط النووي للكيان الصهيوني. وعقدت هذه القمم عدة اجتماعات، الأولى منها في واشنطن عام 2010، والثانية في سيؤول عام 2012، والثالثة في لاهاي عام 2014. وعقدت في واشنطن القمة الرابعة سنة 2016.
إن الارتباط الوثيق بين منشآت الطاقة النووية «السلمية»، ومشاريع صناعة أسلحة نووية هو ارتباط عضوي وثيق و«مقلق» جداً للأطراف والدول التي يهمها استتباب الأمن والسلم الدوليين، وعدم انتشار الأسلحة النووية، أفقياً بخاصة. وهو يحد من التوسع في هذه الاستخدامات. إن كلا من المشاريع النووية السلمية والمشاريع النووية العسكرية يعتمد (تقريباً) على نفس المنشآت، ونفس التقنية. يتم الحصول على الطاقة النووية من المفاعلات النووية المصممة خصيصاً لتوليد الكهرباء. ولكن تلك المفاعلات تنتج أيضاً مادة «البلوتونيوم».. وهي عنصر أساسي لصناعة الأسلحة النووية تنتجه المفاعلات النووية كـ«فضلات نووية» (Nuclear Waste) نتيجة تشغيلها.
ويمكن صناعة أسلحة (قنابل) نووية بسهولة، إذا توفر البلوتونيوم هذا، أو اليورانيوم المخصب، بالقدر المناسب. ومن ناحية أخرى، فإن نفس مادة الوقود التي تستعمل غالباً لتشغيل المفاعلات النووية (اليورانيوم-235) يمكن تحويلها لإنتاج قنابل نووية، مع وجوب تخصيب اليورانيوم-235 إلى 90% على الأقل، لرفع درجة تخصيبه من 4 أو 5%، (وهي درجة التخصيب الأدنى عند استعمال ذلك النوع من اليورانيوم كوقود للمفاعلات النووية).
****
وباختصار، هناك (تقنياً) طريقتان لصنع متفجرات (قنابل) نووية هما:
(أ) طريق اليورانيوم: حيث تصنع القنبلة النووية من اليورانيوم عالي الخصوبة (U-235). توجد في اليورانيوم الطبيعي (U-238) نسبة ضئيلة جداً من اليورانيوم (U-235) تقدر بـ0.7% فقط. وبذلك، لا بد من إجراء عملية «تخصيب» تتم على اليورانيوم الطبيعي لرفع نسبة محتوياته من اليورانيوم-235 (U-235) إلى درجة 80% على الأقل، أو 90%، حتى يمكن استخدام المستحضر الجديد في صنع القنابل النووية. وهذه العملية تستلزم إقامة منشآت تخصيب بالغة التكلفة والتعقيد.
(ب) طريق البلوتونيوم: يتم استخلاص معدن «البلوتونيوم-239» (Pu-239) من الوقود المستهلك للمفاعلات النووية العادية. فهذا المعدن بالذات لا يوجد في الطبيعة.. ويكون «البلوتونيوم» المستخرج بهذه الطريقة جاهزاً لاستخدامه (مباشرة) في صنع القنابل النووية. وعملية الاستخلاص هذه تحتاج، هي الأخرى، لمعامل استخلاص ذات تقنية عالية.
****
لقد أصبحت المعلومات والتقنية النووية اللازمة لاستغلال القوة النووية للاستخدامات السلمية، وأيضاً العسكرية، متوفرة بشكل واسع. وذلك يمكن أن يؤدي لانتشار السلاح النووي (Nuclear Proliferation) الذي يشكل خطراً فادحاً على السلام والأمن الدوليين. فتلك مشكلة بالغة الخطورة يشار إليها بـ«مشكلة إن» (Nth Problem)، أو «الورطة النوويــــة» (Nuclear Dilemma). ووجود هذه الإشكالية أدى إلى وجود المحاولات الدولية الحثيثة لرصد أي نشاط نووي خارج إطار الدول الكبرى، ومنعه وعرقلته.
فمن أشد ما يخشاه المجتمع الدولي، ممثلاً بالدول الكبرى النووية، هو انتشار التقنية النووية، ومن ثم انتشار السلاح النووي في عدد متزايد من الدول، وهو ما يشار إليه بـ«الانتشار الأفقي». أما «الانتشار الرأسي» فالمقصود به انتشار وتطور الأسلحة النووية في الدول النووية أصلاً. وأكثر ما يخشاه هذا المجتمع الآن هو تملك جماعات إرهابية أسلحة نووية، حتى ولو في هيئة قنابل نووية بدائية، أي غير مكتملة الصنع. فوقوع هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل في يد الإرهابيين الأشرار سيعني إيقاع كوارث بشرية هائلة. وقد بدأت المحاولات الدولية لحظر انتشار السلاح النووي، عبر حظر تداول المعلومات والمنشآت والتقنيات النووية الخطيرة.
وتعود محاولات نزع التسلح النووي إلى عام 1946. غير أن أهم الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، حتى الآن، هي«اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية» (NPT) كما أشرنا، التي بادر بطرحها كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا في العام 1968. وهي الاتفاقية التي تحرم على الدول غير النووية عندئذ امتلاك سلاح نووي، ولكنها تتيح الاستخدام السلمي للطاقة النووية تحت رقابة دولية مشددة من «وكالة الطاقة الذرية الدولية» (IAEA). وقد وقعت معظم دول العالم هذه الاتفاقية، وصادقت عليها.
****
في هذا الإطار، وعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بإعطاء موضوع حظر التسلح النووي أهمية قصوى خلال فترة رئاسته التي شهدت الكثير من التحركات في هذا الصدد، ومن ذلك: عقد قمم الأمن النووي، مرة كل سنتين، والتي تهدف إلى: توسيع نطاق الأمن النووي، وتشديد الرقابة على النشاط النووي في العالم. علما بأن هذه المؤتمرات تتجاهل دائما - تحت ضغوط من واشنطن - النشاط النووي للكيان الصهيوني. وعقدت هذه القمم عدة اجتماعات، الأولى منها في واشنطن عام 2010، والثانية في سيؤول عام 2012، والثالثة في لاهاي عام 2014. وعقدت في واشنطن القمة الرابعة سنة 2016.