من السرقة الأدبية إلى الملكية الفكرية !
الثلاثاء / 04 / محرم / 1444 هـ الثلاثاء 02 أغسطس 2022 00:02
منى المالكي
مصطلح «السرقات الأدبية» التهمة التي ألصقت بكل شعرائنا بدءًا من شعراء المعلقات حتى شعراء العصر الحديث وفي كل الثقافات، ولكن ماهي السرقة الأدبية بمعنى كيف أستطيع وصف مبدع أو مخترع أنه سارق جهد الآخرين؟ سأتحدث هنا عن الإبداع وهو الجانب الذي أستطيع الحديث عنه بحكم الدراسة والتخصص، «يتفق المعنى الاصطلاحي للسرقات الأدبية بالمعنى اللغوي لكلمة سرقة، فيدل كل منهما على الفعل ذاته، أي الأخذ، إذ يُقصد بهذا النوع أخذ كلام الغير سواء أكان الأخذ لفظًا أو معنى، وهو أن يعمد الشاعر إلى الأخذ من أبيات شاعر آخر، فإما أن يأخذ معانيها أو ألفاظها، أو صورًا خاصة ابتدعها الشاعر في قصيدته ومن ثم يُنسبها له، وشبيه ذلك انتزاع الفكرة من صاحبها ومُبدعها دون الإشارة له». واشتهر المتنبي بأنه سارق محترف حتى أن هناك مؤلفات قام النقاد بتفنيد أشعاره كاملة وهي أبيات تصل إلى الآلاف حتى يستخرجوا البيت المسروق ويشهروا بأنه شاعر سارق! وهناك من قام في الجانب الآخر بالدفاع عن الشاعر العظيم وذهب إلى تأويلات مختلفة لقضية تشابه المعاني والتفريق بينها وبين الأخذ بالألفاظ! يشير إبراهيم أبو شوفة في كتابه «النص بين السرقات الأدبية والتناص» إلى محاولة بعض الشعراء أن يخلصوا أشعارهم من هذه التهمة تهمة «السطو والسرقة»، إذ كانوا يتفاخرون بالابتعاد عن هذا العيب، مثال ذلك قول طرفة بن العبد:
وَلا أُغيرُ عَلى الأَشعارِ أَسرِقُها
عَنها غَنيتُ وَشَرُّ الناسِ مَن سَرقا
وَإِنَّ أَحسَنَ بَيتٍ أَنتَ قائِلُهُ
بَيتٌ يُقالُ إِذا أَنشَدتَهُ صَدَقا
تطوّرت السرقات الأدبية في العصر الحديث، إذ تغيّر مفهومها ومعناها وأنواعها، فأصبحت تُسمى بظاهرة التناص عند المبدعين؛ أي التأثير والتأثر نتيجة قراءات متعددة أو إعجاب شخصي من قبل المبدع فأراد توظيف هذا التأثير في ما يخدم عمله الأدبي، مثال على ذلك توظيف الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي ظاهرة التناص في كثير من أعمالها الأدبية، ومنها رواية «الأسود يليق بك» إذ لجأت إلى التناص من الحكم والأقوال المشهورة، ومما جاء في الرواية «الثراء نفسه عندما يزيد عن حده يصبح خطرًا على صاحبه»، وهذه الجملة قريبة من الحكمة العربية «إذا زاد الشيء عن حده انقلب ضده».
السؤال المهم هنا: هل هناك حدود ومعايير للتأثير والتأثر في مجال الأعمال الأدبية؟ وهي حقول إنسانية لا تعترف بالحواجز كما أنها نشاط فكري إنساني تحيط به تجارب إنسانية متشابهة على مر العصور. السؤال الأكثر أهمية: السطو على أعمال إبداعية دون العناية بملكية المبدع على الرغم من حسن النية -لو افترضناها- وكانت مبادرة جيدة حققت شهرة وانتشار المبدع كالتعريف به فهل ما تقدم عمل مبرر ولا تعاقب عليه الملكية الفكرية؟
وَلا أُغيرُ عَلى الأَشعارِ أَسرِقُها
عَنها غَنيتُ وَشَرُّ الناسِ مَن سَرقا
وَإِنَّ أَحسَنَ بَيتٍ أَنتَ قائِلُهُ
بَيتٌ يُقالُ إِذا أَنشَدتَهُ صَدَقا
تطوّرت السرقات الأدبية في العصر الحديث، إذ تغيّر مفهومها ومعناها وأنواعها، فأصبحت تُسمى بظاهرة التناص عند المبدعين؛ أي التأثير والتأثر نتيجة قراءات متعددة أو إعجاب شخصي من قبل المبدع فأراد توظيف هذا التأثير في ما يخدم عمله الأدبي، مثال على ذلك توظيف الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي ظاهرة التناص في كثير من أعمالها الأدبية، ومنها رواية «الأسود يليق بك» إذ لجأت إلى التناص من الحكم والأقوال المشهورة، ومما جاء في الرواية «الثراء نفسه عندما يزيد عن حده يصبح خطرًا على صاحبه»، وهذه الجملة قريبة من الحكمة العربية «إذا زاد الشيء عن حده انقلب ضده».
السؤال المهم هنا: هل هناك حدود ومعايير للتأثير والتأثر في مجال الأعمال الأدبية؟ وهي حقول إنسانية لا تعترف بالحواجز كما أنها نشاط فكري إنساني تحيط به تجارب إنسانية متشابهة على مر العصور. السؤال الأكثر أهمية: السطو على أعمال إبداعية دون العناية بملكية المبدع على الرغم من حسن النية -لو افترضناها- وكانت مبادرة جيدة حققت شهرة وانتشار المبدع كالتعريف به فهل ما تقدم عمل مبرر ولا تعاقب عليه الملكية الفكرية؟